أغلب النخب السياسية في اليمن متفقة على ان الوضع الامني والعسكري حاليا في اليمن معطل لبداية انطلاق الحوار. فلا يمكن ان يكون هناك حوارا جادا وحقيقيا والخوف يخيم في الاجواء لا يمكن ان يكون هناك حوارا والعاصمة مازالت منقسمة امنيا وعسكريا. ففعليا لم تنجح اللجنة العسكرية من الناحية الامنية حتى هذه اللحظة في إتمام مهامها ومازالت ترسل التحذيرات والمهل لغير الملتزمين مثل الرسالة التي ارسلها مؤخرا وزيري الدفاع والداخلية إلى هاشم الاحمر. وعسكريا مازالت المواجهات تحدث من آن لآخر في أرحب. من ناحية أخرى فإن المطالبة بتوحيد الجيش تحت قيادة وزارة الدفاع والجهات الامنية تحت وزارة الداخلية تتوارى خلف ازمة عدم الثقة والتباين في تفسير خطة المبادرة الخليجية من قبل المشترك من جهة والمؤتمر من جهة اخرى. كما تتباين هذه التفسيرات تجاه صلاحية قرارات الإقالة والنقل التي اتخذها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في الاسابيع القليلة الماضية، وكأن الرئيس الجديد لا يملك صلاحية القائد الاعلى للقوات المسلحة ولا يحق لة ممارسة هذه الصلاحيات إلا بعد التشاور مع رئيس المؤتمر. بل وصل الامر إلى إغلاق المطار إعلانا عن التمرد ضد هذه القرارات الجمهورية. وفي خضم هذه الاحداث والاحوال يصل إلي اليمن الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر مكلفا بالإشراف على انطلاق الحوار الوطني ومتابعة مسار تنفيذ المبادرة الخليجية إلى مجلس الامن لتقديمه في تقريره الشهري إلى مجلس الامن. ولاشك ان جمال بن عمر كان متابعاً لما يجري في اليمن ولاشك انه رغم ذلك حمل معه مجموعة افكار وصياغات للحوار تحتاج إلى نقاشات وبحث مع مجموعة العشرة ومن ثم الرئاسة والحكومة والمجموعات السياسية والمدنية لبلورتها في مشروع خطة للحوار. ولا ندري ماذا تم في اجتماعاته مع الرئاسة والحكومة لكن مما لاشك فيه ان الهموم الامنية والعسكرية قد حاصرت الحوار وقلصت مجال مناقشته بشكل أوسع. أما بالنسبة للقاءاته مع بعض من سفراء مجموعة العشرة فنتوقع أنها تستشعر ضرورة الضغط في اتجاهين لكونها الراعية على تنفيذ المبادرة الخليجية وخطتها الزمنية. الاتجاه الاول: الوقوف إلى جانب قرارات هادي واستمرار دعمها لإنهاء التمرد وتحقيق الأمن والمضي باتجاه الهيكلة. الاتجاة الثاني: التحضير للحوار من خلال مناقشة ورقة الافكار المقدمة من جمال بن عمر وتحديد الدول الداعمة ماليا للحوار. لاشك انة بات معروفا لدى الجميع انشعال رئيس الجمهورية بمتابعات قرارات تعييناته وإقالاته لكبار القادة العسكريين امثال قائد القوات الجوية الاخ غير شقيق للرئيس السابق والتعامل مع عدم الامتثال لها بالاضافة إلى الوضع الامني والوضع في أبين هذا بالاضافة إلى عدم وجود مكتب فني خاص برئيس الجمهورية الجديد لتسهيل تعدد اهتماماته وصناعة قراراته وعملة قد يجعل من الدعوة للحوار خافتة. إلا أن فخامة الرئيس وحكومة الوفاق من الجانب اليمني ملزمان بالأطر الزمنية للمبادرة الخليجية ويعلمان ان تأخير الحوار هو إرباك وإفشال للمبادرة وربما يكون هذا هو القصد من المراوغة الامنية من قبل البعض. وحتى لا يكون هذا هو الحال فلربما انه من الأجدى استغلال وجود جمال بن عمر وفريقه لوضع خطة أولية للحوار مع فريق يمني ومناقشتها مع الاطراف المعنية، مع ضرورة استمرار دعم اللجنة العسكرية من خلال قرارات حاسمة يتخذها الرئيس لإنهاء الانقسام والمتارس ومن خلال ضغوطات تمارسها مجموعة العشرة لغير الملتزمين. إن الحوار مراحل ونعم لابد من تهيئة الاجواء في كل مرحلة لإنجاز خطوة بخطوة ولابأس ان نبدأ بالتخطيط له لأنه آت دون شك. لذا نرى ان تتم الخطوات الاولية التالية: - ان يقوم رئيس الجمهورية المنتخب بتشكيل لجنة مرجعية الحوار يتم الاتفاق على أفرادها ومهامها. - أن يقوم الفريق الدولي مع الفريق اليمني بوضع معايير أعضاء اللجنة التحضيرية للحوار (لجنة تنظيمية) كخطوة أولى في اقرب وقت ممكن وإذا تحقق إنجاز على الصعيد الامني او العسكري يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لتشكيل هذه اللجنة على ان تكون مستقلة عن الحكومة حتى لا تحمل الحكومة فوق طاقتها لكنها في نفس الوقت ممثلة لكل للأطياف السياسية والمجتمعية. وان لا يكون عددها كبير بل بتراوح بين 7-10 أفراد فقط. وان يكون من مهامها بالتعاون مع الخبراء الدوليين إعداد خطة الحوار. ان تكون اللجان المنبثقة عنها في ما بعد ايضا مستقلة. وربما عندما تدرك كل الاطراف ان الحوار جاد وآت وأن ميزان استمرارها في الحياة السياسية لن يكن إلا عبر الحوار حينها ستجنح للسلم.