حضر الرئيس عبدربه هادي حفل تنصيبه رئيسا جديدا ولم يشأ كسر رغبة صالح الذي تحامل على جراحه ليظهر أنه لم ينكسر حتى النهاية على طريقة «بخ بخ.. لقد قاتلنا أهل الأرض وأهل السماء»، في الموقف الأول الذي يخيب فيه هادي ظن الثوار الذين منحوه تأشيرة العبور إلى القصر وصبغوا أصابعهم بالحبر الأزرق من أجل اليمن الجديد الأخضر. شخصياً.. لا أرى في هذا التصرف رغم سوءه سوى طقس مجاملة لم يستطع حتى هادي إيقافه ناهيك عن الامتناع عن المشاركة فيه وهو العريس الذي يفترض الاحتفال به، بل يمكننا أن نغفر لهادي هذه الزلة لو اطمئنينا إلى اخضرار جوهره باتجاه تحقيق أهداف الثورة وبناء اليمن الجديد الذي من أجله سالت الدماء وارتقت الأرواح.
قدم صالح علم الدولة مطويا بيدين محروقتين.. ولم يستطع هادي أن ينشر العلم، فقد كان في الحقيقة علما ممزقا ملغوما لا يعرف خارطة ألغامه سوى صالح نفسه.. لم يتأكد أحد هل سلمه علما واحدا أم اثنين أم ثلاثة.. إنها لحظة مثيرة للشفقة.. لهادي بالطبع حيث ساقه قدره لميراث هذا الموقع بعد رجل مارس كل أنواع التجريف لمقدرات هذا البلد ولم يكتف بذلك بل عمد إلى تمزيقه وجعل كل خيوط الرتق بيده ،متى غادر انكشف المشهد عن يمن ممزق لاينبغي حكمه لأحد من بعده. أتى صالح ليسلم خلفه السلطة وينصبه رئيسا من بعده، اجتهد ليبدو متماسكا وعازفا عن السلطة بل ومشفقا على من يدفعه حظه العاثر للجلوس على هذا الكرسي الواقف على رؤوس الثعابين حد وصفه المشهور، وإذن فقد سقط الشهداء عبثا برصاصك الغادر ورصاص ابن أخيك الذي اعتبر من يفكر في حكم اليمن مجنونا.. قال هذا وهو يستعرض تضحياتكم من أجل هذا الشعب الذي تنكر لكم.. كأن ابن أخيك يريد أن يرتدي موقف الثلايا: غفر الله لشعب ضحينا لأجله وضحى بنا. لم أستطع تشخيص هذه الحالة التي تعتريكم لكني أشك أنكم بشرا.. فحتى فرعون في لحظته الأخيرة قال آمنت بالذي آمنت به بنوا إسرائيل... بالفعل لا أتخيل قدر الغباء وقلة ماء الوجه الذي منيتم بهما.. ولعل يزن عزعزي يصنع جميلا لهذا الشعب وهو يستنتج في مشروع تخرجه في هندسة الجينات أنكم لستم بشرا وإنما مجرد عضاريط متسللة من العصر الحجري. قال صالح «وفشلت المؤامرة» قالها ثلاثا حتى أيقنا أنه حائكها الأكبر وأنها لم تفشل بعد.. قال بعض أصحابنا حسنا فعلت أيها الأخ الرئيس وانسكبت العواطف في بابه أن وداعا وشكرا لأنك اكتفيت بقتل خمسة آلاف برئي وجرح عشرين ألفا آخرين.. يا إلهي!! كيف استطعنا نسيان كل ذلك الألم الذي تسبب به هذا المجرم لتأتي لحظة يستدر فيها عطفنا وشفقتنا؟ كيف نسينا جمعة الكرامة وصباحات الغدر وعصر التلفزيون؟ كيف نسينا محرقة تعز؟ كيف نسينا أنين المغدورين ونحيب ذوي الشهداء؟ كيف نسينا أنسا ويحيى وعزام و و؟ إن ثلثي هذا الشعب لهم ثارات شخصية مع هذا الرجل، ولا أحسب أن عدالة السماء قد قالت بعد كلمتها.. لا والله! فتوقفوا عن الشفقة لأجل الله ودماء الشهداء... وإلا فانشروا سحابة شفقتكم لتمطر على جسد فرعون وعاقبة القذافي ومصير مليسوفيدش و و و.. ولا تنسوا أبا جهل فقد جز رأسه بطريقة قد تثير شفقتكم أيضا. أما أنا سأودعك أيها المسخ وكلي شماتة فيك بقول البردوني: غدا سوف تلعنك الذكريات :: ويلعن ماضيك مستقبلك.الم