شككت أوساط صحفية يمنية بجدية وزارة الإعلام حيال إيقاف الرقابة المسبقة على الصحف وحرية الصحافة وملاحقة الصحفيين، واعتبر بعضهم أن ما يقال عن حرية الصحافة هو من قبيل مخاطبة الخارج وأن واقع الحال يختلف كثيرا. فمن جهته اعتبر رئيس تحرير صحيفة المصدر سمير جبران وزارة الإعلام بمنزلة "حجر عثرة" أمام الصحافة والعاملين في بلاطها.
ونفى جبران في حديث للجزيرة نت ادعاءات مسؤولي الوزارة حول الصحافة وما تتمتع به من حرية، ودلل على وجود خمس قضايا وصفها بالخطيرة، تشير إلى مدى التراجع المخيف الذي وصل إليها مستوى الصحافة في اليمن.
وذكر منها التوقف القسري لصحيفة الأيام منذ ستة أشهر، واختطاف رئيس تحرير موقع الاشتراكي نت محمد المقالح لأكثر من شهرين دون الكشف عن مصيره ومكان وجوده، واعتقال الصحفيين الناشطين في الحراك الجنوبي فؤاد راشد وصلاح السقلدي ومثولهما أمام محكمة امن الدولة بدلا من محكمة الصحافة.
إضافة إلى ذلك الأحكام القضائية الصادرة بحق صحيفة المصدر التي قضت بحبس رئيس تحريرها مدة سنة مع وقف التنفيذ ومنعه من مزاولة المهنة ناشرا أو رئيس تحرير أو مدير تحرير أو محررا في جميع الصحف اليمنية لمدة عام، إضافة إلى حبس الكاتب بالصحيفة منير الماوري مدة سنتين مع النفاذ ومنعه من الكتابة مدى الحياة في الصحف اليمنية إضافة إلى الرقابة المسبقة على الصحف في المطابع. تناقض الأفعال أما مدير تحرير صحيفة الصحوة راجح بادي فأشار في حديث للجزيرة نت إلى انعدام الوضوح والشفافية والمصداقية في مواقف وزارة الإعلام تجاه الصحف الأهلية والمستقلة.
وزعم بادي أن تصريحات وزير الإعلام حول حرية الصحف وعدم الرقابة المسبقة عليها تتصادم مع الواقع الذي لا يمر أسبوع واحد إلا وتصادر أو تغلق به صحف، أو يمثل مجموعة من الصحفيين أمام المحاكم رغم اعتراض الوسط الصحفي والحقوقي على هذه التجاوزات.
وأكد أن الرئيس علي عبد الله صالح حينما زار مبنى وزارة الإعلام وجه بعدم سجن الصحفيين وبعدها بأسبوع أُدخل الصحفي عبدا لكريم الخيواني المعتقل، وقال إن ما يقال عن حرية الصحافة هو من قبيل مخاطبة الخارج، حسب رأيه.
بدوره يصف رئيس تحرير صحيفة الشورى السابق عبد السميع محمد وعود وزارة الإعلام بعدم الرقابة المسبقة على الصحف ب"المسكنات"، لافتا إلى أن ما تعيشه "صاحبة الجلالة" اليوم يدل على وجود توجه رسمي يهدف إلى تكميم الأفواه وتضييق هامش الحريات تحت ذريعة عدم المساس بالثوابت التي لا حدود لتفسيرها.
ويعتقد عبد السميع أن ما جرى ويجري للصحف والصحفيين من محاكمات واعتداءات وتوقيف يشير إلى مستقبل أكثر سطوة على الحريات ولا يدل على انفراج في القريب العاجل خاصة في ظل اتساع رقعة الحرب بصعدة وتعاظم الحراك الجنوبي.
وكان وزير الإعلام حسن اللوزي قد تعهد في ندوة "الصحافة اليمنية في ظل الوحدة اليمنية .. الإنجازات والإخفاقات" التي عقدت الأسبوع الماضي بصنعاء، بعدم وضع رقابة مسبقة على الصحف، مؤكدا أن الكلمة لم تعد تخيف أحدا من مسؤولي الوزارة في ظل الوحدة اليمنية.
وعلل مصادرة الوزارة لصحيفة أهلية قبل خروجها من المطبعة بأنها أبرزت في صفحتها الأولى عنوانا يسيء لشخص ينتمي للمعارضة وليس للسلطة، وأوضح أن هذه الخطوة تأتي ضمن التزام الوزارة بحماية كرامة الأشخاص وسمعتهم وعدم المساس بها التي تؤكد عليها المواثيق والقوانين الدولية.
وأكد اللوزي على أن الصحف التي أوقفت في الفترة الماضية قد ارتكبت محظورات نشر تسيء للوحدة اليمنية وللأشخاص بصورة مشينة، وقد قامت الوزارة بالصلاحيات التي خولها القانون لها بإيقاف هذه الصحف داعيا المتضررين من قرارات الوزارة باللجوء إلى القضاء. طريق مسدود لكن وكيل أول نقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت سعيد يرى أن علاقة الصحافة مع المؤسسات الحكومية وصلت إلى طريق شبه مسدود بسبب الانتهاكات شبه المستمرة ضد الصحافة والصحفيين -حسب رأيه، ودعا الصحفيين إلى التفاعل مع قضاياهم وأن يكونوا يدا واحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها الصحافة اليمنية.
وأدان ثابت سعيد في حديث للجزيرة نت موقف وزارة الإعلام تجاه العقوبات الجماعية التي ترتكب ضد الصحافة والصحفيين التي كبدتها مئات الآلاف من أجور موظفين وغيرها، مشيرا إلى أن ما صدر ضد صحيفة المصدر عبارة عن قرار سياسي مغلف بحكم قضائي.
وأضاف أن النقابة بدأت باتخاذ آليات جديدة ستكون أكثر تأثيرا ونابعة من مطالبات الصحفيين التي ستركز على عدد من القضايا على رأسها قضية اختطاف الصحفي محمد المقالح والصحفيين فؤاد راشد وصلاح السقلدي.
من جهته دعا رئيس لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين جمال أنعم الصحف اليمنية إلى إنشاء وحدة قانونية في كل صحيفة لمواجهة الحملة التي تواجهها الصحافة اليمنية، وأشار إلى أن النقابة تنظر بقلق شديد تجاه الأحكام التي صدرت من محكمة الصحافة، وأن النقابة بصدد الإعداد لاتخاذ موقف من المحكمة.