ثلاثة وثلاثون سنة قضاها الرئيس السابق. أقول السابق باعتبارها التسمية التي تحلو للرئيس المخلوع أن يطريها في بعض لقاءاته أو استعراضاته الصحفية والتلفزيونية وأنه يتوق لليوم الذي يسمى فيه الرئيس السابق ويستكمل حركات النص الكم فيقول إنه في تلك الأثناء سيتفرغ لكتابة مذكراته. أكثر من هذا القول -بالذات- عندما طلع على الناس يوما وقال عام 2005م إنه لن يرشح نفسه للرئاسة القادمة. غير أن المخلوع وهي التسمية التي استحقها بجدارة أبى عليه ظلمه وطيشه إلا أن يكون مخلوعا، وإلا يجلس لكتابة مذكرات، فهو ليس أهلا لذلك وإنما جلس ليمارس ما طبع عليه وهو الخراب والتخريب وأداة تسلية للسفارة الأمريكية بصنعاء على الأقل في لعبة منح التأشيرة له يوما ثم إلغاؤها في اليوم الثاني، ولعلها لحاجة في نفس السفارة!! المهم أن منصبا رفيعا يقضي فيه الإنسان 33 عاما ثم يخرج منه مطرودا مدحورا يعني أنه خرج فاشلا، وإن نجاح الزعامات لا تقاس بطول الزمن الذي قضاه في السلطة إنما بالأعمال الرائدة التي تخلد صاحبها في التاريخ أو لدى شعوبها وهو ما سقط وفشل في كليهما علي صالح أو علي المخلوع، مثله كان مخلوع مصر الذي قزم أكبر دولة عربية وزواها في مكان ضيق وألغى دورها الريادي في المنطقة والعالم تماما. ولو لم يكن سقوطه وفشله إلا في تحجيم دور مصر في المنطقة لكان كافيا للمصريين أن يكون سببا هاما لدحره وترحيله، فكيف وهو إضافة إلى ذلك كان الحاكم الفردي المستبد الذي تراجعت معه مصر في كل مجالات الحياة؟ رؤساء كثر عربا وغير عرب مكثوا سنينا طويلة في الحكم لكنها كانت سنينا سوداء وفترات مجدبة قاحلة؟ وفي المقابل هناك دول سلكت طريق التنمية الشاملة والبناء والتطور في ظل زعامات وقيادات لم يكن لها طول البقاء في السلطة والحكم لأن مقاييس النجاح الحقيقية في الأعمال والمشاريع المنجزة والقرارات الشجاعة التي تمهد للبناء والتنمية وليس بطول البقاء في السلطة. قد تكون الفترة الانتقالية التي تعيشها اليمن اليوم والتي مدتها عامان، قد تكون أكثر عطاء وتأسيسا وتمهيدا لبناء دولة بمؤسساتها وأركانها ووضع الأسس المتينة والصحيحة للحكم الرشيد ودولة العدل والقانون، فتكون بذلك أكثر حضورا وألمع ذكرا في حياة اليمن واليمنيين وفي التاريخ. لن يقاس النجاح بطول الفترة بالطبع ولكن بما تحقق من إنجازات وما تم تجاوزه من صعوبات وعقبات وما اتخذ من قرارات يكون لها الأثر في تحرير اليمن أفرادا ومؤسسات من منظومة حكم عائلي فردي جاهل أراد مصادرة اليمن أرضا وإنسانا لصالح العائلة، قد تكون هاتان السنتان بمثل هذا العمل انصع عند الناس وفي التاريخ وأثقل ميزانا عند الله وأفضل من 33 سنة من البؤس والتخلف والفشل.