النظام يتغير.. الثورة تتقدم.. هذا صحيح، ولكن هل يشعر المواطن البسيط بهذا التغيير؟ هل لامست التغيرات التي أحدثتها الثورة واقع الغلابة والمسحوقين تحت وطأة الفقر المدقع والجوع القاتل؟ أم أن الثورة مازالت حتى الآن تعيش في أبراج الساسة ودهاليز السياسة؟! للأسف الشديد ومع كل التغيرات التي حدثت يجد الغلابة والمسحوقين أنفسهم في نفس المربع الذي وضعهم فيه (صالح) بل ربما ازداد وضع الكثير سوءاً إلى سوءهم، وأثيرت في نفوسهم كثير من مشاعر الشك والارتياب المشوب بالتشاؤم من التغيير، وبدأت أصوات الكثير ترتفع (أوذينا من قبل الثورة ومن بعدها)، صحيح أن ثمار الثورة لا تتحقق بيوم وليلة وأن التغير يحتاج الى صبر ودفع ضريبة، لكن؛ من قال إن أوضاعنا المعيشية تحتمل أكثر من ما نحن فيه. خمسون في المائة من الشعب اليمني يعيشون تحت خط الفقر.. ماذا تعني هيكلة الجيش هؤلاء الغلابة والمسحوقين الذين تنحت الأوضاع كل يوم من هيكلهم العظمي، ماذا يعنيني الحوار الوطني والتصالح الوطني وأنا ما زلت في صراع مع الحياة.. أعيش تحت قصف الجوع القاتل وشظف العيش المر. مشكلة الوضع الإنساني في بلادنا عميقة وضاربة بجذوره في أرجاء الوطن وتزداد تجذّراً كلما ازداد إيماننا بتغير أوضاعنا إلى الأفضل وازددنا تمسكا بتلابيب الحياة.. خمسون عاما هي عمر الثورة السبتمبرية التي أطلق شرارتها أجدادنا بعد أن بلغ بهم الوضع الإنساني مبلغه... فكان القضاء على الفقر هدف من أهدافهم.. واليوم وبعد هذه السنون الطوال.. تعود ذكرى الثورة السبتمبرية على الأبناء وهم في ثورة جديدة لكن المطالب مازالت هي المطالب، وخمسون في المائة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر... نصف قرن على ثورة الأجداد ونصف الشعب ما زال يرزح تحت وطأة الفقر المدقع.. إننا هنا لا نريد أن نبث اليأس في قلوب الناس ونفقدهم الأمل في الثورة.. إنما نريد أن نقول أن الوضع الانساني في بلادنا مقلق ومخيف.. ولم نرى من الرئيس ولا من حكومته أي قرار شجاع يعيد لهؤلاء المسحوقين معنى الحياة.. معنى الإنسانية.. ويبعدهم عن استغلالات التدخلات الخارجية.. والداخلية.