اختفى معمر القذافي من الساحة مع سيطرة المعارضين على معقله السابق طرابلس. ويريد المعارضون القبض عليه هم والمحكمة الجنائية الدولية. لكن يجب ان يعثروا عليه أولا.
ولم يشاهد القذافي علنا منذ منتصف يونيو حزيران ويتكهن اعداؤه بأنه ربما غادر العاصمة الليبية أو حتى البلاد. ومع تقدم المعارضة توقفت خطابات القذافي الطويلة التي يذيعها التلفزيون في تجمعات حاشدة وأصبحت نداءات متقطعة عن طريق الهاتف من مخابيء مجهولة.
وعلى مدى حكمه الذي استمر 41 عاما صنع القذافي لنفسه شخصية أقرب ما تكون الى "معبود الجماهير" حيث وضعت صوره على لافتات في أنحاء ليبيا وعبر عن فلسفته في "الكتاب الاخضر". وقدم نفسه على انه ابو الامة وعلى المسرح العالمي على انه محارب ضد الاستعمار وداعية للامة العربية في البداية ثم داعية للمصالح الافريقية.
وليس هناك شك في انه كان يتمتع بقدر من التأييد الشعبي ولذلك فان القبض عليه واظهار ان حكمه انتهى فعلا سيكون مسألة حيوية بالنسبة للحكومة القادمة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه - الذي قادت حكومته الجهود الدولية للاطاحة بالقذافي - يوم الاثنين ان باريس لا تعلم مكان وجوده. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان لندن ليس لديها تأكيد بشأن مكانه أيضا.
واذا كان القذافي قد فر من طرابلس فمن المحتمل ان يكون توجه الى سرت مسقط رأسه حيث يمكن ان يجد بعض التأييد والتعاطف. وفي بداية الانتفاضة قالت بريطانيا ان من المعتقد ان يكون القذافي في طريقه الى فنزويلا حيث سيقابل بترحيب حار من صديقه هوجو تشافيز.
وثبت خطأ هذا لكن في الاسبوع الماضي أدت شائعات بأن طائرة فنزويلية تقف في مطار ليبي الى تجدد التكهنات بأنه قد يتجه للمغادرة.
واذا كان موجودا في طرابلس فمن المرجح ان يكون في مخبأ بمجمع عسكري. وألقي القبض بالفعل على اثنين من ابنائه وهما سيف الاسلام ومحمد لكن القوات الموالية له مازالت تبدي مقاومة شرسة في أجزاء عديدة من المدينة يوم الاثنين.
وأشار تلفزيون العربية الى ان ابنا اخر له هو خميس القذافي موجود في مجمع باب العزيزية في طرابلس. وكانت اخر مرة شوهد فيها القذافي علانية يوم 12 يونيو حزيران في لقاء مع رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج الروسي كيرسان ايليومجينوف الذي قال ان الزعيم أبلغه بأنه ليس لديه النية لمغادرة البلاد.
وفي الشهور الستة الاولى من الانتفاضة أقدم القذافي البالغ من العمر 69 عاما على الظهور بطريقة تلقائية وغريبة مرات عديدة لحشد التأييد واظهار التحدي. وأيا كان المكان الذي يختبيء فيه القذافي فانه لابد وانه يفكر في مصيره بينما يرد في خاطره الزعماء الاخرون الذين أطيح بهم من السلطة.
فالرئيس المصري حسني مبارك يحاكم الان بتهمة اصدار الاوامر لقتل متظاهرين في الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكمه في فبراير شباط. والرئيس التونسي زين العابدين بن علي أول زعيم عربي يسقط في انتفاضة الربيع العربي يقيم في المنفى في السعودية لكنه يواجه المحاكمة غيابيا.
وبعد بحث طويل عثر على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يختبيء في حفرة في الارض بعد تسعة أشهر من الغزو وأعدم وعرضت صوره على شاشات التلفزيون. ومازالت المحاكمة تحت اشراف دولي قد تكون أفضل خيار أمام القذافي.
وفي عام 1989 القي القبض على الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته ايلينا بعد محاولتهما الهرب من العاصمة بطائرة هليكوبتر وجرى أعدامهما بعد محاكمة صورية سريعة. وقالت جنوب افريقيا التي تزعمت جهود وساطة افريقية فاشلة يوم الاثنين انها لا تساعد القذافي على مغادرة ليبيا وأنها تعلم انه لن يطلب حق اللجوء هناك.
ونفت وزيرة خارجية جنوب افريقيا ميتي نكوانا ماشاباني تكهنات بأن بلادها ارسلت طائرة الى ليبيا. وقالت "تود حكومة جنوب افريقيا أن تفند وتبدد الشائعات التي تقول انها أرسلت طائرات الى ليبيا لنقل أفراد الى أماكن غير معلن عنها أو الى جنوب افريقيا."
وطالب رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني الزعيم الليبي بانهاء "المقاومة العقيمة" وحث قوات المعارضة الليبية التي دخلت طرابلس على تجنب الانتقام. وقال برلسكوني في بيان "نطلب من العقيد القذافي ان يوقف كل صور المقاومة العقيمة من اجل انقاذ شعبه من مزيد من المعاناة."