إغلاق ومنع طباعة وتوزيع صحف.. إيقاف واعتقال صحفيين أو اختطافهم.. إصدار أحكام قضائية هي الأقسى ضدهم.. سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة اليمنية مؤخرا ضد العديد من الصحف والصحفيين خاصة المعارضين منهم في الجنوب. كل هذه الإجراءات وصفتها نقابة الصحفيين بأنها "عقوبات جماعية"، وأرجعها اتحاد الصحفيين الدولي إلى "تغطية هذه الصحف للحرب الدائرة في صعدة والتي تثير استياء الحكومة".
يأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه حكومة الرئيس علي عبد الله صالح على حرية الصحافة في البلاد، مبررة الإجراءات التي تم اتخاذها ضد بعض الصحف بأنها ارتكبت محظورات نشر "تسيء للوحدة اليمنية".
ومن بين الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا ضد بعض الصحف الإيقاف القسري لصحيفة "الأيام" المستقلة الصادرة من عدن؛ حيث تتهمها السلطات بدعم ما يعرف ب"قوى الحراك الجنوبي"، وهي حركات معارضة في المحافظات الجنوبية تطالب بالانفصال، وتشهد توترا شديدا مع السلطات. كما اعتقلت السلطات خلال الأيام الماضية صحفيين ناشطين في الحراك الجنوبي، وهم: فؤاد راشد، وصلاح السقلدي، وأحمد الربيزي، وهم يمثلون حاليا أمام محكمة أمن الدولة بدلا من محكمة الصحافة، بتهمة الإساءة للوحدة اليمنية.
وتتهم نقابة الصحفيين السلطات بخطف محمد المقالح رئيس تحرير موقع "الاشتراكي.نت" المعارض والمعروف بكتاباته القريبة من المتمردين الحوثيين منذ أكثر من شهرين ولا يعرف حتى الآن مصيره أو مكان وجوده.
ومنذ إنشاء "محكمة الصحافة" خلال الأشهر الماضية شهدت اليمن أكبر موجة أحكام قضائية ضد الصحفيين، من بينها الحكم بسجن رئيس تحرير صحيفة "المصدر" المستقلة سنة مع وقف التنفيذ، ومنعه من مزاولة المهنة ناشرا، أو رئيس تحرير، أو مدير تحرير، أو محررا في جميع الصحف اليمنية لمدة عام.
كما تم الحكم بحبس الكاتب بالصحيفة منير الماوري مدة سنتين مع النفاذ، ومنعه من الكتابة مدى الحياة في الصحف اليمنية؛ وذلك بعد نشر الصحيفة مقالا انتقدت فيه سياسات الرئيس علي عبد الله صالح.
"طريق مسدود"
ومن جانبه، اعتبر وكيل أول نقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت سعيد أن علاقة النقابة بالحكومة وصلت "إلى طريق مسدود بسبب الانتهاكات شبه المستمرة ضد الصحافة والصحفيين".
ووصف سعيد بعض الأحكام القضائية ضد الصحفيين اليمنيين بأنها "قرارات سياسية مغلفة بأحكام قضائية"، وقال: "نسجل احتجاجنا الشديد والمؤسف لموقف السلطة ممثلة بوزارة الإعلام تجاه العقوبات الجماعية التي ترتكبها ضد الصحافة والصحفيين والتي كبدتها مئات الآلاف من أجور موظفين وغيرها".
ولفت في الوقت نفسه إلى وجود العديد من الصحف المتخصصة التي تحاكم في محكمة الصحافة من بينها صحف "الشارع"، و"الديار"، و"الوسط"، و"الثوري"، مشيرا إلى تعرض بعض مكاتب الفضائيات في صنعاء للمضايقات والتهديد من بينها قناة الجزيرة الفضائية، بحد قوله.
ودعا جمال أنعم، رئيس لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين، إلى إنشاء وحدة قانونية في كل صحيفة لمواجهة ما وصفه ب"الحملة الشرسة" التي تواجهها الصحافة اليمنية.
وقال في تصريحات ل"إسلام أون لاين": "النقابة تنظر بقلق شديد تجاه الأحكام التي صدرت من محكمة الصحافة، وهي بصدد الإعداد لاتخاذ موقف من المحكمة ذاتها"، وجدد أنعم رفض النقابة لآلية الرقابة المسبقة على الصحف التي تنفذها وزارة الإعلام.
حرب صعدة
التحذيرات من الوضع السيئ الذي تشهده الصحافة اليمنية تصاعدت أيضا من جهات دولية؛ حيث يقول رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين أيدين وايت: "يبدو أن السلطات اليمنية قد أعلنت الحرب على الصحفيين اليمنيين، وأنها مصرة على تكميم أفواههم"، وطالب الرئيس صالح بإصدار أمر فوري بوقف هذه الهجمة المخجلة على الصحفيين".
وبرر وايت سبب هذه الهجمة بقوله: "يأتي استهداف الصحفيين وقمع الصحف والمواقع الإلكترونية في وقت تبدي فيه الحكومة قلقها من التغطية النقدية للحرب الدائرة في صعدة".
وتخوض القوات الحكومية ومقاتلو جماعة الحوثي قتالا طويلا على خلفية اتهام الجماعة للسلطات بحرمان الشيعة الزيديين من بعض حقوقهم، ومنها الحق السياسي المتمثل في استعادة حكم الإمامة الذي أطاح به انقلاب في عام 1962، فيما تتهم السلطات اليمنية الجماعة بأنها مدعومة من إيران بهدف قلب نظام الحكم.
رد الحكومة
وكان وزير الإعلام حسن اللوزي قد تعهد في ندوة "الصحافة اليمنية في ظل الوحدة اليمنية.. الإنجازات والإخفاقات" التي عقدت الأسبوع الماضي بصنعاء، بعدم وضع رقابة مسبقة على الصحف، مؤكدا أن الكلمة لم تعد تخيف أحدا من مسئولي الوزارة في ظل الوحدة اليمنية.
وأوضح اللوزي أن الصحف التي تم إيقافها في الفترة الماضية ارتكبت محظورات نشر تسيء للوحدة اليمنية وللأشخاص بصورة مشينة، وقد قامت الوزارة بالصلاحيات التي خولها القانون لها بإيقاف هذه الصحف، داعيا المتضررين من قرارات الوزارة للجوء إلى القضاء. عن إسلام أونلاين.
