تشكل الاحتفالات التي تواكب ليلة القدر التي أحياها المسلمون ليل الأربعاء، مصدر رزق لتجار القدس الشرقية المحتلة، وتنعش اقتصاديا واجتماعيا المدينة المقدسة، التي يرتادهل في مثل هذه الأوقات مئات الآلاف من المصلين والمتسوقين. وقال أحد تجار المدينة أكرم القاسم (55 عاما) لوكالة فرانس برس إن "ليلة القدر تحيي القدس وتجلب لنا الرزق". وأضاف أن ليلة القدر التي يحييها المسلمون ليلة السابع والعشرين من رمضان "لم تعد تحمل معنى دينيا فقط، بل أصبح لها معنى اجتماعيا، لأن الفلسطينيين يحضرون ليس للصلاة بالمسجد الأقصى والتعبد فحسب، بل للتجول والتسوق فيها".
وقدر مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب، عدد الذين دخلوا المدينة في ليلة القدر "بأكثر من 400 ألف شخص" بين متسوق ومصل، مؤكدا لوكالة فرانس برس: "نحن مسرورون لأن الأمور سارت على ما يرام".
وكان اقتصاد المدينة يعتمد أساسا على القرى المحيطة بها. وتم عزلها بالجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية، إلى جانب عدم السماح للفلسطينين بالدخول إلى القدس إلا بتصاريح خاصة. وقال جهاد عابدين (24 عاما)، أحد الباعة في محل لبيع الملابس الرجالي: "حضرت لمساعدة خالي في البيع، لأن العشرة الأواخر في رمضان وليلة القدر بالذات تحرك المدينة بأكملها".
وأضاف أن "الحركة التجارية تصبح نشيطة جدا بدءا من البسطات وانتهاء بالمحلات التجارية التي لا تغلق أبوابها لا في الليل ولا في النهار".
وتابع: "إنها مناسبة لإحياء الحياة الاجتماعية، موضحا أن "القادمين من الضفة الغربية يزورون أصدقاءهم وأقرباءهم في القدس".
ولا تسمح إسرائيل للفلسطينيين بدخول القدس والبقاء فيها كل الليل بدون تصريح خاص إلا في ليلة القدر. ولم تسمح إسرائيل سوى للفلسطينيين الذين تجاوزوا 40 عاما من العمر بإحياء ليلة القدر في المسجد الاقصى. وازدحمت مداخل المدينة القديمة بالوافدين، ما أدى إلى بعض الفوضى وسط بسطات الفاكهة والطعام والملابس على كل بوابات القدس. وقالت بسمة حمد، التي قدمت من مخيم قلنديا، لوكالة فرانس برس: "هذه أول مرة أدخل أنا وأولادي الصغار وقريباتي من المخيم" إلى القدس.
وأضافت هذه السيدة بنبرة حزينة أن "ولدي اللذين يبلغان من العمر عشرة أعوام وتسعة أعوام يشاهدون للمرة الأولى في حياتهم مدينة القدس والمسجد الاقصى. تناولنا الإفطار والسحور في المسجد الأقصى".
ولم يقتصر الأمر على الفلسطينيين المسلمين، بل قدم آخرون من الخارج لإحياء ليلة القدر في مدينة القدس. ففي فندق الهاشمي في البلدة القديمة، قال موسى بادات (42 عاما)، إنه يعمل مرشدا لحوالى مئتي مسلم قدموا من جوهانسبورغ "للصلاة في المسجد الأقصى في العشرة الأواخر من رمضان، وخصوصا ليلة القدر".