قال سكان ان الرئيس السوري بشار الاسد واصل يوم الاثنين قصف مدينة دير الزور في شرق البلاد بالدبابات لليوم الثاني على التوالي في تصعيد لحملة العنف ضد المحتجين مما دفع دولا مجاورة الى ادانة الرئيس السوري واستدعاء سفرائها من دمشق. وأصبحت حملة الاسد المستمرة منذ خمسة أشهر على معارضيه واحدة من أشد الاحداث دموية في موجة الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي هذا العام. وتفاقم العنف في الايام السبعة الماضية بعد ان أمر الاسد بشن هجوم بالدبابات على مدينتين.
والتزم زعماء عرب الحذر تجاه انتقاد واحد منهم لكن العاهل السعودي الملك عبدالله كسر حاجز الصمت العربي بتدخل نادر ليل الاحد وطالب بانهاء اراقة الدماء واستدعى سفير بلاده من دمشق. وبعد ساعات استدعت الكويت والبحرين سفيريهما لدى سوريا أيضا.
وصدر البيان السعودي بالتزامن مع دخول دبابات وجنود سوريين مدينة دير الزور في شرق البلاد في تصعيد اخر لاخماد الانتفاضة ضد حكم أسرة الاسد المستمر منذ 41 عاما وهيمنة الاقلية العلوية على الحكم. وأبلغ احد السكان ويدعى محمد رويترز عبر الهاتف ان ضاحية الحويقة تتعرض لقصف عنيف من مركبات مدرعة وان المستشفيات الخاصة مغلقة وأن الناس يخشون نقل المصابين للمنشات الحكومية لانها تعج بالشرطة السرية.
وأضاف ان 65 شخصا على الاقل قتلوا منذ اقتحمت دبابات ومركبات مدرعة المدينة الواقعة على بعد 400 كيلومتر شمال شرقي دمشق يوم الاحد وسحقت حواجز وفتحت نيرانها.
وقال شهود عيان ونشطاء ان القوات السورية قتلت ثلاثة اشخاص على الاقل يوم الاثنين عندما اطلقت النار على جنازة أحد المحتجين الذين يطالبون بالديمقراطية في مدينة درعا بجنوب البلاد.
وفي وقت لاحق عزل الاسد وزير الدفاع علي حبيب وعين بدلا منه رئيس الاركان العماد أول داود راجحة. وقالت الوكالة العربية السورية للانباء ان حبيب مريض. وكان حبيب أضيف الى قائمة عقوبات الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي لدوره في سحق الاحتجاجات.
والانسحاب المفاجيء لسفراء دول عربية خليجية يترك للاسد اصدقاء دبلوماسيين قلائل. وفرضت الدول الغربية عقوبات على مسؤولين سوريين وحذرت دول لها علاقات وثيقة مع دمشق مثل روسيا وتركيا الاسد من ان الوقت أمامه ينفد.
لكن الدول لم تقترح القيام بعمل عسكري مثل الذي شن ضد الزعيم الليبي معمر القذافي.
وكان الانتقاد السعودي هو أعنف نقد توجهه المملكة لاي دولة عربية منذ ان بدأت موجة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية تجتاح منطقة الشرق الاوسط في يناير كانون الثاني وأطاحت برئيسي تونس ومصر وأشعلت حربا أهلية في ليبيا واضطرابات في اليمن وهزت النظم الحاكمة في المنطقة كلها.
وقال العاهل السعودي في بيان تلي على قناة العربية "ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية." واضاف أنه يتعين على سوريا "ايقاف الة القتل واراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الاوان وطرح وتفعيل اصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع."
واضاف البيان "مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما اما ان تختار بارادتها الحكمة او ان تنجرف الى اعماق الفوضى والضياع." وجاء الهجوم على دير الزور المنتجة للنفط والمتاخمة للعراق بعد أسبوع من اقتحام دبابات مدينة حماة التي يقول ناشطون ان العشرات قتلوا فيها ايضا. وقالت الوكالة العربية السورية للانباء يوم الاثنين ان الجيش ينهي عملياته هناك.
وقالت الوكالة ان وحدات الجيش السوري التي كلفت باستعادة الامن والاستقرار بدأت تغادر المدينة بعد ان أدت واجبها وان الحياة تعود تدريجيا الى طبيعتها كالمعتاد. لكن نشطا في حماة قال ان دبابات مازالت موجودة في أجزاء من المدينة وان قوات الامن تقوم باعتقالات.
ودعت الجامعة العربية الى وضع نهاية لاراقة الدماء. لكن الامين العام للجامعة قال يوم الاثنين انه سيلجأ الى الاقناع بدلا من "الاجراءات الجذرية" للمطالبة بانهاء العنف في سوريا بينما استبعدت الكويت العمل العسكري ضد الاسد.
وتتناقض هذه الردود المتحفظة مع اقرار الجامعة العربية لمنطقة "حظر طيران" فوق ليبيا تفرضها طائرات حلف شمال الاطلسي لدعم المعارضين الذين يقاتلون معمر القذافي. وكررت فرنسا نداء للاسد لانهاء الحملة العسكرية التي تقول منظمات حقوقية انها أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 مدني.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستين فاج "وقت الحصانة انتهى للسلطات السورية. هذا القمع الدموي واسع النطاق يجب ان يتوقف." وقالت ألمانيا ان الاسد سيفقد شرعيته اذا لم يوقف الحملة ويجري حوارا مع معارضيه.
وقال محللون ان من غير المرجح أن يؤدي انضمام السعودية للضغوط الدبلوماسية المتنامية على سوريا الى ردع الاسد الذي وصف الحملة بأنها واجب وطني. وقال رامي خوري محلل شؤون الشرق الاوسط ومقره بيروت انه لا توجد أدلة على ان البيانات أو الضغوط الخارجية مثل العقوبات لها أي أثر على سياسات النظام.
والعلاقات بين المملكة العربية السعودية والاقلية العلوية الحاكمة في سوريا متوترة منذ اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق عام 2005 . وكان الحريري سنيا مدعوما من الغرب وكان يحمل ايضا الجنسية السعودية.
وفي القاهرة استنكر شيخ الازهر أحمد الطيب يوم الاثنين قمع المظاهرات السلمية في سوريا مشددا على أن ما يحدث "مأساة" لا بد من وضع نهاية لها. ونفت السلطات السورية وقوع أي هجوم في دير الزور. وذكرت الوكالة العربية السورية للانباء ان دير الزور لم تدخلها دبابة واحدة ووصفت التقارير عن وجود دبابات في المدينة بأنها من عمل قنوات تلفزيونية فضائية محرضة.
وتفرض سوريا حظرا على اغلب وسائل الاعلام المستقلة منذ بداية الاحتجاجات الشعبية ضد الاسد الامر الذي يجعل من الصعب التحقق من روايات السكان والنشطاء والسلطات. وقال ناشط اخر "هجوم دير الزور قد يمثل نقطة التحول حيث سيؤدي القمع الى نتائج عكسية وسيبدأ الشعب في حمل السلاح ضد النظام ... الاسد لا يمكنه قمع امة بأكملها مثل سوريا وينتظر من الناس ان يقفوا مكتوفي الايدي والالاف يقتلون او يختفون."
وتقول السلطات السورية انها تواجه هجمات مسلحة منذ بدء الاحتجاجات في مارس اذار والقت اللوم على مخربين مسلحين وحملتهم مسؤولية مقتل مدنيين واتهمتهم بقتل 500 فرد من رجال الامن. وعرض التلفزيون السوري يوم الاحد صورا لجثث طافية على مياه نهر العاصي قرب حماة وقال ان 17 من رجال الشرطة قتلوا في كمين في المدينة.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي اقام علاقات قوية مع الاسد ولكنه بات يوجه انتقادات حادة للحملة ان وزير خارجيته احمد داود اوغلو سيزور دمشق يوم الثلاثاء. وقال اردوغان ان وزير خارجيته سيسلم "رسالة حاسمة" مما دفع مستشارة الرئيس الاسد لوصف البيان التركي بأنه غير متوازن.
وقالت الخارجية الامريكية ان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية تحدثت مع نظيرها التركي يوم الاحد وطلبت منه "دعم" موقف واشنطن المطالب بان تعيد سوريا القوات الى ثكناتها وتفرج عن السجناء السياسيين.
وفي وقت لاحق قال المتحدث باسم الخارجية الامريكية مارك تونر يوم الاثنين ان واشنطن "سعدت" بخطوات الادانة العربية لسوريا ووصفها بأنها علامة أخرى على شعور المجتمع الدولي بالاشمئزاز من الافعال التي يقوم بها الرئيس الاسد.