قبل ذكرى جمعة الكرامة وصف المخلوع علي صالح ثورة الشباب بثورة البلاطجة والتخلف وانتقد حكومة الوفاق بأنها لم تحقق شيء بعد متجاهلاً بذلك أنه طيلة الثلاثة والثلاثون العام التي حكم فيها اليمن لم يحقق سوى مزيد من التخلف وقلة الاحترام من قبل العالم لليمنيين ومئات الآلاف من أحجار الأساس لمشاريع وهمية وديون متراكمة وزيادة لأرصدته هو وأعضاء أسرته، وجاء بعدها رد الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس حكومة الوفاق سريعاً على كلام المخلوع لكي يقول له بأنه لم يعد مقبول منه الكلام، و الناس لم تعد تريد أن تستمع إلى هلوسته وخرفه. ولكن يجب هنا أن تتجلى الحكمة اليمانية عندما يتخذ مناصري ومؤيدي الثورة مبدأ نحن نعمل بصمت ولا يلتفتوا بذلك إلى تخاريف المخلوع ولا يعطوه الأهمية فهو ليس إلا مخلوع. وأن يعوا أن هذه المرحلة حساسة وأن الناس باتت تقف إلى جانب من يوفر لها أساسيات الحياة مثل الكهرباء والماء والمشتقات النفطية والأهم من ذلك وذاك هو توفير الآمان الذي افتقدوه العام الماضي والذي توقفت فيه الحياة تقريبا وما يحدث هذه الأيام أيضاً من انفلات أمني وذلك بتواطؤ مع من لا يزالون يتوهمون بعودة المخلوع وأبنه الواهم بأنه الوريث. وينبغي عليهم أن يعلموا بأن الشعب اليمني لين بطبعه فإذا وجد من يقود المركب في الطريق الصحيح سيلتفون حوله ويقفون معه فهم يريدون من يصل بهم إلى بر الآمان واقصد هنا بمن كانوا يؤيدون المخلوع من الناس البسطاء. وينتبهوا إلى أن المخلوع ما يريد إلا أن يشتتهم ويبعدهم عن أولويات هذه المرحلة وفي الأساس إعادة هيكلة الجيش والإعداد والتحضير للحوار الوطني. أن ما يقوم به المخلوع ليس إلا من باب نقل الكرة من ملعب الوطن إلى ملعبه الخاص لأنه لا يستطيع أن يعيش بعيداً عن الأضواء. فالجميع يعلم أن المخلوع حكم اليمن ثلاثة وثلاثون عام، ولا يوجد رئيس حكم اليمن هذه المدة الطويلة قبله ولن يحدث ذلك في المستقبل، وبداء يتوهم خلال تلك الفترة بأنه يبني مملكته الخاصة ويمد جذور حكمه وكل يوم يزيد يقينه بأنه أصبح الملك وسيورث الحكم من بعده لأبنه ومن بعد أبنه أبن أبنه وهكذا تصبح اليمن وريثة لهم إلى يوم الدين. لكن جاءت الثورة الشبابية الشعبية السلمية وبددت حلمه ودمرت مملكته الوهمية وتحول حلمه إلى كابوس يلاحقه في الصحو قبل المنام ويؤرق منامه، واختفى وهج بريقه المزيف وتحولت الأخبار في الفضائيات والصحف والمواقع المختلفة عنه إلى أولئك الشباب الذين خرجوا ثائرون عليه يطالبونه بالرحيل. ولم يتوقع أن يخرج الشعب اليمني عن طاعة ولي الأمر الفاسد ويصير بعدها الرئيس المخلوع، ولأنه لا يستطيع أن يعيش بعيداً عن دائرة الضوء المزيف أصبح يفتعل الأزمات كي تعود إليه من جديد لأنه يعاني من مرض فقدان السلطة. وعلى مدونة إيلاف كتب محمد بمخيواض عن مريض فاقد السلطة أو المرض القاتل في الاتجاهين كما أسماه. حيث يقول بأن مرض السلطة أو المرض المأزوم بوهم زهرة جلجامش هو المرض المسيطر على السلوك والنية ومع كامل الأسف حتى الهوية، ويشبه المرحلة التي يفقد فيها الحاكم المستبد السلطة بأنه تصريح وفاة. ويصف المحاولات اليائسة التي يقوم بها الحاكم المستبد لاسترجاع السلطة بقوله: لكن قبل الوفاة يبقى الوجه البشع للسلطة رغم عمليات التجميل (الإصلاحات) يصر ويلح على أنه الأوفر حظا للفوز بأكذوبة الجمال (الديمقراطية) لكنه يفوز لسبب فريد وبسيط هو أنه الوحيد المشارك فالتباري مسابقته والمذياع صوته والصمت لعبته ويظل مرضه يوهمه أنه الأجمل. ولا يستثني الكاتب الحالة المرضية التي تصيب الناس أصحاب العقول الجاهلة التي سكتت عن استبداد هذا الحاكم حيث يصفهم بأنهم حصيلة السلطة أو المرض القاتل هي تلك الإحباطات والمثبطات التي أعلنت سيادتها على العقول المؤطرة بهم سياسة الواقع وتحصيل حاصل تلك العقول التي لا تبرح سجنها لتبحث عن بريق حرية لتبني وتشيد مملكتها من جد. لذلك كله لا تعيروه أي انتباه فأن جل ما يريده هو عودة الأضواء إليه وجل ما يقتله هو إهماله لذا اتركوه فهو مخلوع.