واصل مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أمس السبت، أعمال جلسته العامة الأولى للأسبوع الثاني برئاسة عبد الوهاب الآنسي. ووقف المؤتمر أمام برنامج عمله للفترة المقبلة، والهياكل والتكوينات والآليات الناظمة للمؤتمر وللجان المنبثقة عنه.
وفي هذا السياق، قدّم الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، عرضاً شاملاً بهذا الخصوص تضمّن توضيحات لمهام ومسؤوليات الجلسة العامة للمؤتمر وواجبات وحقوق الأعضاء وآليات العمل المحددة في النظام الداخلي لمؤتمر الحوار، ولمهام فرق العمل وطريقة تواصلها المجتمعية، بالإضافة إلى آلية صياغة ورفع المقترحات للمؤتمر.
واستمع المؤتمر إلى مداخلات أعضاء المؤتمر وكلماتهم حول عددٍ من القضايا الهامة التي ستُطرح على جدول أعمال المؤتمر في الأيام القادمة، فيما تحتل القضية الجنوبية حيزاً كبيراً من النقاشات والمداخلات لأعضاء مؤتمر الحوار.
وقال المحلل السياسي ياسين التميمي ل«المصدر أونلاين» ان «استمرار هيمنة القضية الجنوبية على أعمال مؤتمر الحوار لأن الناس تعتقد بأن حل القضية الجنوبية وسوف يترتّب على حلها كل القضايا التفصيلية الأخرى المتعلقة ببناء الدولة».
وأضاف التميمي «الحقيقة أن هذه القضية تستمد زخمها من حالة الانفصال الميداني الذي تعيشه المحافظات الجنوبية بسبب اتساع نطاق رفض الوحدة لدى الجنوبيين، ومن هنا تبرز أولوية هذه القضية وحرص المؤتمرين على اقتراح صيغة تُبقي على الدولة المدنية بأي شكل كان، بما في ذلك الشكل الفيدرالي».
ورداً على سؤال «المصدر أونلاين» حول بقاء القضية الجنوبية في صدارة النقاشات، قال عضو لجنة الحوار الوطني عن قائمة شباب الثورة محمد المقبلي «إن أبناء الشمال يجدون في الحديث عن القضية الجنوبية نقطة القوة في مواجهة مراكز النفوذ في شمال الشمال لاستعادة الدولة الوطنية الديمقراطية».
وأشار المقبلي إلى «أن الفرق بين المظلومية في الشمال والمظلومية في الجنوب هو تضخم المظلومية في الجنوب بسبب الذاكرة المجروحة عندما غابت الدولة التي كانت حاضرة في الجنوب وغائبة في الشمال».
ويدور جدل واسع حول مناقشة الأعضاء لقضايا مناطقية صرفة، فيما يرى آخرون أن هذه مرحلة «فضفضة» كمقدمة لإزالة الاحتقان الحاصل جراء المظالم الكثيرة التي خلفتها سياسة التهميش والإقصاء.
ودخلت «القضية الماربية» على الخط، إذْ تحدث ثلاثة من أعضاء المؤتمر عن محافظة مارب تباعاً، طالبوا خلالها بإدراج قضية مارب كواحدة من القضايا الإنسانية والحقوقية.
وحول كثرة الحديث عن القضية الجنوبية، قال القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني محمد أحمد غالب «هذه أول مرة في تاريخنا نعمل مؤتمر ونسمع اللي يعجبنا واللي ما يعجبناش». مضيفاً: «التضامن الحاصل اليوم من الشمال مع الأهل في الجنوب حالة صحية».
«يتحدث الجنوبيون بأقصى ما لديهم من عبارات، وهي مهذبة بطبيعة الحال، ويجب أن تُحترم خاصة وهم أعلنوا صراحة نبذ العنف واعتماد السلم والحوار كخيار لحل قضيتهم» - يضيف غالب، مشيراً إلى أن هذين الأسبوعين هما فرصة للتنفيس كل بما لديه، وأثقْ بعدها أن الحوار لن يكون حواراً جهوياً ولكن سيكون حوار مشاريع.
وفي ذات السياق، قال محمد سالم عكوش، عضو لجنة الحوار عن محافظة المهرة، إن هناك مقترحاً بتغيير تسمية القضية الجنوبية إلى تسمية أخف من ذلك، تفادياً للتشرذم وتسهيلاً للحل.
وأضاف عكوش في كلمته أمام أعضاء مؤتمر الحوار: «الفيدرالية هي أرقى شكل من أشكال الحكم في العالم»، داعياً إلى تقسيم البلاد إلى أقاليم معقولة لتأسيس دولة ذات دستور توافقي وليس مفروضا من طرف بعينه ولا يتغير إلا بعد 100 أو 150 سنة، تكون فيه صنعاء عاصمة للاتحاد، بجيش واحد وقيادة واحدة.
وطالب عبدالله هذال، أحد الناشطين وعضو لجنة الحوار عن محافظة مارب، ب«إعطائه 6 دقائق كوقت إضافي؛ دقيقتان من أجل نفط مارب، ودقيقتان للغاز، وأخريان من أجل الطاقة الكهربائية التي تصدّرها مارب لليمن».
من جهته، حيّا الدكتور منصور الزنداني في مداخلته شهداء اليمن في الماضي والحاضر وعدم نسيانهم. وطالب «باتخاذ قرار عاجل من قبل مؤتمر الحوار يوجّه للدولة لرعاية أسر الشهداء الوطن من المهرة إلى صعدة».
وخاطب الزنداني هيئة رئاسة مؤتمر الوطني: «هناك حديث يدور حول وثائق جاهزة تقدّم للمؤتمر، ونحن جئنا هنا لصياغة مستقبل يمننا بأيدينا، ونناقش مشاريع وطنية وليس حواراً إقليمياً أو دولياً، ونرفض أي تدخل إقليمي أو دولي في شأن أمن واستقرار اليمن، ومصالحه العليا المتمثلة في عقيدة ووحدة وديمقراطية هذا الشعب».
وفي هذا الصدد، قال حسين حازب، عضو لجنة الحوار، إن «المؤتمر سيّد نفسه، وله آلياته ووسائله في هذا الصدد» مضيفاً: «أقول لإخواني في الجنوب إننا جنوبيون حتى تُحل قضيتكم، وليس هناك وسيلة إلا الحوار، والحوار فقط».
وأشار حازب إلى القضية الماربية بقوله «لدينا قضية في مارب لكن يبدو أنها ليست مسموعة كما ينبغي». وطالب بضبط المسميات وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأن يفصّل دستور على مقاس وعقلية أصغر عضو في الحوار «لأننا نصنع مستقبل الأجيال القادمة».
اللافت في جلسة أمس هي كلمة بدر كلشات المهري، ممثل محافظة المهرة عن قائمة شباب الثورة، والتي تعمّد إلقاءها باللغة المهرية، فيما ترجم له زميله مختار عويض إلى العربية.
وقال كلشات ل«المصدر أونلاين» إنه يريد من خلاله إلقاء كلمته باللغة المهرية إيصال رسالة مفادها «خصوصية هذه المحافظة ومدى الحرمان والتهميش والإقصاء من دوائر صنع القرار الذي طالها خلال الفترة السابقة، فلا وزير ولا وكيل ولا سفير من المهرة»، مؤمِّلاً على مؤتمر الحوار الخروج بحلول جذرية لكل قضايا الوطن وفي مقدِّمتها القضية الجنوبية.
وأشار أكثر من متحدث إلى ضرورة إقالة العميد أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري سابقاً واللواء علي محسن الأحمر قائد ما كان يسمّى «الفرقة الأولى مدرع»، وتسمية قيادات المناطق العسكرية السبع وفقاً لمعايير وطنية متفق عليها، بعيداً عن أصحاب النفوذ والفاسدين.
وكان نبأ مقتل ثلاثة من مرافقي الشيخ عبدالواحد ناجي أبو راس أحد ممثلي الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني برصاص مسلح بالعاصمة صنعاء قد ألقى بظلاله على مُجريات وأعمال المؤتمر.
وعبّر نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل، رئيس جلسة أمس السبت، عبدالوهاب الآنسي في مستهل الجلسة المسائية إدانة واستنكار أعضاء وعضوات مؤتمر الحوار الشديد لحادث «الاعتداء الإجرامي والكمين الغادر» الذي استهدف أحد أعضاء مؤتمر الحوار.
تلت ذلك كلمة عبدالكريم الخيواني، عضو المؤتمر عن قائمة الحوثيين، اتهم فيه طرفاً يحاول من خلال أعمال القتل أن يجر طرفاً ما، ويقصد الحوثيين تحديداً، إلى الانسحاب «غير أن ذلك لن يحصل وسنستمر في العمل من أجل بناء الدولة المدنية التي ضحّى من أجلها شباب الثورة السلمية» يقول الخيواني.