شعور بالإحباط والأسى وأنت تنظر إلى الخيبة تطل من وجوه الطلبة في جامعة صنعاء بعد إعلان تعليق الاختبارات والإضراب عن الدراسة وتتبادر إلى ذهنك الجملة الشهيرة لسعد زغلول التي تصف الحال في الجامعة خير وصف «ما فيش فايده» ونحن نقول «مفيش فايده ياجامعة صنعاء»، الأحداث في الجامعة لوهلة كانت تبدو مطالبات للطلاب لكنها تطورت بشكل متسارع وغير مفهوم يبعث على الريبة. من أكثر المفردات المسموعة عندما تسأل عن ما يجري هي مفردة الحرية والحقوق، الحرية تلك الكلمة السحرية التي لطالما كان لصداها ذلك الوقع الجميل والمغري في النفس.
الحرية كلمة حدودها السماء وأرضها ومنبعها الروح وضوابطها القيم والمبادئ، الحرية شعور ومنظومة ينتهجها الإنسان ليشعر بأنه كيان حر قادر على اتخاذ قراراته والتعبير عن آرائه وانتزاع حقوقه!
لكن هل فعلاً جميعنا يعي المعنى الحقيقي للحرية، أم أنها أصبحت مطية يمتطي صهوتها الطامعين وأصحاب المآرب المشبوهة يتشدقون بها ليحققوا من خلالها أغراضهم ومصالحهم، الحرية للأسف أصبحت هي الصك الذي يتم توزيعه لإيهام البعض بأنه الضمان لهم للعيش الكريم والعدالة التي ينشدونها.. لكن هيهات ليست هذه الحرية!
عندما نتحدث عن حرية الرديف الذي يتبادر إلى ذهني هو الثورة، فنحن نثور لننشد العدالة والعيش الكريم، نثور بحثاً عن الحقوق المنهوبة، نثور طلبا للحرية التي من خلالها يتحقق لنا كل ما سبق، الثورات العربية وربيع الحرية العربي اكبر مثال فقد جاءت هذه الثورات برياح مشبعة بعبق الحرية فهبت جميع الشعوب لتقول لا للطغيان لا للاستبداد لا للتوريث لا للاستعباد.
يبقى فقط السؤال هل فعلاً وصلنا للحرية المنشودة؟ وما مفهوم الحرية لدينا؟
الحرية هي شعور نابع من الفرد وليس شيئا يملى عليك، وما يحدث من بعض الوصوليين والمنتفعين من تشويه للعقل الجمعي للطلبة في الجامعة والزج بهم للمواجهات التي يهدف من ورائها البعض تحقيق مصالح معينة وإذكاء جذوة المماحكات السياسية والحزبية الضيقة شيء غير مقبول أبدا.
الأمور تبدو في ظواهرها عادية لكنها تحمل الكثير من الغموض والملابسات، والطالب هو المتضرر من كل هذا هو الضحية وحجر النرد في أيدٍ عابثة لا يهمها إلا مصالحها وانتصارها على حساب غيرها..
لا ضير أبدا من المطالبة بما نؤمن بأنه حق من حقوقنا وان نمارس حريتنا في التعبير دون قيود تكبل أفكارنا وتتحكم بمصائرنا أن لا نسمح لأياً كان أن يملي علينا ما يجب وما لا يجب، لكن يجب أيضا بالمقابل أن نلتزم الضوابط التي تمليها علينا قيمنا ومبادئنا وإنسانيتنا فالحرية دون قيم ومبادئ أبدا ليست حرية.
إليكم أيها الشباب والطلاب تأييدكم لبعضكم والتضامن والتعاون بينكم ومطالبكم المشروعة ليس معيبا أبدا ولكم كل الحق في ممارسة حريتكم في التعبير والاحتجاج والمطالبة عندما تكون هذه الاحتجاجات والمطالبات حقّه ومشروعة وليس بإيعاز من أحد، لا تكونوا انتم ورقة ضغط تستخدمكم أطراف متصارعة آخر ما يهمها وما تفكر به مصلحتكم.. اثبتوا أنفسكم بالعلم فالعلم قوة ابدءوا في صناعة شخصياتكم المستقلة الحرة المتفردة.. دمتم بخير