توطين العسكر الحرم الجامعي، يؤرق الطلبة، والمدرسين على السواء. في الاصل بقائهم هنا على متنزهات الكليات وتفيء ظلال الاشجار والاسترخاء في متناول الاستراحة؛ لم يكن مرغوب به لحظة اندلاع الثورة. كما و لم يعد مرحبا به اليوم. ابسط مايمكن ان يقال عنه الآن: انه اصبح نوعا من الاستفحال المزاجي الذي اعتاد تصديره «الرجل الاول» لقد صار مضاعف للهمجية. وتحدي مكشوف لحرمة ما تعلمناه يوما. عن حقيقة البيادات العفنة عندما تختصر مهمة افتداء حرية شعب إلى خدمة الفداء والذود عن نزوات قادتها والضباط. ابعد من ذلك؛ أصبحت جامعة صنعاء مستعمرة الجنود؛ تكرس صورة جلية سيئة عن احتقار هيبة الجامعة ومئات الالاف من خريجي هذا الصرح العلمي. إنه تمريغ متعمد برمزية المؤسسة التعليمية الاولى والاكبر في البلد. في وحل البيادات السوداء.. هذا فائض الاستهزاء بالأطباء، والاستهتار بالمهندسين والمعلمين وغيرهم من اسسوا ونهلوا من شهدها العلم والمعرفة. أرادوا يوما ان يهدوها الحرية كجذر ضارب في اصل مؤسسة تعليمية خالصة، وهم ينصبون اول خيمة في بوابتها، وهاهم يكادون يسقطون صريعي الفشل. دون ان نشعر بفداحة الامر. ويكاد يتبدل الامر؛ فتصبح الهدية كتائب من العسكر، وجيل من الفشل يتلو اجيال صامتة ابتلعت غضبها وهي في امس الحاجة إليه. لماذا لم نجرب الاعتراف في الحقيقة ولو لمرة واحدة في حياتنا. ونجاهر بها: لم يكن مرحب بالجنرال ولا أتباعه في ألساحة. لكننا أظهرنا قدرا من التعقلن. رفضنا الفرز بحسب اللون والمظهر والمنصب. وها نحن اليوم نتجرع غيظنا صبرا وتحسر. بعد ان كنا ننظر بمسحة من الاعتزاز الى ما يمكن أن تقدمه الفرقة. لم نخطئ حينما قلنا يوم الثورة: أليست ثورة شعب بمختلف أطيافه. فلماذا يصر جنرال التأييدات القديمة والانضمامات الحديثة على نسف أسانيدنا الاكثر والابعد وطنية منه ومن فرقه من المحاربين القداما والجدد. إذ تغدو المطالبة بجلائهم من الحرم الجامعي جريمة لا تغتفر، ومناهضة بقائهم مؤامرة ضد الثورة والتنديد ببقائهم كفر بالشهداء والمعاقين والجرحى. عناصر الفرقة ساكنة الجامعة، ليست سوى رابضة فوق صدور عشرات الالاف من الطلبة الفتيان والفتيات الحالمين بالسكينة. المتهيبين من كل هذه الفوضى المجانية. العابثة بغطاء الشرعية الثورية. هذا تصرف اهوج صارخ بحق الثورة قبل غيرها. وعامل مسف بحق نوايانا جيل ثائر فتي مؤمن بحقه ان ينعم بالهدوء والاستقرار. مع انه كان حاضر الريبة لإعلان انضمام العسكر للساحة للثورة. لقد اصبح تواجدكم غير مبرر. ثم ماذا يعني كل هذا الاستنفار واستهواء مواصلة اللعب على فكرة تأمين حلمنا بالساحة. كمساندة الثورة والثوار. وأبناء الساحة كانوا اشجع منكم، لم نكن يوما في حاجة لهبوطكم الاضطراري الفج الثقيل على قلوبنا وساحتنا. صدقونا بعد هذه التجربة الفريدة في ثورة التغيير السلمية؛ لن يتحقق لكم ما تريدونه او تفكرون به: ان يزهر ربيعنا شوكا. نكاد نلمس استبدال إحلال حمايتنا بما يشبه تأميم افواهنا وتزييف شعاراتنا. نتحسس خوفكم يتسرب في تجاويف ارواحنا. اخرجوا من مقرراتنا الدراسية. تخلوا عن خداعكم الساطع. لكأن الحالة مدروسة في ظل مراوحتكم هنا. وتمركز لتسطير الحماقة التي جبلتم عليها. لا تبرير لما يرى البعض ان باحة الحرم الجامعي هي الحديقة الخلفية لقيادة الفرقة الاولى مدرع. بقائها يمثل درع واقي وساتر من اخطار القوات المعادية. الارتكاز على هذه الذرائع واهي؛ وليس منطقي؛ يؤكد أصحابه؛ ضرورة تحويل قاعات التعلم الي متاريس للكتائب المرابطة في المربعات الضيقة والواسعة؛ يهيم عناصرها المدججين بمختلف الاسلحة وسط الطلبة. نتذكر جميعا تصرف رئيس جامعة صنعاء [المُقال] نهاية شهر فبراير من العام الفائت، عندما رفض تنفيذ خطة كانت تقضي بتحويل الجامعة إلى معقل خلفي للساحة، على ان يكون بهوها مسرح للبلطجية وفرق الجريمة المنظمة، خططوا على استغلال منصة متاحة لهم. ولم تكن سوى جامعة صنعاء حيث يسهل التحرك فيها وممارسة مهامهم الشيطانية من امام وخلف الاسوار. من اجل تبديد ساحة التغيير من المكان القريب والأنسب. حينها ربما شككنا بالرجل، ودارت معلومات مجافية للحقيقة؛ من نوع انها تلميع له. والذي يجب التذكير به الآن في ظل استشراس قبضة الفرقة بحق الجامعة. من الضروري ان يكون انصاف له ليس إلا؛ في الوقت الذي تعرض -بسبب موقفة الرافض لمخطط الشر- للشتم والتعريض من قادة فرق البلطجية الميدانيين. على اثر ذلك ترك الجامعة ولازم بيته ما يزيد عن أسبوع. اليوم وبعد مشارفة العام الثاني من ثورة التغيير على نهايته، من الضروري ان نجري مراجعة صريحة، ناقدة عن سلوكيات وممارسات الاطراف التي اتخذت من الساحة، الثورة منطلقا لها؛ من اجل مستقبل وطن وضحت بأغلى ما تملك، وبين تلك التي تحاول حتى اللحظة مواصلة اتخاذ الساحة مساحة ومنصة لنواياها، ما تزال ترغب بتثوير الثورة على طريقتها فقط، ومن اجل المصلحة الشخصية والتمدد والاستعراض. كما لا تبدوا أكثر من يعمل وفق قاعدة اكذب ثم اكذب حتى نصدقك. مثلنا لم ولن تنطلي عليها هذه الخداع المفضوحة. صارت طافية على السطح. تحوم حولها الشبهات، وبما لا يدع مجالا للشك. ماتزال المساعي الحثيثة تحاول جاهدة الانحراف بهذه الساحة الي جيوب البزة الزيتية. بات على قادة الكاتيوشا ابتداء من الحرس المتمترس في مواقعه المحصنة، وانتهاء بالفرقة الاولى، بات عليكم الاخلاص للوطن لا للنزعة العسكرية الضارة المضرة بكم قبل الاخر. ان التخلي عن ما تعتقدونه سعي حميم نحو الاستحواذ على ماتبقى من هيبة الوطن هناك، وثورة التغيير هنا ولو من باب حرمة الحرم الجامعي. سيكون خاتمة التغطرس وخيم بالنسبة لكم وانتم تشذون عن شعب غاضب وشباب متوقد، يطمح الى اكمال مشوار التغيير ولو كلفة الباهض في دفع الثمن. دعونا نصدق مساعيكم بأنكم آمنتم يوما بالثورة.. تريدون مثلنا استكمال فكرة التغيير الحقيقي على ارض الواقع. وليس من المعقول ان تثبتوا لنا العكس الآن. غير أن روائح الشبهات تحوم في المحيط.