الشعوب على مر العصور هم طحين الرحى وضحايا النزاعات بل وكباش الفداء بين الغالب والمغلوب هم من يدفعون ثمن فواتير البقاء على ارض الوطن وغيرهم يبيع ويشتري في خيراته وأمنه. هم الدروع البشرية للوجوه المشوهة بأحقاد بغيضة تقيم الحروب وتبني عصابات الموت. هم السائبة الذي لا يسأل عن دمائهم لماذا وكيف سفكت. تكويهم نيران صديقه كما تشويهم حرائق الأعداء وفي أحيان كثيرة تصبح أشلاؤهم بهارات تذكي حدة الصراعات وصاروا قمصان لعثمان بأيدي الجبابرة والمنافقين. تعقد الصفقات بأرواح الشعوب وبها يدفع الثمن وبها تجمع التعويضات. إن فيهم المواطن المطحون الذي تفنى أحلامه وراء الرزق ولا يعرف له ميزان فإذا أتى موسم سباق السلطة بحثوا عنه في الجحور والأرصفة وصار هو الشعب صانع الأمجاد والحاكم الحقيقي وما الحكام إلا عمال لديه يركلهم متى شاء والمركول دوما هم الشعب. باسم الشعب تعقد جلسات النواب وضده تصدر القرارات. من اجل إرهاب الشعوب صنعت القاعدة ووحدهم أبناء الشعب من يقاوم مدها ومن الشعب فقط يسقط ضحايا القاعدة والطائرات الامريكية أما من صنعها أو دعمها او دربها وفتح لها أبواب الوطن فهو طليق يحصد من لأرواح البشر خطيئة تلو أخرى. يلهموننا سيلا من الألحان للتباكي عليهم وتملئ الدنيا ضجيجاً بأناشيد تمجد في أرواحهم ويدفنون بالعشرات لا يحاول صد الموت عن قلوبهم المعذبة. هم حكايات وأحلام ربيعيه كيف تطمر في غارات جوية لم يقصد فيها قتل المدنيين. هم ليسوا مجرد أرقام او جثث مرصوصة ممزقه يسترها الغبار هم بشر كان لديهم آمال في غد أفضل يخلو من ألآم النزوح وقبح القاعدة. هم جنود ذهبوا كي يعودوا لأحضان الأم الصبور فضمهم صدر الأرض والوطن الجريح. فهنيئا لهم نصبا تذكاريا للجندي المجهول وأكليل من الزهر الصناعي وبكائيات الأدباء والشعراء وألقاباً تافهة تقال حين يكتشفون هذا المجهول على خارطة الوطن فيحفرون له قبرا ربما في جبل او ربما يعود إلى الأم الصبور.. في كفن. ولشعبنا قصص فريدة في عذابات شعب تقلب زمنا طويلا في محرقتها فبين جهل معتق وفقر مدقع وفرقه تمزقه ومصائب تأتي عليه لا يدري أيها يقضي عليه أولا فمن أقصى غلاة الشيعة إلى أقصى غلاة السنة إلى طائرات تدك بيوت العراء على رأسه. مجرد عصابات وأفراد تصر على وصاية كاملة على شعب بالملايين تفرض رأيها بالانفصال أو إقامة دوله إمامية أو إمارة إسلاميه متناسيين هذا الشعب الذي يتحدثون باسمه ولا يذكرونه إلا حين يبدءوا بإحصاء جثامينه وإيداعه قلب الأرض التي عليها ومن اجلها يموت. يخرج مظلوما مقهورا كما عاش محروما منكوبا. إنه ليس تباكيا على هذا الشعب بل هو التفاؤل بقرب الفرج.. انه التمحيص الذي يحرج الأفذاذ من عمق الفتن.. شعب جبار من يعاقر الموت ليصنع الحياة.