عرض التلفزيون السوري لقطات للرئيس السوري بشار الأسد وهو يؤدي صلاة عيد الفطر في مسجد بدمشق يوم الأحد في اول ظهور علني له منذ تفجير شهدته العاصمة السورية في يوليو تموز أسفر عن مقتل اربعة من كبار المسؤولين الأمنيين. وأدى الاسد الصلاة يرافقه رئيس الوزراء لكن نائب الرئيس فاروق الشرع تغيب عن الصلاة. وكانت الحكومة السورية قد نفت انشقاقه في اليوم السابق.
واهتزت إدارة الاسد بسبب هجوم 18 يوليو وانشقاق عدد من كبار المسؤولين منهم آخر رئيس لوزرائه. واقتصر ظهور الاسد في الآونة الأخيرة على لقطات له يبثها التلفزيون الرسمي خلال ممارسته مهام عمله. وكان أحدث ظهور له خلال أداء رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية منذ اسبوع.
واشتدت حدة الصراع في سوريا منذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل اعضاء بالدائرة الداخلية للاسد ومنهم وزير دفاعه وصهر له.
وفي ظل تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب بسبب الخلافات بين القوى العالمية والمنافسة بين الدول العربية تواجه سوريا صراعا لا يهدأ يهدد بزعزعة استقرار الشرق الاوسط بتداعياته الطائفية فيضع المعارضة واغلبها من السنة في مواجهة الأقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد.
وفي اللقطات التي عرضها التلفزيون جلس الاسد خلال الخطبة التي وصفت سوريا فيها بأنها ضحية مؤامرة حاكتها الولاياتالمتحدة واسرائيل والغرب ودول عربية لكنها لن "تهزم إسلامنا وايديولجيتنا وإصرارنا في سوريا."
وارتدى الاسد حلة وربطة عنق وابتسم فيما هنأ مسؤولين منهم اعضاء كبار بحزب البعث.
كما أدى الصلاة وزير الخارجية وليد المعلم ورئيس الوزراء وليد الحلقي. وحل الحلقي محل رياض حجاب وهو سني انضم للمعارضة ضد الاسد منذ أعلن انشقاقه في السادس من اغسطس آب.
وحجاب أرفع مسؤول سوري يترك الحكومة حتى الآن. ونفت الحكومة تقارير يوم السبت بأن الشرع وهو سني ايضا حاول الفرار الى الاردن.
وقال بيان صدر عن مكتب الشرع وبثه التلفزيون الرسمي إن نائب الرئيس "لم يفكر في أي لحظة بترك الوطن إلى أي جهة كانت." وينتمي الشرع الذي أعلن قريب له يعمل ضابطا بالمخابرات انشقاقه يوم الخميس الى محافظة درعا حيث اندلعت الانتفاضة ضد الأسد.
وحرص الشرع (73 عاما) وهو وزير خارجية سابق على عدم الظهور بشكل لافت مع تصاعد الانتفاضة لكنه ظهر الشهر الماضي في جنازة رسمية لثلاثة من كبار مسؤولي الأمن في حكومة الأسد قتلوا في تفجير في دمشق. وتوفي الرابع في وقت لاحق متأثرا بجروحه.
وقال البيان إن الشرع عمل منذ بدء الانتفاضة على التوصل الى حل سياسي سلمي ورحب بتعيين الدبلوماسي الجزائري الاخضر الابراهيمي وسيطا دوليا جديدا لسوريا.
وتولى الإبراهيمي المهمة التي وصفها سفير فرنسا في الأممالمتحدة جيرار أرو بأنها "مهمة مستحيلة" بعد تردد بدلا من كوفي عنان الامين العام السابق للأمم المتحدة الذي يتركها في نهاية هذا الشهر.
واستندت خطة النقاط الست التي طرحها عنان لوقف العنف والتحرك نحو المفاوضات السياسية إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في أبريل نيسان والذي لم يصمد قط. واحتدم الصراع منذئذ مع تكثيف الجانبين للهجمات.
ولجأت قوات الأسد إلى القوة الجوية على نحو متزايد لطرد مقاتلي المعارضة المسلحين بأسلحة خفيفة في العاصمة دمشق وفي حلب. وتفيد بيانات الأممالمتحدة بأن 18 ألفا قتلوا في إراقة الدماء وبأن 170 ألفا فروا من البلاد نتيجة للقتال.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اكثر من 190 سوريا قتلوا امس منهم 62 في دمشق والريف المحيط بها نتيجة قصف القوات الحكومية. ولم يتسن التحقق من الرقم من مصدر مستقل.
واضاف أن المحتجين خرجوا الى الشوارع في دمشق وحولها وفي ادلب بالشمال الغربي للمطالبة لإنهاء حكم الاسد بعد صلاة العيد.
وكانت حلب مسرحا لبعض من اعنف الاشتباكات مؤخرا. ويسيطر مقاتلو المعارضة على عدة أحياء في اكبر مدن سوريا وحاولوا صد هجوم مضاد شنه الجيش.
وفي بلدة التل شمالي دمشق قال نشطاء محليون إنه تم جمع جثث 40 شخصا قتلوا في قصف في مكان واحد لدفنهم جماعيا. وأظهرت صورة عدة جثث فيما يبدو ملفوفة ببطاطين ملونة في شارع.
وقال التلفزيون السوري إن القوات الحكومية أحبطت عدة محاولات للجماعات المسلحة للتسلل من لبنان المجاور الى سوريا. وتأثر استقرار لبنان الهش بالصراع في سوريا.
وسيحمل الإبراهيمي مسمى وظيفيا جديدا هو الممثل الخاص المشترك لسوريا. وقال دبلوماسيون إن هذا المسمى جاء كي ينأى بنفسه عن عنان الذي قال إن مهمته تعثرت بسبب الانقسامات بين القوى الغربية التي تطالب بتنحي الأسد وحليفتيه روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي.
ووصف الإبراهيمي الوضع في سوريا بأنه "مرعب تماما" وقال إنه يحتاج على نحو عاجل إلى معرفة الدعم الذي يمكن أن تقدمه له الاممالمتحدة وقال إنه من السابق لآوانه القول إن كان الأسد يجب أن يتنحى خلافا لعنان الذي قال إنه من الواضح أن الزعيم السوري "يجب أن يتخلى عن منصبه."
وسيغادر آخر مراقبي الاممالمتحدة - الذين وصلوا الى سوريا منذ اربعة اشهر لمراقبة وقف اطلاق النار - بعد منتصف الليل اليوم حين ينتهي أجل تفويضهم.
وقالت متحدثة باسم الأممالمتحدة إنهم سيتركون مكتب اتصال مفتوحا في دمشق بعد رحيلهم غير أنه لم يتم التوصل الى قرار نهائي بشأن حجم قوة المراقبة ودورها.