[email protected] تبنى تنظيم القاعدة عملية اغتيال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء سالم قطن في عملية نفذها مسلح صومالي من عناصره في مدينة عدن. ووصف بيان للتنظيم العملية بأنها ردا على الحملة العسكرية التي شنتها القوات الحكومية ضده في محافظة أبين. وتوعد بعمليات مماثلة خلال الأيام القادمة. وجاءت هذه العملية كأول رد للقاعدة على خسارته لمحافظة أبين وانسحابه منها الأسبوع الماضي تحت ضربات القصف الجوي المكثف والهجمة العسكرية والشعبية التي بدأت في 12 مايو الماضي، وأطلقت عليها المصادر العسكرية بمعركة «السيوف الذهبية». ويوم أمس الأول الأحد، قتل مسئول أمني كبير بالمكلا في انفجار عبوة ناسفة. وقال مصدر أمني ان تنظيم القاعدة زرع عبوة ناسفة أمام بوابة مركز الشرطة بمنطقة روكب بمدينة المكلا عاصمة حضرموت ما تسببت في مقتل مدير المركز العميد أحمد الحرملي. وذكرت مصادر قبلية ومحلية في محافظة شبوة ان عناصر "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة وافقت على اخلاء آخر معاقلها في المحافظة بعد نجاح وساطة قادها شيوخ قبليون لتجنيب المنطقة ويلات الحرب. وأكدت المصادر بدء انسحاب عناصر الشريعة من بعض المواقع وتسليمها للجان الشعبية خلال اليومين الماضيين، لكن حملة عسكرية برفقة محافظ المحافظة تعرضت صباح الاثنين لكمين مسلح وهي في طريقها إلى عزان ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، ونجاة المحافظ علي حسن الأحمدي من الكمين الذي يعتقد أن وراءه عناصر القاعدة. وتركزت الأنظار بعد انتصار قوات الجيش واللجان الشعبية في أبين على المهمة التالية لتنظيم القاعدة باعتباره الخاسر الأكبر في معركة السيوف الذهبية. غير ان جميع المؤشرات اشارت إلى عودة التنظيم لإستراتيجيته القديمة الممثلة بالتفجيرات المفخخة والعبوات الناسفة واستهداف المصالح الأجنبية وهي عمليات سبق التهديد بها حتى قبل إعلان قوات الجيش استعادة السيطرة على محافظة أبين بشكل كامل. ونقل عن زعيم القاعدة في أبين جلال بلعيدي المرقشي تأكيده بأن ما يصرفه التنظيم من أموال في المحافظة وخارجها يصل إلى 400 مليون ريال. وهدد المرقشي بتخصيص هذا المبلغ للحرب مع الحكومة في حال عودتهم للاستراتيجية القديمة أي «العمليات المفخخة»، قائلا ان ذلك «سيحدث فارقا في الحرب القادمة يفوق أمر السيطرة على الأرض أو خسارتها». وهدد بيان منسوب للقاعدة بشن حرب عصابات طويلة الأجل ضد السلطة ومصالح الدول التي تدعمها في جميع انحاء البلاد. معتبرا ان كل الخيارات مفتوحة وأنه ليست لديهم أية مشاكل في تقسيم مقاتليهم إلى مجموعات صغيرة العدد أو خلايا لا يتجاوز عدد إحداها أصابع اليد الواحدة. واعترف التنظيم رسميا بخسارة أبين، لكنه أكد القول «إننا لم ننسحب عن ضعف ولله الحمد والمنة، ولكن لقلب أوراق العدو وتفويت مقصده في الحرب والتدمير». وهدد بعمليات سريعة وضربات موجعة.
وفيما قللت مصادر أمنية من شأن التهديدات، اعتبرها مراقبون ومهتمون متوقعة جدا نظرا للمهام الأساسية التي اعتادها التنظيم منذ بداية ظهوره وردا على الهزائم المتلاحقة ضده في محافظة أبين وخارجها. ولم تستبعد وزارة الداخلية قيامه بعمليات انتقامية وصفتها باليائسة وتحت ذل الهزيمة. وأكد مركز الاعلام الأمني التابع للداخلية ان الأجهزة الأمنية اتخذت عددا من الإجراءات والتدابير الأمنية لمواجهة مثل هذا الاحتمال. موضحا أنه تم وضع كافة الوحدات الأمنية في مختلف المحافظات في حالة جاهزية تامة إلى جانب تفعيل دور الحزام الأمني بالعاصمة صنعاء وفي مختلف المحافظات وكذا تشديد الحراسات على المرافق والمنشاءات الحيوية بما في ذلك السفارات ومقرات سكن الأجانب والشركات الأجنبية. وتكررت في تصريحات المصدر الأمني التشديد على عبارة «منع أي خرق أمني»، وذلك إشارة إلى عملية ميدان السبعين الأخيرة والتي كان تنظيم القاعدة قد أكد بأن أحد اعضائه اخترق قوات الأمن المركزي ونفذ تلك العملية الكبيرة في قلب العاصمة وأسفرت عن مقتل نحو 100 جندي وإصابة 300 آخرين. وبينما اعتبر قائد الأمن المركزي الجديد، فضل القوسي، عملية ميدان السبعين هفوة لن تتكرر. وصف مسئول رفيع في وزارة الداخلية تهديدات القاعدة بمثابة «شخص يحتضر»، وأن التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتهديداته فقط من أجل التأكيد على الحضور ومواساة أعضائه. وقال مصدر أمني ان «الجاهزية الأمنية الآن في أعلى مستوياتها وسنعمل على منع اي خرق امني في عموم محافظات البلاد». لافتا إلى خطة مشتركة بين قوات الجيش والأجهزة الأمنية لمطاردة وتطهير كافة المناطق من عناصر القاعدة. وكشفت التصريحات الأمنية وتوقعات المراقبين عن طبيعة المعركة القادمة بين الجانبين والتي ستقوم أساسا على عودة القاعدة إلى طبيعتها التفجيرية ومواجهتها بالعمليات العسكرية والاستخباراتية خاصة في ظل ابدا النظام الجديد جدية المواجهة واستغلال الدعم الدولي والاقليمي. ويمكن الوقوف على منطقة وسط ما بين تهديدات القاعدة والتقليل الأمني من شأنها، حيث لم تصمد بيانات النفي المتكررة حول تقدم قوات الجيش في محافظة أبين خلال الأسابيع الأخيرة رغم وضوحها للعيان. ويقول محللون أن تجربة السيطرة على المحافظة لمدة عام وأكثر أثبتت للقاعديين أنهم لم يتمكنوا من جعل المنطقة بيئة حاضنة ومرحبة لبقائهم فيها. وفي المقابل، فان التقليل من تهديدات التنظيم بتنفيذ عمليات مفخخة وعبوات ناسفة وهي العمليات التي عجزت عن ردعها أقوى استخبارات العالم، ليس منطقيا في الحالة اليمنية خصوصا. وسوف تلعب المرحلة الانتقالية دورا حاسما في تغليب منطق على آخر، إذ كلما اتجهت الأوضاع الأمنية والسياسية إلى الاستقرار ضاق الخناق أكثر على القاعدة وعملياتها. وبالقطع، فإن استمرار التدهور الأمني وعرقلة المرحلة الانتقالية بمزيد من الانقسامات ورفض الاستجابة لموضوع هيكلة الجيش بمعناه الوظيفي والوطني، فذلك يعني بقاء البيئة الحاضنة للقاعدة وغيرها من الحركات المسلحة.