لاشك بأن مستوى التعليم المتدني في بلادنا ما هو إلا إحدى نتائج وإفرازات النظام السياسي الراحل؛ كون التعليم أحد القطاعات الحيوية التي تأثرت وبشكل ملحوظ بسياسة الفساد والعبثية التي تبناها المخلوع علي صالح طيلة 33 عاما، ولأن التعليم ومخرجاته النوعية هو أساس تقدم البلدان ومصدر نموها الحضاري عمد النظام السابق على إضعافه وجعل منه تعليماً شكلياً حتى يتدارك نتائجه التي كانت -بلا شك- ستقوّض نظام حكمه في فترة زمنية وجيزة. اليوم وقد أصبحت وزارة التربية والتعليم إحدى الوزارات المحسوبة على قوى التغيير يطرح السؤال نفسه: هل بإمكان الوزارة أن تحدث إصلاحات فعلية تعيد هيبة التعليم وتدفع بعجلة التنمية إلى الأمام أم أننا على موعد جديد من الوعود والأمنيات التي طالما يبرر عدم تنفيذها بمعوقات وعراقيل المرحلة الانتقالية؟
إن أي عملية إصلاح في هذا الجانب لن يُكتب لها النجاح إلا إذا لخصنا مكامن الخلل المتواتر ولامسنا أخطاء الماضي بطريقة مهنية، مستفيدين من تجارب الآخرين ومعارفهم عبر إعداد خطة عمل ذات طابع تربوي سواءً على المستوى الإداري أو على مستوى نظريات إعداد المناهج الدراسية.
إن بداية العام لا يقل أهمية عن نهايته، والحصة الأولى التي يجب أن نتعلمها جميعاً هي تحديد المظاهر السلبية التي لازمت العملية التربوية. فمن خلال تجربة شخصية عايشها كاتب السطور أتقدم بهذه المحاولة المتواضعة بغرض إظهار أبرز معوِّقات العملية التعليمية على أن يظل هذا الموضوع دعوة مفتوحة لكل الكُتاب والتربويين لإثرائه وإعطائه حقه في المناقشة والتحليل ووضع الحلول.
في الجانب الاداري: وزارة التربية مطالبة بتفعيل التدوير الوظيفي وإنعاش دور الرقابة القانونية في مكاتبها وإداراتها التعليمية على أمل أن تُزاح العناصر الفاسدة، وهذا المفهوم لن يتحقق إلا إذا استطاعت الوزارة إعادة مكاتبها في المحافظات والمديريات بل ومدارسها المنتشرة في عموم البلاد إلى حظيرتها، فالواقع المعاش يشير إلى أن هذه المؤسسات التربوية لا تتبع الوزارة إلا شكلاً أما المضمون فهي إحدى الدوائر التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام، وكانت أحد الأوراق الرابحة التي ظل النظام السابق يطوي بها صفحات الدوائر الانتخابية لصالح حزبه ومرشحيه، حتى أننا لم نعد نجد أي مدير إدارة أو مدرسة لا تنطبق عليه مواصفات ومعايير الولاء الحزبي بطابعه التنظيمي وسيطرته غير المهنية، فضلاً عن وجود 3000 مدرسة تقريباً لا يتوافق على مدرائها الشروط القانونية للتعيين، ومن بين 11627 مدير مدرسة هنالك 145 مديراً ليس لديهم أي مؤهل علمي، حسب مؤشرات التعليم في اليمن 2005 2006م، ونسبة 70،1 من المدراء -عددهم 80185 مديراً ومديرة- يحملون مؤهل دبلوم بعد الثانوية.
البطالة المقنّعة: ونقصد بها الأعداد الكبيرة المحسوبة على الوزارة في كشوفات المالية، بينما الميدان يُعاني من نقص شديد في إعداد المعلمين في مختلف التخصصات، إذ بلغ عدد المعلمين 189،792 معلماً ومعلمة من إجمالي القوى العاملة في الوزارة لعام 2005 2006م 230،203 موظفين وموظفات.