أكدت جماعة الحوثيين أمس الأربعاء تسلم رفات مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي الذي قتلته القوات الحكومية عام 2004 بعد ثلاثة أشهر من القتال مع أنصاره في منطقة مران بمحافظة صعدة. وقال بيان لمكتب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي إنها ماتزال في انتظار النتائج التي سيسفر عنها فحص الحمض النووي للرفات (دي إن إيه)، نافية أن يكون تسليم الرفات قد جاء ضمن صفقة سياسية مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. ووصفت الترويج لذلك بأنه يندرج ضمن سياق سياسي رخيص ومتجرد من الروح الإنسانية والأخلاقية.
وأشارت الجماعة إلى أن «الكشف عن مصير المفقودين حق إنساني وأخلاقي ويجب على النظام سرعة الكشف عنهم في أسرع وقت ممكن».
وكان عبدالكريم الخيواني الذي ينشط في إطار جماعة الحوثيين صرح قبل يومين بتسلم رفات الزعيم الروحي للجماعة. وقال إنه وممثلين للجماعة التقوا رئيس الجمهورية وأبلغوه تأكيداً من عبدالملك الحوثي لموقفه الداعم لأي خطوات في اتجاه التغيير وتحقيق أهداف الثورة السلمية والدولة المدنية الحديثة.
وعبر الخيواني عن شكره للرئيس عبدربه منصور هادي لتسليمه رفات حسين الحوثي والوعد بمتابعة قضايا جميع المفقودين والكشف عن مصيرهم.
التقى الخيواني الرئيس إلى جانب علي علي العماد أحد ممثلي الحوثيين في صنعاء وعبدالكريم جدبان النائب البرلماني عن إحدى دوائر صعدة.
يعود رفات الحوثي إلى ذويه إلا أنه يخلف وراءه عدداً من الأسئلة بشأن المكان الذي كان يحويه منذ مقتل صاحبه في 2004 وما إذا كان النظام السابق برئاسة علي عبدالله صالح أفرج عنه في الوقت الراهن أم أنه كان في موقع متاح لسلطات الدولة العليا الوصول إليه.
ويسدل تسليم رفات الحوثي الستار على فصل مهم في المشكلة الحوثية. ومن شأنه أن يدفع محاولات النظام السياسي الجديد لاجتذاب الحوثيين إلى الجسم الوطني خطوة إلى الأمام ويهدىء من مخاوف الجماعة المسلحة حول توجهات النظام الحالي وتحالفاته.
في السياق، سردت صحيفة موالية للحوثيين ما قالت إنها اللحظات الأخيرة قبل مقتل حسين الحوثي قائلة إن العميد ثابت جواس الذي قاد كتائب الجيش الميدانية في الهجوم على معقل الحوثي أطلق النار من مسدسه على رأس الأخير بعد أن كان قد استسلم ليرديه قتيلاً في الحال.
وأوضحت صحيفة الهوية التي تصدر في صنعاء أن حسين الحوثي بعد أن استنفد وسائل المقاومة، خرج من الكهف الذي كان يتحصن فيه بصحبة ابنه الأصغر عبدالله وشخص آخر يلقب بالعياني وتحدث مع جواس قبل أن يصعد الأخير قمة مرتفعة ويجري اتصالاً عبر جهاز لاسلكي ثم يعود لتصويب رصاصات من مسدسه على رأس الحوثي.
وأضافت أن جواس أمر العياني وابن الحوثي بإخراج نساء كن داخل الكهف وحين ذهبا لتنفيذ ذلك، أطلق جواس النار على حسين الحوثي.
وسبق أن انتشرت أجزاء أساسية من هذه الرواية لكن هذه هي المرة الأولى التي تؤكدها معلومات صادرة عن الحوثيين.
والحوثي واسمه الكامل حسين بدر الدين بن أمير الدين الحوثي مولود في صعدة عام 1956 وأبوه واحد من أشهر علماء المذهب الزيدي الأمر الذي انعكس في نشأة ابنه قبل أن يسافر مع والده إلى لبنان وإيران حيث درس مزيداً من علوم الدين والفقه الزيدي.
وتشكل إقامة الحوثي في إيران ولبنان المحطة التي يشير إليها خصومه بأنها مثلت نقطة ميله من الزيدية إلى المذهب الجعفري وهو اتهام ينفيه أنصار الحوثي.
اكتسب حسين الحوثي عضوية البرلمان في انتخابات نيابية عام 1993 ممثلاً لحزب الحق عن إحدى دوائر صعدة قبل أن ينشق عن الحزب مع آخرين ويشترك في تأسيس حركة «الشباب المؤمن» التي اعتنت بالفكر الزيدي وتدريسه.
لكن الحوثي سيضيق مرة أخرى بإطار «الشباب المؤمن» فيشق لنفسه منهجاً جديداً يرتكز كلية على القرآن وتعاليمه بشأن القتال ضد أعداء اللمسلمين موجهاً ذلك ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ثم سرعان ما أحيا أنصار الحوثي شعاراً قديماً ينطوي على معاداة الدولتين صار يعرف لاحقاً باسم «الصرخة».
وبعد أن علا الشعار في مساجد بصعدة وانتشرت كراسات تحوي تفسيرات تفسيرات حسين الحوثي لنصوص قرآنية يهيمن عليها التأصيل لقتال الأميركيين وإسرائيل، جرد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح حملة عسكرية جلبت رأس الحوثي إليه لكن القوات الحكومية لم تهنأ بنصرها كثيراً فقد عادت لتخوض خمس جولات أخرى من الحرب، استمرت من 2005 حتى 2010.
يبسط الحوثيون الذين سموا أنفسهم «أنصار الله» نفوذهم على صعدة منذ انتهاء الجولة السادسة من الحرب مع تصاعد مستمر في شكاوى السكان المحليين ومنظمات حقوقية بشأن انتهاكات يمارسها الحوثيون ضد مواطني المحافظة.