يواصل نظام الرئيس علي صالح في أداء حملة شرسة لاستهداف النساء المناهضات له، أثناء مشاركتهن في مسيرات مطالبة بإسقاطه. ولعلها صراحة من أن الانتهاك لا يتوقف عند أي أحد، مع سلسلة التنكيل بالنساء والفتيات والاعتداء عليهن وهو ما يعد عيباً، وانتهاك صارخ لعادات شعب محافظ كالشعب اليمني. ومع اشتداد القمع الذي يوجهه النظام على شباب الثورة السلميين، تزايدت عمليات استهداف النساء وتعرضهن لإصابات خطيرة فضلاً عن قتلهن من قبل مجموعة من المرتزقة بمعية القوات المسلحة الموالية للنظام. وسجلت منظمات حقوقية ارتفاع أعداد النساء اللاتي تعرضن للقمع أثناء مشاركتهن في مسيرات احتجاجية. الأحد الماضي استشهدت عزيزة عبده عثمان المهاجري في محافظة تعز وأصيبت بجوارها عدد من النسوة لتسجل كأول شهيدة تسقط في الثورة المنطلقة منذ منتصف يناير الماضي. ولقيت عزيزة مصرعها وهي ضمن مظاهرة نسائية خرجت تطالب بإسقاط النظام انطلقت من ساحة الحرية بمحافظة تعز، مروراً بعدة شوارع بالمدينة ومنها «وادي المدام»، آخر الأماكن الذي وطأت فيها أقدام اليتيمة العذراء قبل أن ترحل إلى ربها بجسدها الطاهر. وقبلها بأيام قليلة تعرضت 22 امرأة في ذات المحافظة لإصابات مختلفة خلال تظاهرة مرت بمنطقة الجحملية، وتعرضت لاعتداء من عدد من الشبان المأجورين والأطفال، وثلة من النساء المؤيدات للنظام أثناء احتفالهن بفوز اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام. واستخدم «البلاطجة» في الهجوم الحجارة والزجاجات الفارغة. وأبدت أوساط شبابية واجتماعية استنكارها من الاعتداء على نسوة خرجن يطالبن بالديمقراطية، فيما أظهرت سأمها من تناقض المشهد، فخلال ما كان يكرم العالم المرأة اليمنية بجائزة نوبل، تتعرض النساء لأشد هجوم وتنكيل لا زال مستمر حتى الآن. ويوم الثلاثاء الماضي في العاصمة صنعاء أصيبت فتاة برصاصة قناص أصابت كبدها، وبجوارها استشهد العشرات، فيما كانت أعداد الجرحى بالمئات حينما فتحت قوات الأمن والبلاطجة النار على الثوّار وهم في مسيرة في منطقة القاع بعد خروجهم من مسيرة انطلقت من ساحة التغيير بصنعاء. وقال شهود عيان بأن الثوّار تعرضوا للطعن المباشر بالسلاح الأبيض «الجنابي» والسكاكين، والفؤوس، فضلاً عن الرصاص والغازات السامة كما تجري العادة، حيث اعتقل أكثر من 300 شخص بينهم جثث لثوّار سقطوا برصاص الأمن والبلاطجة. وقالت ملاك الأكوع وهي إحدى ثائرات محافظة تعز ل«المصدر أونلاين» بأن النظام عاش على الدم وتسلى في فعل ذلك، ومن المستحيل أن يغير من هذا المنهج، وإن بسط ذلك المنهج ليصل إلى الاعتداء على النساء والأطفال. وأبدت استغرابها من نظام يقتل النساء ويسبب لهن الجرح والألم والخوف، فيما العالم يكرمهن بأرقى جائزة كونية، وذلك في حصول الثائرة توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام. وإذ تفتخر ملاك بفوز يمنية بالجائزة، لكنها تعتبر من يقتل ببرود دم وأعصاب يستطيع أن يعمل أكثر من ذلك، متخوفة من قيام النظام بأسوأ من إرهاب النساء مناهضات له بما يصل إلى الاغتصاب كجزاء لمناهضتهن، وهو ليس ببعيد حسب قولها. وفي محافظة ذمار ذكرت مصادر محلية أن امرأة أصيبت برصاص أطلقه مسلحون موالون للحزب الحاكم الثلاثاء الماضي. وقالت المصادر إن «فاطمة علي رسام» أصيبت برصاص أحد المسلحين أثناء ما كانت تلوح لشباب الثورة الذين يشاركون في مسيرة حاشدة مرت من أمام منزلها اليوم، ونقلت على إثرها للمستشفى. وخرجت المسيرة التي جابت عدد من الشوارع في المحافظة تنديداً بجرائم قوات الرئيس علي عبدالله صالح ضد شباب الثورة المستمرة بالعاصمة صنعاء. ودان تحالف قبائل اليمن في بيان صدر له الاثنين الماضي اعتداءات قوى النظام المسلحة على النساء في تعز وتصل هذه الاعتداءات إلى قتل إحداهن. واعتبر التحالف قتل النساء أكبر درجات العيب الأسود. وأضاف البيان: إنه لا عذر بعد اليوم لأحد وأنه لا يجوز لأحد السكوت على هذه الأعمال التي تؤكد السفه الأخلاقي والإفلاس التي وصل إليها صالح وأبناء عائلته الذين صاروا لا يحترمون كرامة وأعراض الشعب ووصل الحد بهم بعد سفك دماء الشباب السلميين وهدم البيوت والاعتداء على بيوت الله وتفجير رؤوس الأطفال الرضع بالأسلحة الثقيلة إلى قتل النساء ومخالفة جميع الشرائع السماوية والأديان والأعراف والأسلاف البشرية والمواثيق الدولية والدستورية والقانونية وأخلاق الحرب التي تحرم وتنكر قتل النساء والأطفال والشيوخ منذ ما قبل الإسلام وما بعده. وتوالت التنديدات، فقد طالب المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية مجلس الأمن الدولي بإجراءات ملزمة ورادعة بحق عناصر بقايا النظام التي لا تستهدف المعتصمين والمسيرات السلمية فحسب بل المواطنين والمدنيين الآمنين في الشوارع والمساكن بما في ذلك النساء والأطفال في عنف غير مسبوق لم تشهده أكثر الأنظمة إجراماً ودموية مستخدماً بذلك كل مؤسسات الدولة المدنية من مدارس ومستشفيات ووزارات ومنشآت ومباني مواطنين بالإكراه. ودولياً، قالت منظمة العفو الدولية إن أي انتقال مستقبلي للسلطة في اليمن، يجب أن لا يمنح علي عبدالله صالح والمقربين منه، ممن كانوا مسئولين عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أي حصانة من المحاكمة. وأدانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الثلاثاء المنصرم قتل المحتجين السلميين في مدينتي صنعاء و تعز، في الأيام الثلاثة الماضية، والناجم عن الاستخدام العشوائي للقوة من قبل قوات الأمن اليمنية. وقال روبرت كولفيلة المتحدث باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تصريح له «إننا قلقون جدا من الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في جو حصانة كاملة من الجرائم والذي أدى إلى خسائر فادحة من قتلى و جرحى بالرغم من التعهدات المتكررة من الحكومة بعكس ذلك». وأضاف كولفيل «يجب أن يحاكم المسئولون عن قتل المئات منذ بدء الاحتجاجات في اليمن قبل 8 أشهر، بغض النظر عن مناصبهم أو رتبهم». ووجهت توكل كرمان الناشطة الفائزة بجائزة نوبل للسلام مناشدة قوية للأمم المتحدة لتتبرأ من خطة ترعاها دول خليجية تمنح الحصانة لرئيس علي عبد الله صالح الذي قالت كرمان إنه «مجرم حرب». وقالت للصحفيين أثناء تنظيمها الثلاثاء الماضي لاعتصام بالقرب من مبنى الأممالمتحدة في نيويورك وكان بانتظارها نحو 150 امرأة يمنية من مؤيديها لرفض إعطاء حصانة للرئيس صالح وأسرته من الملاحقة القضائية التي تتضمنها المبادرة الخليجية. وتشارك النساء في اليمن إلى جوار أشقائهن الرجال في الانتفاضة الشعبية المطالبة بإسقاط نظام علي صالح الذي يحكم البلد منذ 33 عاماً. كما شاركت النساء في التظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية، ولم تمنعها عادات البلد المحافظ من الخروج والمساهمة في صياغة عقد جديد للبلد، وتغيير نظام الحكم الذي ينشد اليمنيون إدراك ذلك.