بعدما حال الحول على ثورات الربيع العربي المضطرب، كان حفل عطلة نهاية الاسبوع في اليمن هادئ للغاية ويكاد لا يذكر. لكنه سجل انتقال السلطة من مستبد هرم (طاعن في السن) حكم بلاده نحو 34 عاما، إلى زعيم جديد لا يتحدث إلا بالأشياء السليمة عن الإصلاح. تمت إدارة عملية تغيير النظام على مراحل خلفت بعض النهايات الفضفاضة وأسئلة لم تجد لها بعد إجابات. كان الحل منتجا، صنيع صفقات تمت خلف الكواليس، والواقعية السياسية الاقليمية. وبالرغم من انعدام الرؤية، فقد قدم تسليم السلطة بديلا عن العملية الانتقالية العنيفة التي ما زالت تشهدها مصر وليبيا وتونس وسوريا. إذاً، كيف تكشفت القصة اليمنية وما هي العبر المستفادة، في وقت تواجه الولاياتالمتحدة صعوبة في مواكبة ثورات الربيع العربي؟ كل قصة من قصص الربيع العربي مختلفة عن الاخرى، ولا يوجد هناك نموذج يمني نستطيع استنساخه بسهولة. لكن هناك بعض الاساليب الجديرة بالاهتمام وتشمل: العمل الى جانب الوكلاء الإقليميين. لقد تم الاعداد لعملية نقل السلطة من قبل مجلس التعاون الخليجي. جارة اليمن، العربية السعودية والامارات العربية المتحدة قامتا بعملية التدليك (المساج) والتمويل التي أسفرت عن اتفاق نوفمبر وذلك بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح. كان مجلس التعاون الخليجي محل للكلام الضعيف في السابق، لكن عند مجيء أمين عام المجلس، البحريني عبداللطيف الزياني، أصبح صوت المجلس مسموعاً.
مكافحة الارهاب بدون إرسال قوات ان الحضور القوي الذي تتمتع به القاعدة في اليمن جعل من تلك البلاد أولوية عاجلة. قبل عدة سنوات بدأت الولاياتالمتحدة بعملية تعبئة ضد قوات القاعدة في الجنوب. وكان مسئول مكافحة الارهاب في البيت الابيض، جون برينان، منسقا لتلك الجهود، لكنها شملت قادة مركز القيادة المركزية الامريكية ودبلوماسيي وزارة الخارجية وضباط وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه). وجرت العادة ان تقوم الولاياتالمتحدة بالمداهنة تجاه الوكالات (عملية التنسيق بين الوكالات الامنية المختلفة) بينما يقوم الجيش بتنفيذ العمل، لكن في الحقيقة كانت هناك استراتيجية عدوانية مشتركة في اليمن دون الحاجة الى وجود قوات على الارض.
لعبة السياسة القبلية مثل العديد من الاقطار العربية، فان تركيبة الدولة في اليمن ترتكز على القبائل القوية. ولطالما اخفقت الولاياتالمتحدة في التعامل مع العنصر القبلي، لكنها قامت بعمل أفضل في اليمن، من خلال فهمها لجذور صالح القبلية وكذلك معارضيه من ضباط الجيش. وطلب من أكبر التحالفات القبلية الوقوف ضد القاعدة. ويناقش اليمنيون اليوم النظام الفيدرالي لامتصاص التوترات التاريخية بين الشمال والجنوب..
إيجاد الرجل الواجهة المناسب لخلافة صالح، اختارت الولاياتالمتحدة وحلفائها نائب الرئيس – الذي شغل المنصب لفترة طويلة – عبدربه منصور هادي. الضابط السابق في الجيش، فهم ان فساد النظام اليمني يحتاج الى الاصلاح. الاسبوع الماضي تم انتخاب هادي رئيسا. في سباق الرجل الواحد. تلك الانتخابات التي منحت غطاءا للانتقال الديمقراطي. وقد وعد بإجراء استفتاء على دستور جديد خلال 18 شهرا.
هيكلة الجيش كمثيلاتها في العديد من الدول الاخرى، لدى اليمن جيش فاسد، وذلك لان الجنود يتقاضون معاشاتهم مباشرة من قادة الالوية، الذين بدورهم يستقطعون المال ويقوضون الروح المعنوية لدى الجنود. وتحث الولاياتالمتحدة هادي لدفع معاشات القوات المسلحة بشكل مباشر. هناك أيضا حاجة للإصلاح في اثنتان من المؤسسات الامنية التي يترأسهما كل من احمد، نجل الرئيس صالح، ويحيى ابن شقيقه. ولأن الولاياتالمتحدة تعتمد على هاتين المؤسستين في حربها على القاعدة، فإنها تأمل في إجراء تغيير تدريجي فيهما خلال الاعوام القادمة. حسنا، لكن إذا طال الوقت فان الولاياتالمتحدة ستبدو وكأنها تدلل أسرة صالح.
التقرب من المعارضة لم تكن الولاياتالمتحدة مهيأة لم حدث في كل من مصر وليبيا لفقدانها التواصل الجيد مع المعارضة. السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين وزملائه في صنعاء قاموا بعمل أفضل في صنعاء من خلال التواصل المستمر مع منظمات المجتمع المدني والمعارضة. يقول المحتجون انهم سيبقون معتصمين في ساحة التغيير حتى بعد رحيل صالح، وسيعرض ذلك صبر الدبلوماسيين للاختبار. التحدي في اليمن هو في إكمال المرحلة الانتقالية. وكما رأينا في مصر، فقد يصبح التظاهر نمطا من أنماط الحياة الى الدرجة التي يهدد فيها بمحو المكاسب التي صارعت المعارضة من اجل تحقيقها. الولاياتالمتحدة ترغب في التدخل الهادئ لتخفيف نفوذ أقارب صالح في قيادة قوات الامن والانتقال الى جيش أكثر احترافا. خالد الانسي وهو احد قادة الاحتجاجات، شكا إلى سودارسان راغافان من صحيفة الواشنطن بوست قائلاً «لقد طعنت الثورة من الخلف». نتمنى ان يحقق هادي من الاصلاحات ما يخفف به هذا الاحساس بالخيانة. الحقيقة هي ان اليمن، البلد الفقير جدا والنائي، من المستبعد ان يكون مصدراً للثروة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها. ان القضاء على الفساد، وتوزيع الثروة في هذا البلد البعيد هي أفضل استراتيجية لتصديق ثورة الربيع العربي الهادئة – الثورة اليمنية.