تحاول قوى الشد العكسي في العالم العربي احباط الثورات العربية وافشالها وتيئيس الشعوب من امكانية التغيير، وتبذل كل ما في وسعها لتحويل الثورات الى حالة احتجاجية دون نتائج. تضم قوى الشد العكسي في العالم العربي، فلول الانظمة الساقطة، والانتهازيين غير الراغبين بالتغيير، واصحاب المصالح المرتبطة بهذه الانظمة، وبعض الانظمة العربية التي لا ترغب بنجاح اي نموذج ثوري عربي، ومعهم بالطبع قوى اجنبية من اوروبا وامريكا والصين وايران، وهي جميعها تتحرك لافشال الحركة الجماهيرية العربية، ولكل واحد منها اسبابه بالطبع، وقد تختلف فيما بينها لكنها تتفق على الوقوف في مواجهة حركة التحرر العربية الجديدة. هذه القوى تعمل على خلق تحالفات على الارض للالتفاف على الثورة وتفكيك مقومات نجاحها من خلال الاستعانة بادوات قادرة على التاثير من الداخل مثل الجيش والقوى السياسية المرتبطة بالغرب ورجال الاعمال والبلطجية و المرتزقة، ففي تونس مثلا اطاحت الثورة براس النظام لكنها لم تطح بالنظام ورموزه كليا، فرجال الرئيس الهارب بن علي لا يزالون يتحكمون بالمفاصل، والادوات الامنية لاتزال على حالها، ولا تزال تتصرف بنفس العنف والعنجيهة مع الناس والمتظاهرين في القصبة. ذات الواقع نجده في مصر حيث يحاول المجلس العسكري، الذي يحكم قبضته على السلطة التسويف وعدم تمكين الثوار من تحقيق اهدافهم باقامة دولة العدالة والحرية والكرامة والمساواة والديمقراطية، ولا يقدم على تنفذ اي خطوة الا تحت الضغط الشعبي والمظاهرات المليونية، ولا يستطيع المجلس العسكري ان يتخلص من لوثة انجذاب العسكر للسلطة مثل المغناطيس، مما دفع المصريين للنزول الى ميدان التحرير في قلب القاهرة والهتاف ضد المجلس العسكري والمطالبة باسقاطه، لشعورهم ان ما يجري هو عبارة عن انقلاب عسكري ناعم يهدف الى تصفية الثورة نهائيا وعلى مراحل والوصول على صيغة حكم العكسر بالتحالف مع بعض القوى. ومن اجل هذا الهدف يقوم تحالف قوى الشد العكسي بتعطيل الانتاج، والحركة الاقتصادية والاعمال، واشاعة الفوضى وعدم الاستقرار وانعدام الامن بهدف تشويه الثورة وتحويلها الى "اضطرابات" او احتجاجات فوضوية لتحويل حياة الناس الى جحيم، فالمجلس العسكري يطبق نفس مفاهيم النظام السابق مع تغيير بعض الوجوه، وهو يمارس الخداع بطريقة ناعمة، واحيانا فجة كما فعل اللواء محسن الفنجري الناطق باسم المجلس عندما هدد الشعب ملوحا باصبعه، وهي الحركة التي اثارت الشعب المصري ودفعتهم للمطالبة باسقاط النظام العسكري بوصفه امتدادا لنظام مبارك المخلوع، بل ان احد المصريين علق على اصبع الفنجري بقوله " دول عايزين يعلمونا الادب، ازاي تجرانا وعملنا ثورة واطحنا بمبارك". اما في ليبيا واليمن وسوريا فقد عملت الانظمة القمعية على جر الثورة السلمية وتحويلها الى مواجهة مسلحة، وقد نجح العقيد معمر القذافي بفرض الحل العسكري على الشعب الليبي، وعمد الى القتل والذبح ومحاصرة المدن وتسميم ابار المياه، ونعم بمؤازرة بعض الدول الاقليمية والدولية التي منحته الفرصة للقضاء على الثورة، وكذلك الامر في اليمن وسوريا حيث تواطات دول عربية واجنبية على دعم نظام علي صالح ونظام بشار الاسد، رغم الثورة الهادرة لملايين التي تنادي بسقوط النظامين الاستبداديين الدمويين في البلدين، وهنا يختلف المشهد عن تونس ومصر حيث يتكفل الدعم الخارجي المباشر وغير المباشر بلعب الدور الاكبر كقوة شد عكسي لتصفية الثورة. من المستحيل هزيمة الشعوب، فارادة الشعوب لا تهزم، والانظمة الاستبدادية القائمة على الظلم ستسقط لا محالة طال الزمن ام قصر، وما تعمله قوى الثورة المضادة والشد العكسي هو تاجيل السقوط لبعض الوقت وزيادة معاناة الشعوب وخسارة المقدرات والثروات والدماء.. ولان الشعوب العربية الثائرة تدرك هذه الحقيقة ولان وعي الشباب العربي يتدفق في الساحات والميادين فان مصير قوى الثورة المضادة هي الهزيمة واللحاق بالانظمة الساقطة.