بالرغم من أهميةِ العلمِ والعلماء , فقد اكتشفتُ خلال رحلتي القصيرةِ الميدانيةِ مع ثائراتِنا وثائرِينا : إن صرخةً في وجهِ طاغيةٍ , وقذفَ حجرٍ على قناصي مستبدٍ ومليشياته , المدججة بأحدثِ أنواع الأسلحةِ والغازاتِ السامة , أقوى دِلالة , وأبلغ أثراً من عشرات الأبحاثِ والدراساتِ التي تظل (حبيسة الأدراج والأرفف) , أو يكتفي أصحابُها بالحديثِ عن أضرارِ الاستبدادِ وتُنَّظِر لمخاطرِ الفساد , والظلمِ الاجتماعي .
فوفقوا بين العلمِ والعمل . ولا تكتفوا بالجلوسِ في أبراجِكم العاجية , ولا تبخلوا بصرخةٍ ووقفهٍ في وجهِ الفاسدين والمستبدين , واحرصوا أن ترى أبحاثكم ودراساتكم النورَ والتطبيق.
آهٍ كم أكره التدثرَ بالموضوعية , والتخفي وراء الحياد ؛ حينما يتفشى الظلمُ , وتُنتَهكُ الحقوقُ , وتُصادر الحرياتُ !
أنا , هنا , لا أقلل من أهمية العلم والعلماء . ولا أبخس من قيمة أبحاثهم ودراساتهم القيمة , أو أجحد ما للمنهجية العلمية من أهمية في التفكير والبحث , وعِظَم دورها في معالجة مشكلات المجتمع , والسعي لتقديم حلول ناجعة لمعاناته ومعضلاته .
بل إنني في هذا الصدد, إنما أُذَكِر بضرورة حضور الوظيفة المجتمعية لجامعاتنا , وأنوه بالدور الحركي (السلوكي) التغييري , المناط بكل من العلماء والباحثين على حدٍ سواء . إنها ثورةٌ حتى النصر , ولو كره المستبدون والمتخاذلون والمتسللون معًا.