في 2 كانون الثاني/يناير، 2010، أكد الرئيس باراك اوباما بأنه "قد جعل من أولويات اهتمامات [الإدارة] تعزيز شراكتنا مع الحكومة اليمنية — [ويتمثل ذلك] بتدريب وتجهيز قوات أمنهم، وتقاسم المعلومات الإستخبارية والعمل معهم لضرب إرهابيي «القاعدة»". وتنطوي زيادة المساعدات العسكرية لصنعاء على موقف حساس للغاية. فمن ناحية، هناك مصلحة قوية للولايات المتحدة للحط من قدرة ”تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية" لمنعه من مهاجمة المصالح الأمريكية في اليمن، أو الممرات البحرية الإستراتيجية، أو الأهداف الدولية. ومن ناحية أخرى، هناك قطاعات كبيرة من قوات الأمن اليمنية التي تُستخدم في القمع الداخلي، كما يتعاطف لفيف من جهاز المخابرات مع التشدد الإسلامي في هذا البلد الضعيف والمنقسم، مما يثير احتمال إمكانية تقويض أهداف الولاياتالمتحدة.
الخلفية يضم الصفّ الأول من قوى الأمن الداخلي في اليمن وكالتين استخباريتين هما: "جهاز الأمن القومي" و "جهاز الأمن السياسي"، وهذا الأخير هو الأقدم من بين الإثنين وتربطه علاقات اتصال وثيقة مع أجهزة الإستخبارات السعودية والباكستانية، شملت قيام الحكومة اليمنية بتجنيد مقاتلين للجهاد ضد السوفيات في أفغانستان. وقد استخدمت حكومة الرئيس علي عبد الله صالح "جهاز الأمن السياسي" للتفاوض مع مسلحين من العرب السنة المتشددين في اليمن من أجل التوصل إلى ترتيبات وتسويات مختلفة، بما في ذلك تجنيد العائدين الأفغان العرب لإستخدامهم من قبل النظام كقوات أمن في الصراعات الداخلية. وفي 3 كانون الثاني/فبراير 2006 فر ثلاثة وعشرين سجيناً من الجهاديين من سجن "جهاز الأمن السياسي"، بمن فيهم قادة “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية”. وقد عزز هذا الحادث من مكانة "جهاز الأمن القومي"، الذي كان قد أنشئ عام 2002 لضمان وجود شريك محلي لوكالات الإستخبارات الغربية يكون أكثر استساغة من "جهاز الأمن السياسي". إن "جهاز الأمن القومي" هو الآن مسؤول عن توزيع 3.4 مليون دولار من الأموال التي وفرتها الولاياتالمتحدة من أجل المشاركة القبلية لدعم الحملة ضد “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية”. وقد أصبح الصفّ الثاني من قوى الأمن الداخلي تحت إطار "منظمة الأمن المركزي" التي تضم قوات قوامها 50000 شرطياً، وهي فرع مستقل إلى حد كبير وتابع لوزارة الداخلية. وتتكون "قوات الأمن المركزي" التابعة ل "منظمة الأمن المركزي" من قوات الشرطة شبه العسكرية التي تحافظ على أمن المباني الرسمية والبنية التحتية وعلى شبكة كثيفة من نقاط التفتيش الأمنية على الطرق السريعة في اليمن. كما بدأت هذه القوات بإجراء عمليات المراقبة السرية المضادة على الأهداف الإرهابية المحتملة. وتتكون "وحدة مكافحة الإرهاب" من 150 جندياً من القوات الخاصة القوية التي نجحت في القيام بغارات في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2003. ويشكل الجيش الصفّ الثالث من قوى الأمن اليمنية الداخلية. وتوفر القوات العسكرية الأمن والحماية في [المناطق] التي تشكل أهداف إرهابية محتملة وفي نقاط التفتيش الأمنية، وغالباً ما تقف وحداتها جنباً إلى جنب مع عناصر الجيش من "قوات الأمن المركزي"؛ وكثيراً ما تكون هذه العناصر الأخيرة منهكة جداً، حيث تستهلك انتفاضة الحوثي في شمال اليمن أكثر من نصف من القوة النشطة لهذه العناصر. وقد أدى هذا إلى تفعيل "الجيش الشعبي" وهي كتائب ميليشيا أقيمت على غرار ميليشيات حزب البعث العراقي، وتضم جزئياً عناصر إسلامية متشددة من العرب السنة، بمن فيهم مجاهدين سابقين من الأفغان العرب. كما تقوم قوات "مصلحة خفر السواحل اليمنية" و"سلاح الجو" التي تم تدريبها من قبل الولاياتالمتحدة بمهام توفير الدعم المتخصص للأمن الداخلي، جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية.
مجالات التركيز للقوات العسكرية الأمريكية - الدعم الفني تمكن “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” من بناء قوته تدريجياً بسبب تمتعه بقيادة مستقرة وفعالة تتكون من المتشددين من ذوي الخبرة مثل [المثقف] العقائدي ناصر الوحيشي والقائد الميداني العسكري قاسم الريمي. وتبعاً لذلك، فمن المنطقي أن يتم مد يد المساعدة الأمنية من قبل الولاياتالمتحدة إلى الصفّين الأول والثاني من الأجهزة الأمنية التي تقود وتنفذ عمليات مطاردة متواصلة داخل اليمن، وخصوصاً "جهاز الأمن القومي" و "وحدة مكافحة الإرهاب"، ووحدات متخصصة من "سلاح الجو". ومع ذلك، لا تمثل هذه القوات سوى قسم واحد من المخابرات والبنية الأمنية المطلوبة لهزيمة “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية”.
إن المبادرة المشتركة بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا لدعم تطوير قوات الشرطة المحلية لمكافحة الإرهاب في اليمن، بإمكانها أن تساعد على تقليل الإعتماد على "جهاز الأمن السياسي" في مجالات جمع المعلومات الإستخبارية والمشاركة القبلية. وتُدعَم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في الوقت الحاضر من قبل خلايا "إدارة البحث الجنائي" في قوات الشرطة المحلية، ولكن هذه الوحدات ضعيفة وتفتقر للتمويل. ومع ذلك، فهي تهدد “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” بما فيه الكفاية بحيث أنها كانت تُستهدَف بصورة مكثفة في هجمات ترهيبية. فعلى سبيل المثال، تم إعدام المقدم بسام سليمان طربوش، رئيس قسم التحريات ب "إدارة البحث الجنائي" في محافظة مأرب في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، وأُطلق شريط فيديو على شبكة الإنترنت يصور عملية إعدامه. ولكي يتم إحداث تغيير جدي في قدرات استخبارات الشرطة اليمنية، سيتطلب [إرسال] بعثة لتدريب قوات الشرطة في البلاد تكون مزودة بإمكانيات جيدة وتتمتع ببعض الحرية لتعليم وتوجيه المتدربين في المرافق المحلية. وقد دلت تجربة الولاياتالمتحدة في العراق وأفغانستان بأن تطوير مثل هذه القدرات هو صعب وبطيئ ويعتمد على رصد القوات النامية عن قرب.
وفيما تستعد الحكومة الأمريكية لزيادة مساعداتها الأمنية، يجب عليها أن لا تتغاضى عن الجيش اليمني و "قوات الأمن المركزي". وعلى وجه الخصوص، يجب على واشنطن أن تضع برنامج تدريب يمكن أن يؤدي إلى رفع مستوى القدرة للواء واحد من الجيش اليمني. وأثناء الفترات العالية التهديد، يمكن إن يوفر هذا اللواء دعم خفيف من قبل قوات المشاة تكون قادرة على الإنتشار في العاصمة وفي شبكات الطرق الرئيسية بواسطة قوات مدربة جيداً (وكما ذُكر سابقاً، تنتشر حالياً قوات الإحتياط الأمني والقوات العسكرية الخاصة التابعة لحكومة النظام [في الجبهة الشمالية] لمواجهة الحوثيين). ومن الممكن أيضاً أن تمثل هذه القوات كادر للقيام بعمليات التدريب على مكافحة الإرهاب، في الوقت الذي تتناوب فيه وحداتها مع قطاعات أخرى من الجيش لتقوم بمهام قوات مشاة متخصصة ومدربين. وبالتوازي مع هذا الجهد على المدى القريب، يمكن أن يساعد الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدة للكليات العسكرية اليمنية إلى تشكيل سلسلة من المساعدات الأمنية على المدى الأطول ترمي إلى التأثير على الجيل القادم من القادة العسكريين ورجال النظام الحاكم. وبما أن الجهود الرامية إلى تحقيق الإستقرار في اليمن ستشكل على الأرجح تحديات طويلة ومفتوحة الزمن، ينبغي أن يشمل الفصل الجديد من المساعدات الأمنية التي تقدمها الولاياتالمتحدة نوعاً من هذه المبادرات بعيدة المدى.
المزالق المحتملة تتلاعب الحكومات الإقليمية - في جميع الحالات تقريباً - بكل ما يتعلق بالمساعدة الأمنية التي تقدمها الولاياتالمتحدة، وذلك لخدمة مآربها الخاصة. ولا تُستثنى من ذلك حكومة الرئيس علي عبد الله صالح -- التي بدأت مؤخراً فقط بمراقبة القواعد الديمقراطية، وما زالت تحمل مؤشرات سيئة للغاية حول تدابير حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية و "منظمة العفو الدولية" كل من "جهاز الأمن السياسي" و "جهاز الأمن القومي" بسبب أعمال العنف اللذان قاما بهما ضد معارضي النظام، والصحفيين، والأقليات الدينية. وبالمثل، استُخدمت وحدات مدربة ومجهزة من قبل الولاياتالمتحدة في الصراع ضد الحوثيين، ومن بين هذه الوحدات، على سبيل المثال، "وحدة مكافحة الإرهاب". لذا، يجب على واشنطن النظر بعناية على طبيعة المساعدة الأمنية التي تقدمها، وتحقيق التوازن بين أهداف السياسة العامة القريبة والطويلة الأجل على حد سواء. وعلى وجه الخصوص، يجب عليها أن تمنع تحويل المساعدات التي قد تستعمل لخدمة صراعات داخلية دموية مثل اشتباكات الحكومة مع الحوثيين التي بدأت منذ خمس سنوات.
وعلاوة على ذلك، تعبر الأحداث الأخيرة ضد فكرة تقديم أنواع معينة من الدعم الإستخباراتي العسكري والفني. ففي أيلول/سبتمبر وتشرين الاول/أكتوبر 2009، على سبيل المثال، شن "سلاح الجو" اليمني والطائرات السعودية غارات جوية ضد أهداف الحوثيين، أسفرت عن وقوع أضرار جانبية في أسواق وفي مخيم للاجئين، وحصول حوادث إطلاق نيران صديقة أسفرت عن مقتل اثنا عشر جندياً يمنياً. وبالمثل، في 17-24 كانون الأول/ديسمبر، شنت الحكومة اليمنية ثلاث غارات جوية ضد اجتماعات عُقدت في محافظات أبين وشبوة، ويشتبه بأنها شملت مشاركة أعضاء من قيادة “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية”. وكما حدث في الضربات على الحوثيين، لم يتم استهداف زعماء كبار من “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” بصورة ناجحة، ولكن الهجمات أدت إلى مقتل عدد من المدنيين. وفي الواقع، قام متشددون مسلحون من “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” في وقت لاحق بزيارة أحد المواقع المستهدفة لمعالجة المدنيين الحزينين والمصابين. وبالنظر إلى الدرجة التي تعكس فيها هذه التكتيكات على جهود الولاياتالمتحدة في اليمن، والسهولة التي يتمكن فيها “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” من استغلالها، يجب على واشنطن تقديم المشورة حول استخدام انتقائي للغاية لضربات من هذا النوع محفوفة بالمخاطر، وذلك في أي مكان تشكل فيه عمليات الإعتقال التي تقوم بها الشرطة شبه العسكرية بديلاً مجدياً. مايكل نايتس هو زميل ليفير في معهد واشنطن مقره في بوسطن، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق، وإيران، ودول الخليج العربي.