إن ما يحدث من تدخل سافر في خصوصيات بعض الناشطات البارزات في الساحة السياسية اليمنية مخزيِ للغاية ويضعنا أمام حقيقة مكانة المرأة في المجتمع اليمني فلقد كانت ومازالت تحمل في ملامحها كل القوة وكل الصبر وقدرة هائلة على تحمل كل الصعاب ربما بسبب الضغوط التي تواجهها منذ أن بشر بها أبيها فتقبلها بوجه أسود وهو كظيم.. عانت المرأة اليمنية ما لم تعاني منه أي امرأة غيرها في العالم فأصبحت رمز للصبر ورمز للاحتمال وبإمكاننا أن نطلق عليها حمالة الأسية وبدون مبالغة، فهي التي زوجت صغيرةً وهي التي انتهكت حقوقها من قبل المجتمع الذكوري، هُمشت اجتماعيا وسياسياً، هُمشت في البيت وفي المدرسة وتم التقليل من شأنها في العمل وفي كل نواحي الحياة.
ولكنها ورغم كل ما عانته مازالت تحاول أن تشق طريقها لإثبات ذاتها وبإصرار مستميت، رغم كل العقبات والعراقيل التي لاقتها في طريقها فهي تعبر دربها نحو النجاح كحافية على درب مفروش بالشوك وشظايا الزجاج المتناثر.
ومما لا شك فيه بأن بعض النسوة استطعن الوصول إلى مراتب من خلالها قدمنً لوطنهن ولمجتمعهن الكثير مما عجز عن فعله الرجال.. نعم فهي الأم التي تُنجب وتُربي الأجيال وهي الزوجة شريكة الحياة والنضال والكفاح وهي الأخت التي تُساند وتُعاضد وتقوي همة الرجل وشكيمته من أجل النجاح وهي الإبنة التي تُعلق عليها الآمال...
وتجلى عطاء المرأة اليمنية في دورها في إشعال الثورة اليمنية، ومن ثم الدور البطولي الذي قدمته كل نساء اليمن في دعم الثورة اليمنية وتثبيت رجالها على المضي في طريق الحرية وحتى أخر قطرة دم!!
ورغم كل ذلك إلا إنها لم تسلم من أذية التفكير الذكوري لمجتمع لم يزل حديث عهد بالجاهلية البعيدة والذي ابتعد كثيرا عن روح الإسلام وسماحته .. فها هُم اليوم يتربصون لأي امرأة تحاول أن تضع بصمتها في اليمن بالخوض في عرضها تارة والتدخل في شؤونها العائلية واتهامها بالسفة والجنون تارة أُخرى .. فلتختلفوا معهن حاكموهن على مواقفهن السياسية وعلى أدائهن في أعمالهن ولكن دعوا ما دون ذلك من حياتهن الشخصية جانبا مثلها مثل الرجل..
قد تًخطئ المرأة في تقدير الأمور ولكن هُناك الكثير من الرجال أيضاً أخطئوا ولكن أحد ما لم يتجرأ أن يخوض في حياته الشخصية ويستهتر فيه كما يفعلون مع المرأة ..
لماذا المرأة ؟؟ ألهذه الدرجة يخشون من خروجها ومشاركتها لهم في ميادين السياسة والعمل؟ أم أنهم يخشون أن يُصبحن قدوة لنسائهم وأن يُشرعن لبقية نساء المجتمع الباب للخروج والمنافسة؟؟
أم لأننا مازلنا في جاهلية أبعدتنا عن ديننا الذي كرم المرأة وأعلى شأنها أنزلت سور ة للنساء وسورة باسم سيدة نساء العالمين مريم فكان منهن من حاربت وساندت أخاها الرجل في معاركه من أجل نصرة هذا الدين فلم تخلو غزوة من مشاركة النساء في مختلف الأدوار التي هي أهل بها...
لن يستطيع المجتمع أن ينهض بجناح واحد ولا أن يرتفع في سماء النهضة، يجب ألا نُعطل دور المرأة وأن لا نُصر على تجهيلها فالأم الجاهلة أُمَّة جاهلة وها نحن ذا نُعاني من جهلنا..
وكما قال المثل : "فتش عن المرأة" فإذا ما فتشنا في حال المرأة في اليمن لنجد نسبة الأمية فيها مرتفعة وحالتها النفسية لا تُساعد على تربية أجيال قادرة على الإبداع وعلى تحمل مسؤوليات بناء الوطن وكما أن وراء كل رجل عظيم امرأة فوراء كل وطن عظيم نساء ...
وأخيراً.. أدعو إلى إعادة النظر في دور المرأة وأهميته لبناء المجتمع وإتاحة الفرصة لها بالمشاركة الجدية والفاعلة في بناء المجتمع ، وأن يكسروا حاجز الدونية الذي وضعوه بينهم وبين المرأة ..