في طريق سعينا الدائم والحثيث والمستميت للحصول على أجوبة وحقائق قد تبدو لنا مطلقة، مريحة، شافية .. الفشل والمتاهات هما رفيقنا، ننتهي دائما مكان البداية، وتتوه بوصلة البعض عن صوابية الاتجاهات، والصدمة عندما تتهدم حقائق أصيلة وأزلية عشت وتعايشت وكبرت وشخت وقد تموت وأنت مقتنع بها ، وان كل شيء أخيرا هو وجهة نظر ، والأسهل أن تبحث عن الأكاذيب ، وحدها واضحة ، وصريحة ، وسهلة ، وقريبة منك ، كذا تكون سهلتها على نفسك ، وبالنسبة للمثل القائل إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ .. «مابقولكش تعمل فيه ايش» في بلدي.. قصة أن التعليم هو أهم حاجة ( كذب ) ... التعليم عندنا أصلا يحولك لإنسان غبي، فاقد للرأي والابتكار وللخيال، يقتلك ، والاهم من التعليم التربية ، مش التربية حق ( اسمع الكلام ) (وبحرمك من المصروف) التربية انك تسمع لابنك وتعرف ميوله، تنصحه لو طلب منك النصح ، بس ما تجبروش يكون شبيه بك، أو مومياء بدون ملامح. في بلدي .. النجاح يساوي فلوس، شهرة، سلطة ، المعادلة متغيراتها ثابتة ، لان الهدف فيها يساوي صفر .. مع أنها ليست كيمياء، لو هدفي أوصل لقمة افرست وعلى غفلة لقيت نفسي املك ملايين .. أكون فشلت. في بلدي .. اكتشفت أن قصة اليمن السعيد ( كذب ) .. صحيح اليمن حضارة وتاريخ عريق ، لكن حاضره مؤلم تعيس ، كومبارس صامت إضافاته ضئيلة أو معدومة على المشهد داخليا وخارجيا. في بلدي .. موضوع أن الأجانب أفضل منا ، وربنا ابتلاهم بنجاحهم ، وحالنا في الحضيض لبعدنا عنه ( كذب) .. مافيش حد أحسن من حد ،خامة البني ادم واحدة ، والاختلاف دائما في التفصيل ، هم اجتهدوا وربنا كافأهم، إحنا أتخاذلنا وتكاسلنا ، ربنا أدانا على دماغنا .. ربنا عادل. في بلدي .. انك توصل للنجاح مش محتاج فيتامين واو وبس .. ولا علم وبس .. ولا حظ وبس ( كذب ) .. لو عندك فيتامين واو ومانجحتش تكون حمار ، ولو محظوظ مره مش ممكن تكون محظوظ عشرة ، ولو اشتغلت بدون علم يعني تضيع وقت ، ولو أتعلمت بدون ماتشتغل تكون فيلسوف الغبرة ، وعبقري زمانك، وتموت من الجوع ،وتشرد أولادك ويجي بكرة فيلسوف ويحكي حكايتك انك كنت غبي. في بلدي .. موضوع أن العرب إخوة والمسلم اخو المسلم ( كذب ) .. إحنا عنصريين وجدا داخليا .. تعز .. صنعاء .. سني .. شيعي .. شمالي .. جنوبي .. بلطجي .. مخرب ، وفشلنا في أن نصنع من الاختلاف قوة إثراء تغني الحياة ، أما مع العرب من حولنا حكايتنا حكاية ، فنحن أكثر الناس تعميما ووضعا للناس في قوالب، ومهما حاولنا نستر أنفسنا العالم يشوفنا عرايا ، فلا ترمي بيوت الناس بحجارة وبيتك من زجاج .. وأوقات مغشوش كمان. في بلدي .. موضوع إن النظام والحكومة فقط ، سبب حالنا المتدهور ( كذب ) .. النظام والحكومة في كل الوقت مرآة لشعبها ، وهذا الكعك من ذلك العجين ، والشعب سلبي لا يحاسب ، ظلمونا لأننا ظلمنا أنفسنا ، السلطة تغيرت والحكومة تغيرت ، بس الناس وعقليتها على حالها ، ومش بالضرورة إن تغيير النظام ، بنظام أخر انه جبنا التائهة، وأصبحنا أفضل .. قدرنا يبدو نزرع الشمس ونقطف الريح ! في بلدي .. حتى الثورة التي خلتها قصة فخر ووسام شرف اثيل أعلقه على صدري أنا وأبنائي وأحفادي (كذب) .. تصفية حسابات، ألاف المشردين والأيتام والمصابين وحمامات الدم والشهداء ، مقابل واقع أسوأ ،ومستنقع أقذر وقعنا فيه ، وطحالبه عالقة بنا ولن تزول ، وزدناها بله بثقافة ثورية عنصرية ، تورط فيها الجميع بدون استثناء ، مثقفين وإعلاميين وساسة حتى رجال دين .. عدا ملاحم الساحات التي انتهت إلى : لا غالب ولا مغلوب ، حال تذكرني بفيلسوف روماني قديم بكى حينما سقطت قرطاج ،وهي دولة معادية لبلده ، وفي سؤاله عن بكائه قال : انه تصور نفسه مكان أهل قرطاج .. لذلك حين تتحقق الأمنيات الشريرة في هزيمة الجميع فإن فيلسوف روما - رحمه الله - مدعو للبكاء مرتين. في بلدي .. المبدأ والقدوة كذب .. جار البحث عن شباب ، لا تطربه شعارات مجرم يحاضر بالإنسانية وحرية التعبير، أو سارق أضحى مرجعا بالمفاهيم الاقتصادية ، أو رجل دين يحتمي بعباءة المذاهب. في بلدي .. الديموقراطية كذب .. هجينة لا نظير لها في العالم ، واشهد لك ب 9.99 % اعترف ذهبت وانتخبت وكنت جزء أصيل من الكذبة ، وبكامل قواي العقلية ، ليس لشيء ، كي أقول ارحل وبالصندوق ، لأنه في بلدي أيضا ماتتعبش نفسك تدور على النص ألفاضي من الكوب ، و لا حتى المليان ، دور على شوية ماء ( لو لقيت طبعا ) عشان تملاها. في بلدي .. الحرية كذب .. يكفي أن تهب لقول الحق في وجه احدهم في الصباح ، لتنتهي في المساء مؤججا للفتن والخراب، وخبيرا في شؤون تهديد السلم الاجتماعي. في بلدي .. المعارضة كذب .. ايش ممكن تتوقع من معارضة تربية بيئة عربية ، وضع سياسي رديء يعكس ساسة جهلاء ، ليس من الغريب ألا تجد في بلدي معارضة محترمة ، صحافة محترمة ، إعلام محترم ، مدام أنت كمحترم مغيب ومش موجود. أسفي على وطن لا يراه البعض أكثر من رغيف خبز بحجم الأفواه ، وكرسي بحجم الرغبات، وسماء وتراب بحجم القدرة على الاغتصاب وأشفق على من يوارب أبواب قلبه، بين نور وظلام، وشك ويقين، بانتظار معجزة تأتي، من سابق أو حاضر أو غيب، في أن يكون الوطن طبق خبز بحجم الكرامة، وكرسي بحجم السيادة، وسماء وتراب بحجم العزة ... وكل كذبة وانتم سالمين.