تحل الذكرى الثانية عشرة لغياب فقيد اليمن الكبير الأستاذ عمر الجاوي في الثالث والعشرين من ديسمبر, وحال البلد من سيء إلى أسوأ, ما يؤكد حاجة الوطن إلى رجال مثل العم عمر, قادرين على مواجهة الأزمة الوطنية وقيادة الجماهير للخروج من هذا الوضع المأساوي الذي يهدد كيان المجتمع بالانهيار. إن معارضتنا الموقرة حتى وهي تمتلك رؤية للخروج من الأزمة وتفكر في آليات عمل على الطاولة مازالت تتفرج على المشهد الوطني الكئيب من الخارج, غير قادرة على أخذ زمام المبادرة والنزول إلى الشارع لجمع شتات المعارضة والحركات الشعبية التي تقدم التضحيات كل يوم وتنتظر من المعارضة فعلاً حقيقياً على الأرض يبدد ركاماً من عدم الثقة على مدى سنوات طوال. تمضي الحرب في صعدة بكل أبعادها وشوائبها الإقليمية, وربما تمضي في طريقها إلى التدويل, ونحن نجهل مآلات هذه الحرب, كأنها تدور في كوكب المريخ, ثم تنحرف الطائرات وتغير مسارها إلى مناطق ومساحات أخرى كانت آمنة قبل الأسبوع الماضي, ويبدو الآن أن الحرب قد أصبحت على الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
في المعجلة امتزجت لحوم الأطفال بلحوم الشياه, يوم الخميس الماضي, الطائرات اليوم تحوم على أي قرية ولا تتورع من تدميرها, بل تكررت الطلعات فوق مناطق لودر ومودية لليومين اللاحقين, الدولة أصبحت مصدر إرهاب لمواطنيها, فهل قررت أن تنقل محافظات الجنوب إلى الحرب رغماً عنهم, وإذا كان إشعال الحرب مطلوباً في الجنوب لأن أخلاق الحرب واقتصاد الحرب في صعدة قد أزهرا في نفوس تجار الحروب, فهل سلطتنا متأكدة من قدوم تدخل إقليمي آخر سوف ينحني له العالم, ولتحترق الأرض من تحت أقدام المواطن الجائع والخائف مادام للحروب فوائد. أين أنت أيها العزيز عمر الجاوي لترى ما أوصلنا إليه حكامنا, لترى كم الدم اليمني رخيصاً, ولترى عبث الطائرات وهي تحول البلد إلى أشلاء ممزقة . لم تعد حدودنا وأراضينا موضع قداسة, ولم يعد بوسعنا اليوم أن نحلم ونعلم أطفالنا, - ومن بعد كل هذا يراد منا أن ننجب أطفالا - البلد حروب لا تنتهي وروائح الدماء والأشلاء المحترقة تمتد من صعدة إلى المعجلة, الإبادة هي قدر نستحقه ليبقى الحكام وحدهم يملكون الأرض ويستولون على خيراتها دون منازع – طالما النخب عاجزة عن إيقاف هذا العبث والوقوف بصدور مفتوحة في وجه تجار الحروب والسير بالناس نحو الخلاص من هذا الكابوس الرهيب. لابد من مصارحة حقيقية مع أنفسنا نحن المعارضة, هل سنبقى القوة الضعيفة التي لا وزن لها ولا قيمة؟! نكثف الاجتماعات في اللجنة التحضيرية ولجانها الفرعية وإعادة مطالعة بيانات الاستنكار والشجب, بينما القوى الفاعلة والحقيقية على الأرض هي الحراك الجنوبي والحوثيون اللذان نحاول أن نتوحد بهما إذا رغبا في عقلنة المطالب المشروعة واتجهنا جميعاً نحو الدولة. من سيصدق أننا جادون في الحوار مع هذه القوى والوصول معها إلى قواسم مشتركة, لذا قد استهوينا لغة البيانات والإدانة.
مَن مِن الحراك سيقبل اليوم أن يتعاطى معنا بايجابية؟! إذا كانت مذبحة الخميس في معجلة لم تقابل حتى بمظاهرة احتجاجية تنظمها اللجنة التحضيرية في العاصمة صنعاء, أنا عضو في اللجنة التحضيرية للحوار ولكني لست مقتنعاً ببيان اللجنة عن هذه الحادثة الذي تأخر لليوم الثالث بعد المجزرة. رحمك الله أيها العزيز القائد وليرحمنا الله من بطش مصاصي الدماء ومشعلي الحرائق في كل مكان.