قال مسؤول محلي إن خمسة مسلحين متشددين قتلوا اليوم الثلاثاء وأصيب ثلاثة آخرون في غارة جوية نفذها سلاح لجوي اليمني في مدينة جعار بمحافظة أبينجنوب اليمن، حسبما أوردته وكالة أنباء شينخوا. ونقلت الوكالة عن المسؤول المحلي ان الضربة الجوية وقعت في أحد المباني التي تتمركز فيها المسلحين داخل مدينة جعار. وأشارت إلى أن مدنياً قتل أمس وأصيب اثنان آخرون في غارة جوية في منطقة عمودية بأبين. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قالت إن القوات الحكومية اليمنية ربما قتلت عشرات المدنيين في هجمات غير مشروعة خلال قتالها لجماعة مسلحة في محافظة أبين مضيفة ان المسلحين في أبين الذين يطلقون على أنفسهم اسم «أنصار الشريعة»، قد عرضوا بشكل غير قانوني مدنيين للخطر من خلال انتشارهم في مناطق مكتظة بالسكان، وقيامهم بأعمال نهب وغيرها من الاعتداءات. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: «بينما تُقاتل القوات الحكومية اليمنية مسلحين في محافظة أبين، فإن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن. كلا الجانبين في حاجة إلى القيام بالكثير لحماية المدنيين من الأذى، ويجب على الحكومة أن تحقق في انتهاكات محتملة لقوانين الحرب التي ارتكبتها قواتها في محافظة أبين». وقالت المنظمة إن على الحكومة اليمنية أن تجري تحقيقات نزيهة على وجه السرعة في مزاعم ذات مصداقية بشأن الهجمات غير القانونية التي قامت بها قواتها في محافظة أبين. وينبغي محاكمة أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم عن ارتكاب انتهاكات لقوانين الحرب التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وتعويض الضحايا. ووقعت اشتباكات بين الجيش اليمني وقوات أمن الدولة الأخرى مع مسلحين متشددين دامت أكثر من ثلاثة أشهر في أبين. واجتاح المسلحون، الذين تزعم السلطات ارتباطهم بتنظيم القاعدة، بلدة جعار في 27 مارس/آذار واستولوا على زنجبار، وهي عاصمة محافظة أبين يوم 29 مايو/أيار. ونشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً مطلع هذا الأسبوع تضمن شهادات 30 من سكان ونازحي أبين الذين عايشوا المعارك ونزحوا إلى مدينة عدن بعد استيلاء المسلحين على زنجبار وقصف قوات الجيش للمدينة. وقال العديد من شهود العيان إن مقاتلي أنصار الشريعة أطلقوا نيران أسلحة من بينها قذائف صاروخية من مواقع بجوار منازل مأهولة في جعار وزنجبار والقرى المجاورة. وقالت هيومن رايتس إن المسلحين عرضوا المدنيين لخطر لا ضرورة له عن طريق انتشارهم في مناطق المكتظة بالسكان، في انتهاك لقوانين الحرب. وقال الشهود إن الجنود عندما يشنوا هجوما مضادا بقصف أو بتفجير المناطق السكنية يكون المسلحون قد هربوا. وأخطأت القوات الحكومية إحدى المرات فشنت غارة جوية على حافلة مدنية في 29 يونيو/حزيران وقُتل فيه ستة مدنيين وأصيب نحو عشرة آخرين. وقال شاب فقد يده اليمنى في الهجوم: «لماذا هاجمت الحكومة طريقا سيارا مزدحماً؟». وأضاف: «قتل ثلاثة من أصدقائي، ولم نتمكن من العثور على جميع أجزاء جسم واحد منهم». مساعدات إنسانية لا تصل وأعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أن المساعدات الإنسانية لا تصل إلى المدنيين الذين يحتاجون إلى المساعدة والموجودون في مناطق النزاع أو الذين لاذوا بالفرار. ووصف نازحون وأولئك الذين فروا من زنجبار التي يُسيطر عليها المسلحون، بأنها أرض قاحلة مليئة بمنازل مدمرة ومتاجر مُغلقة، وكلاب تأكل الجثث في الشوارع. إنها بدون ماء ولا طاقة ولا اتصالات. وقال شهود إن أعمال النهب - بعضها من قبل بعض المسلحين - كانت على نطاق واسع. وقالوا إن معظم سكانها ال70 ألفا قد فروا، ويقيم كثيرون في خيام تحت الأشجار في المناطق الريفية خارج المدينة. واحتشد عشرات آلاف آخرين في عدن، في مدارس وبيوت مهجورة. وقال نازحون في الملاجئ الثمانية التي زارتها المنظمة إنهم لم يلقوا تقريبا أي طعام أو أي مساعدات إنسانية أخرى من الحكومة. مقاتلو محافظة أبين وقال العديد من الشهود الذين فروا من أبين، أنه يمكن التعرف على مقاتلي أنصار الشريعة من خلال الشعر الطويل واللحية، وأنهم غالبا ما يحملون أعلاما ولافتات كُتب عليها أنصار الشريعة. وقالوا إن العديد من المقاتلين أتوا إلى هناك من مناطق أخرى من اليمن، وأن المجموعة تضم أيضا أعدادا صغيرة من العراقيين والمغاربة والصوماليين والسعوديين. وقال العديد من شهود العيان وكذا تقارير وسائل الإعلام اليمنية والدولية، إن رجال الشرطة وقوات الأمن المركزي وقوات الجيش تراجعت من جعار وزنجبار حينما تقدم المسلحون. واتهمت المعارضة السياسية في اليمن الحكومة بالسماح لجماعة أنصار الشريعة بالسيطرة على أجزاء من محافظة أبين بهدف زيادة المخاوف من سيطرة الإسلاميين إذا ما اضطر صالح إلى الاستقالة. وأفاد شهود ووسائل الإعلام التابعة للدولة، أنه ومنذ أن غادرت قوات الأمن المدن، يقوم لواء الجيش الميكانيكي 25 بإطلاق نيران المدفعية وغارات أخرى على زنجبار والمناطق المحيطة بها انطلاقا من قاعدته في ضواحي زنجبار، بمساعدة القوات الجوية والبحرية. قال شهود إن بعض أعنف مشاهد القتال في زنجبار وقعت في الأيام التي تلت مباشرة استيلاء أنصار الشريعة على المدينة. وقال مهندس من المدينة واصفا أحداث 31 مايو/أيار: «كانت المدينة تحترق أمام أعيننا». وأضاف: «رأيت جثثا متفحمة في الشوارع. انسحبت قوات أمن الدولة من زنجبار، وسمحت للمسلحين بالاستيلاء عليها، ثم بدءوا بقصف الناس الذين يعيشون في زنجبار. قالوا إنهم سوف يُخرجون المسلحين، ولكنهم يدمرون بيوتنا بدلا من ذلك». هرب المهندس مع عائلته في ذلك اليوم، بعد الضربات الجوية التي قتلت اثنين من جيرانه ودمرت عدة منازل مجاورة. وقال إنه باع سيارته لاستئجار شقة في عدن. بحث سكان عن مأوى في مبان مدنية في زنجبار، ولكنهم لم ينجوا من الهجوم. في ليلة 30 مايو/أيار، على سبيل المثال، تجمع حوالي عشرون من السكان في مسجد الشيوبة. وحوالي الساعة 10 صباحا من يوم 31 مايو/أيار، ضُرب المسجد ثلاث مرات على الأقل بسبب ما قال عدة أشخاص كانوا في الداخل إنهم يعتقدون أنها صواريخ، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بما في ذلك شخص يتولى العناية بالمسجد. وقالوا لم يكن في الداخل أي مسلح من أنصار الشريعة أو أشخاص معهم أسلحة. وقال أحد الشهود إن مسلحين كانوا يحتلون مبنى المحكمة في زنجبار أثناء الهجوم، على بعد حوالي 500 متر من المسجد. قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك حاجة إلى إجراء تحقيقات في هجمات عشوائية محتملة من جانب القوات المسلحة اليمنية في جعار وزنجبار. ووصف العديد من الأشخاص الذين فروا من القتال داخل وحول المدينتين أنهم رأوا مدنيين قتلوا أو جرحوا بشظايا المدفعية أو نيران أسلحة صغيرة مع عدم وجود قتال واضح أو أهداف عسكرية قريبة. وقال شاب إنه رأى رجلا سقط قتيلا بينما كان يجلس خارج منزله بعد ما يعتقد أنه هجوم صاروخي على حي التوميسي في زنجبار يوم 30 مايو/أيار. ووصف رجل آخر هجوما مماثلا أسفر عن مقتل فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات وثلاث نساء داخل منزل في جعار يوم 2 يونيو/حزيران. كان يستقل حافلة تعرضت للقصف خلال الهجوم نفسه، وكان في حاجة لتلقي العلاج اللازم في عدن بسبب إصابته في ساقه. وقال العديد من الشهود الذين كانوا في الأحياء التي تم قصفها داخل وحول جعار وزنجبار، إن الجيش اليمني لم يحذر السكان من الهجمات في محافظة أبين. ويلتزم أطراف أي نزاع مسلح وفقا لقوانين الحرب باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك إعطاء إنذار مسبق وفعال بالهجمات ما لم تكن الظروف لا تسمح. انتهاكات في ظل سيطرة المسلحين قال العديد من النازحين إن مسلحي أنصار الشريعة حاولوا فرض تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية على السكان. وقال رجل، إن المسلحين أجبروا السكان، في جعار، على الصلاة، ومنعوا النساء من مغادرة منازلهن دون محرم، وشكلوا لجان أمن ومحاكم إسلامية. كما تورط المسلحون أيضا في النهب والسرقة في انتهاك لقوانين الحرب. وقال السكان الذين فروا، إن المجرمين انضموا للمسلحين فاتسع نطاق عمليات السطو على المنازل.