كسر الناشط الشبابي حمير المقبلي حاجز الخوف وأظهر استعداده لدفع فاتورة الحرية مهما كانت باهضة موقناً أن طريق النضال والثورة ليس آمناً ولا مفروشاً بالورود. فبعد أن خرج مع زملائه طلاب الجامعة ضمن الطلائع الأولى لثورة التغيير، اختطف واعتقل لحوالي شهرين ثم أفرج عنه، ثم اختطف مجدداً وأطلق قبل أيام. هذه المرة، لم يخرج حمير من السجن إلى البيت ولا إلى ساحة التغيير، بل إلى المستشفى في ظل وضع صحي سيئ نتيجة التعذيب الذي لاقاه في سجن الأمن القومي. «المصدر أونلاين» التقى الحميري في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا ليستمع منه الى المعاناة التي عاشها خلال فترتي اعتقاله. حاوره: محمد علي القاعدي * بداية لو تحدثنا كيف تمت عملية اختطافك للمرة الثانية؟ - المرة الأولى تم اختطافي أنا والصحفي عبدالكريم ثعيل وبسام ثعيل ونحن على سيارتي في الحصبة بتاريخ (14 أكتوبر) وبقينا في سجن الأمن القومي شهرين ومن ثم أفرجوا عنا. أما المرة الثانية فقد كانت حالتي الصحية سيئة وسيارتي بها بعض مشاكل فنية فاضطررت إلى الاتصال بأحد أصدقائي وطلبت منه فلوس سلفة للعلاج وإصلاح السيارة وتواعدنا أن نلتقي في شارع القيادة عند النعمان للصرافة قبل أسبوعين بتاريخ 12من شهر يناير الحالي وعرفت حينها أنني مراقب من قبل شخصين كانوا في الاتجاه المقابل من الشارع وتحركاتهم كانت غريبة ثم أخذت سيارة أجرة وتحركنا نحو الساحة وتفاجأت بصالون بيضاء زجاج عاكس ودراجة نارية تحمل نفس الشخصين الذي رأيتهم بشارع القيادة وعندها اعترضت الدراجة سيارة الأجرة التي كنت استقلها، بعدها نزل من الصالون خمسة أشخاص وتم تغطية وجهي وتكبيل يدي إلى الخلف ثم أخذوني إلى السيارة واقتادوني إلى مكان مجهول. * ما التهمة التي وجهت إليك؟ - هناك عدة تهم وجهت إلي منها استلام مبالغ مالية من قطر، وإفشاء أسرار ومعلومات عن الشباب المعتقلين لديهم باعتباري قد تعرفت عليهم في المرة السابقة، وخروجي لتصوير الأحداث في أرحب والتعامل مع منظمات إرهابية وتحريض الشباب ضد النظام. * كيف تعرفت على بعض المختطفين في السجن حتى تسرب معلومات عنهم؟ - كنا نتبادل الكلام معهم في أوقات متأخرة من الليل ونتعارف على بعضنا من خلف الجدران متى ما كان الشاوش غير موجود. * هل تطلعنا على أسماء تم التعرف عليها داخل سجن الأمن القومي؟ - أثناء اختطافي في المرة الأولى استمريت شهرين داخل سجن الأمن القومي فتعرفت على المختطف جمال الظفيري والدكتور توفيق ذيبان وصدام الحمودي وحاشد طواف ومحمد الحاشدي وإبراهيم الشهري وظافر الحدي وجميل الذعواني وهذا ضابط في الفرقة ووليد النهمي. *هل هؤلاء الأشخاص ما يزالون في سجن الأمن القومي؟ - نعم ما زلوا إلى الآن باستثناء إبراهيم الشهري ومحمد الحاشدي وأفرج عنهم مؤخراً. * كيف تقيم وضع المختطفين في سجن الأمن القومي؟ - الوضع مأساوي للغاية من حيث المعاملة القاسية والتعذيب النفسي والجسدي ، وكان إذا مرض أحد المختطفين لا يعطونه العلاج ماعدا مهدئات وكذالك يتلقون الإهانات والشتم والضرب مجرد أن تطلب منه ادنى طلب كالأكل والشرب أيضاً يتلقون التهديد بإلحاق الأذى بأسرهم وأقاربهم. * هل يمكن أن تحدثنا عن تفاصيل السجن وما حدث لك فيه وكيف تم معاملتك؟ - عند وصولي تم إنزالي إلى بدروم وأنا مازلت مغطى على عيوني وقادوني إلى غرفة تحقيق والبصم على عدة أوراق لا أعرف ما هي، وعندما سألت عن الأوراق التي أجبروني أن أبصم عليها؟ أجاب أحدهم: اسكت والا أكسر فمك، لا أريد أن أسمع أي كلمة، وضربوني وبعدها أدخلوني إلى الزنزانة على البلاط بدون فراش وأنا مازلت مريضاً، وانتظرت نصف ساعة ومن ثم طرقت باب الزنزانة أطلب فراش ودكتور وفي الأثناء جاء الشاوش وطرق الباب بقوة وقال ما تشتي.. انصرف، وبعد دقائق رجع ظننت أنه جاء بفراش وإذا به يقول: اخلع الكوت والجزمة وقادني إلى الحمام وصب جالون من الماء البارد من فوق رأسي حتى أغمي علي وبقيت إلى اليوم الثاني مبلل بالماء البارد وليس على جسمي أي شيء سوى الملابس الداخلية ونقلوني إلى الزنزانة وأعطوني بدلة زرقاء من حق المساجين وفراش قذر واستمريت على هذا الحال بدون بطانية رغم البرد إلى قبل موعد خروجي بثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث من اختطافي تدهورت حالتي الصحية إلى الأسوأ مما أضطرهم إلى استدعاء دكتور أعطاني بعض الإبر والمهدئات، وفي الليل تم استدعائي واستمر التحقيق من بعد العشاء إلى الفجر وأنا مريض لم أستطع التحدث كثيرا، وكان المحقق يقول: بطل "ميرضة"، المرض لا ينفعك ولا يشفع لك وستبقى هنا إلى الأبد. وعند الفجر تم إرجاعي إلى الزنزانة وأنا مرهق وتعبان واستمريت إلى الظهر حتى جاء الغداء وقام الشاوش بتكتيفي إلى الخلف وتعليقي في سطح الزنزانة واستمريت معلق إلى المغرب والدم ينزف من انفي وعندما رأى الشاوش الدم أنزلني للعشاء ومن ثم عاود ربطي للأمام وتعليقي لليوم الثاني الصباح، ثم أنزلوني وبعدها أغمي علي وأنا أعاني من مرض الحمى والكلى والزكمة نتيجة صب الماء البارد على رأسي في الأيام السابقة ولم يعرفوا للرحمة طريق ولا يوجد بهم أي ذرة من الإنسانية وسألت الشاوش لماذا هذا التعذيب؟ فأجاب: هذه أوامر. * كم استمر اختطافك لدى الأمن القومي هذه المرة؟ - أسبوعين من تاريخ 12/ يناير. * ما هي الأسئلة التي كانت الأكثر توجيها لك عند التحقيق؟ - أسئلة من قبيل: ما هي الجهات التي تدعم الساحة والشخصيات؟ وما هو انتمائك السياسي؟ وكان هذا السؤال هو الأكثر إلحاحا. * هل هناك شخصيات سألوك عنها بشكل خاص؟ - نعم .. * أمثال من؟ - الصحفي عبد الكريم ثعيل ونبيل الجرباني وإبراهيم المؤيد ونذير القدسي ووليد العماري وأين يسكنوا ومن هم أصدقاؤهم وأيش عملهم بالساحة وكانوا يسألونني ما سر علاقتي بعبدالكريم ثعيل. * على أي أساس تم إخراجك من السجن وهل الوقفات الاحتجاجية وتفاعل شباب الثورة معك له علاقة بخروجك من السجن؟ - لا أدري على أي شيء تم إخراجي، إلا أنه في الأيام الثلاثة الأخيرة تغيرت المعاملة معي وأعطوني فراش وأكل أحسن من الأيام التي مضت واعتذروا لي واشترطوا أن لا أتكلم لوسائل الإعلام والصحافة عن ما حصل لي داخل المعتقل، وهددوني إذا تكلمت فإن المرة الثالثة لن تكون في صالحي ولن أرى النور إطلاقا كما قالوا لي. * صف لنا طريقة الإفراج عنك من السجن ؟ - في المرة الأولى أو الثانية؟ * كليهما؟ في الأولى جاء الشاوش ويقول باتخرج بس بشرط أن تعطيني أحد يضمن عليك بعدم الرجوع إلى الساحة قلت له أعطوني أنتم ضمانه بعدم اختطافي مرة أخرى، فقال لي هل تعرف المهندس محمد المقبلي؟ قلت له نعم. قال هو صديق أحد زملائي هنا سيضمن عنك ونطلقك فاتصلوا به وأتى ليخرجني من السجن. الثانية جاؤوا بملابسي لكي ألبسها ثم غطوا على وجهي وقيدوا يدي إلى الخلف وأخرجوني إلى سيارة وتوجهوا بي إلى السائلة ورجموا بي هناك في وقت متأخر من الليل وقالوا لا تلتفت وإلا ستقتل وسمعتهم وهم يعمرون البندقية وانطلقوا بالسيارة. * كلمة أخيرة.. - أشكر كل من خرج في الوقفات الاحتجاجية يطالبون بالحرية للمعتقلين وكذلك الثوار الصامدون في الساحات حيث كان أملنا بعد الله كبيرا بأن الشباب لن يتركونا وسيبذلون كل ما بوسعهم حتى يخرجونا من السجون، وأخص بالذكر أخي وصديقي الصحفي عبدالكريم ثعيل وعبدالحفيظ الجولحي والمهندس محمد المقبلي وبسام ثعيل وحمود قحطان والمصور محمد العماد وفاطمة الأغبري ولمياء الأديمي وثريا دماج. ورسالتي للأمن القومي أنه مهما اعتقلونا فلا يثنينا ذلك عن مواصلة الثورة حتى تحقيق جميع الأهداف التي خرجنا من أجلها مهما كلفنا الثمن.