ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن إسرائيل وجمهورية المالديف، أصغر دولة مسلمة في العالم، استأنفت علاقاتهما الدبلوماسية المجمدة منذ 31 عاما الجمعة 25-9-2009، فيما وصفه مراقبون بأنها محاولة إسرائيلية جديدة للتقارب والتطبيع مع الدول الإسلامية. يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن لقاء سريا عقد مؤخرا بين كل من وزير الخارجية الإسرائيلية "إفيجدور ليبرمان" ونظيره المغربي "الطيب الفاسي" لتنشيط العلاقات بين البلدين، مشيرة كذلك إلى اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" عقد لقاءات مع وزيري خارجية كل من البحرين وقطر بهدف اتخاذ خطوات جادة على صعيد التطبيع. ولم يصدر حتى ظهر السبت 26-9-2009 أي تعقيب رسمي سواء من المغرب أو قطر أو البحرين على أقوال الصحيفة الإسرائيلية.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر رسمي إسرائيلي أن إسرائيل وجمهورية جزر المالديف الواقعة في المحيط الهندي "استأنفتا علاقاتهما الدبلوماسية بشكل كامل".
وأوضح المسئول الإسرائيلي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن اتفاقا وقعه ليبرمان ومسئول كبير في المالديف بخصوص استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت مؤخرا في نيويورك.
وفي السياق ذاته لفت المسئول إلى أن الدولتين قررتا في هذا الإطار التعاون في مجالات السياحة والصحة والتربية.
وكان الرئيس المالديفي السابق "مأمون عبد القيوم" يتصدى بشدة لأية محاولة للتطبيع مع إسرائيل، وكانت أولي القرارات التي اتخذها بعد انتخابه رئيسًا للبلاد عام 1978م، سحب اعتراف المالديف ب"إسرائيل"، وإغلاق سفارتها بالعاصمة "ماليه"، والمضي قدمًا في توثيق علاقات بلاده مع العالم العربي والإسلامي.
ورفض عبد القيوم إقامة علاقات مع تل أبيب دون أن يرى ميلاد دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
وظلت المالديف طوال سنوات حكم عبد القيوم عصية على الاختراق الإسرائيلي ورافضة لكل المغريات المقدمة لها لفتح بعض النوافذ مع تل أبيب، شأنها شأن العديد من الدول الإسلامية، بحسب مراقبين.
ولكن بعدما أطاح الرئيس المالديفي الحالي "محمد نشيد" بعبد القيوم من السلطة في شهر نوفمبر 2008، تبنى توجها مرحبا بالتطبيع، وذلك "لتسديد فواتير العملية الانتخابية التي قادته للسلطة عبر دعم منظمات تسير في الفلك الأمريكي الإسرائيلي"، بحسب ما تردد في الأوساط الصحيفة والإعلامية المالديفية.
لقاء سري
وعلى صعيد التحركات الإسرائيلية للتطبيع مع دول العالم الإسلامي، ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية الجمعة أن وزير الخارجية "أفيجدور ليبرمان" التقى نظيره المغربي "الطيب الفاسى الفهري" سرا فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت مؤخرا.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن "الاجتماع شهد اتفاقا على تنشيط العلاقات بين المغرب وإسرائيل".
وفي السياق ذاته، نقلت "معاريف" عن مسئولين إسرائيليين قولهم إن نتنياهو ينوى الالتقاء بوزيري خارجية كل من البحرين وقطر في مسعى لتطبيع العلاقات مجددا معهما.
وأوضح المسئولون في تصريحاتهم للصحيفة الإسرائيلية أن نتنياهو سيلتقي كبار المسئولين في البلدين اللذين قاما بسحب أعضاء ممثلتيهما من تل أبيب مع بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني وإصابة نحو 5450 آخرين.
وشددوا على أن هذه اللقاءات تأتي في إطار الجهود الأمريكية الإسرائيلية لتطبيع العلاقات بين تل أبيب وعدد من الدول العربية.
خطوات نحو التطبيع
وتقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول المسلمة وخصوصا تركيا، وفي المقابل لا تقيم حاليا علاقات دبلوماسية كاملة سوى مع دولتين عربيتين هما مصر والأردن، بموجب اتفاقيتي سلام.
وكان وفد طبي إسرائيلي يضم 70 متطوعا قد توجه إلى دولة أذربيجان ذات الغالبية المسلمة أوائل شهر سبتمبر الجاري لإجراء جراحات لمصابين بالصمم وضعف السمع، وتدريب الأطباء هناك على كيفية التعامل بفاعلية مع هذا المرض؛ بحسب ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الأربعاء 2-9-2009.
ووصف مراقبون تلك الخطوة بأنها محاولة من إسرائيل لتحسين صورتها لدى الدول الإسلامية، والفوز بموطئ قدم في جمهوريات آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية.
ووقعت إسرائيل في السنوات الأخيرة مع أذربيجان عقودا لبيع أسلحة، وأقامت علاقات وثيقة في المجال الاقتصادي والعسكري مع كازاخستان.
وتعتبر منطقة آسيا الوسطى من بين المناطق التي تشهد تنافسا حادا بين القوى الدولية والإقليمية المختلفة (إيران وتركيا وإسرائيل)، نظرا للأهمية الجيوبوليتيكة والإستراتيجية لهذه المنطقة، إذ تتمتع بوجود مصادر غنية من النفط والغاز الطبيعي، والتي تصل إلى 13 مليار طن من النفط و3 آلاف مليار طن من الغاز، وهو ما يجعل المنطقة تحتل المركزين الثاني والثالث على المستوى العالمي من حيث مصادر النفط والغاز الطبيعي على التوالي.