حل عبدالله أوغلو ضيفاً على اليمن ووقع وزير الخارجية التركي اتفاقيات بين اليمن وتركيا في جوانب ثقافية واجتماعية واقتصادية. بالفعل تحتاج اليمن إلى توقيع اتفاقيات تعاون داعمة للاقتصاد بالذات، لكن مطلوب تطوير التعاون السطحي إلى تعاون أعمق في مختلف الجوانب، مطلوب تطوير الرؤية في الاستفادة من تجارب الدولة المؤثرة في العالم. مع تركيا لدينا دروس عديدة في تجربتها تتناسب مع واقعنا، أولها قدرة تركيا على تطوير ديمقراطية أتت بحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية إلى حكم دولة عرفت بعلمانيتها، بعد أن أطاحت قبل ذلك بحزب «الرفاه» الذي رأسه نجم الدين أربكان.. لكنها قبلت حزباً عرفت مرجعيته الإسلامية لأنه اعتمد في عمله على إقناع الجميع به وخاصة في الاقتصاد، كان مسؤولو العدالة والتنمية يحققون قبولاً لدى الجمهور بنزاهتهم وإنجازاتهم فيما يخص خدمة الناس وقد كان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان نموذجا في المسؤول المنجز، وفي 1994 فاز أردوغان برئاسة بلدية اسطنبول وعمل على تطوير البنية التحتية للمدينة وإنشاء السدود ومعامل تحلية المياه وقام بتطوير أنظمة المواصلات بالمدينة من خلال أنشطة شبكة مواصلات قومية وقام بتنظيف الخليج الذهبي (مكب نفايات سابقا) وأصبح معلما سياحيا كبيراً.. ورغم خضوع أردوغان لعقوبة قضائية بسبب خطبة وبدعوى التحريض على الكراهية، إلا أنه في 2003 أصبح رئيساً للوزراء لإنجازاته لا لخطاباته، ومثلما يحسب لأردوغان اجتهاده وطريقته المرنة في التفكير بعد انشقاقه ورفاقه عن حزب الفضيلة البديل للرفاه- وهذا درس للأحزاب السياسية- كذلك يحسب للتجربة الديمقراطية المترسخة في تركيا. ويواصل أردوغان البحث عن مصلحة شعب تركيا والحفاظ على ما حققته تركيا التي وقفت على أنقاض هزيمة العثمانيين. وفي العلاقات الخارجية القائمة على «لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة» هذه القاعدة مبنية على أساس من المرونة القائمة على المصالح، لذلك ليس غريبا موقف تركيا من إسرائيل والتعامل بندية معها، فتركيا لديها الكثير مما يجعلها مؤثرة، والأهم من هذا هو أنها تعرف ذلك وتتصرف على أساسه. بالمناسبة لم يكن موقف تركيا في الثورة الليبية واضحاً وحدياً بسبب مصالحها مع النظام الليبي أو في ليبيا، كما كان موقفها متمهلاً من الثورة في سوريا، لكنها حتى الآن لم تتناقض في مواقفها تجاه الثورات العربية لقد كانت وهي تراعي مصالحها تنحاز إلى الشعوب في مصر وليبيا وسوريا واليمن، ولم تسم ثورة الشعوب «مؤامرات»، ولم تشارك في دمائهم، إن ما يحكم تركيا اليوم وبشكل عام هو صداقتها بالعالم لا عداواتها به، وثمة فرق شاسع بين مصالحنا مع دولة صديقة للعالم ستورثنا الصداقات، ومصالحنا مع دولة أخرى يحكمها العداوات بالعالم ومصالحنا معها لن تورثنا بالتأكيد سوى عداوات مع الأخذ بالاعتبار أن الوضع في تغير دائم ولا شيء يبقى على حاله.