لأكثر من ثلاثة عقود كانت القيادة السياسية تتعامل مع مديرية وصاب السافل باعتبارها منطقة قفزت سهوا إلى خارطة اليمن، وتأسيساً على هذا المنظور الكارثي كان معظم القضاة ومدراء الأمن الذين يصلون إلى وصاب يتحولون إلى سلاطين ومشاريع فرعنة، كونهم يعملون خارج دائرة الضوء. وحين انطلقت ثورة الشعب السلمية كان أبناء وصاب من أوائل المبادرين للمرابطة في ساحات الحرية وميادين التغيير على أمل أن تشفع لهم نضالاتهم وتضحياتهم في الخروج من هامش الظل المعوجّ والحصول على درجة المواطنة الكاملة. لكن خيبة الأمل كانت على قدر التضحية والصبر الجميل فمحافظة ذمار ما تزال تدار بعقلية النظام العصبوي البائد، والمحافظ العمري من أكثر الناس خصومة للتغيير على مستوى المحافظة وفي وصاب بشكل خاص، الأمر الذي عزّز تغلل جرثومة الفساد وضياع الحقوق. ومما زاد الطين بلة أن رئيس محكمة وصاب أحال المحكمة إلى مطعم لوجبات الأحكام السريعة، وقد تواترت شكوى المواطنين في حق هذا القاضي الذي يقولون إنه يفتقر لرزانة القضاء وعدالة الميزان، فالمواطن الفقير -في عرفه- متهم حتى يثبت أنه غني، وهو لا يتورّع عن تعسف المواطنين الذي يقعون بين يديه، وتوجيه الشتائم لأحدهم وفقا لحركة المال ورياح التربح بنفوذ المنصب وهي عادة درج عليها، ما جعل أحد المواطنين يرفع شكوى ضده إلى استئناف الحديدة. كما أنه يحتجز المواطن فاضل محاسن منذ أسبوعين على خلفية ترافعه عن موكله في قضية حقوقية دون مراعاة لروح القانون وقواعد الترافع، ومع أن أسرة فاضل منذ ذلك الحين ما فتئت تناشد هيئة التفتيش القضائي ووزير العدل ووزارة حقوق الإنسان التدخل وتشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات القاضي، إلا أن أحدا لم يلتفت لتلك المناشدات، حتى صار الكثير من أبناء المديرية يتندرون بالقول: نريد من وزارة العدل أن تزودنا بمواصفات القاضي الذي في الجنة كونه حتى اللحظة لم يتسنَّ لنا سوى التعرف على قاضٍ من نار.
يبقى القول أننا إذ ننقل طرفا من شكاوى أبناء المديرية في حق القاضي فإننا إنما نفعل ذلك من أجل صالح المنطقة وصورة القضاء المحترمة في وجدان الناس، وحتى تتكامل جهود السلطة الرابعة مع جهود السلطة القضائية في القضاء على المظالم وبناء مجتمع العدالة والحرية والكرامة، وإن الشريعة التي ضمنت لليهودي مقاضاة أمير المؤمنين علي لا نظنها تضيق بحق أبناء وصاب في مقاضاة قاضي المديرية، وعلى الجميع أن يدرك أن الزمن قد تغيير وأن أبناء وصاب الذين قدموا كوكبة من خيرة أبنائهم شهداء مهراً ليمن العدالة والحرية لن يقبلوا بسريان مظالم الأمس وممارسات النظام البائد القائمة على التسلط والتهميش وانتهاك حقوق الناس وحرياتهم، ولو اقتضى منهم ذلك التصعيد حتى آخر سلّم الوسائل السلمية والاحتجاجية المشروعة والمتاحة.