التقى «المصدر أونلاين» بالدكتور أحمد مصطفى أبو حلبية، مقرر لجنة القدس والأقصى في المجلس التشريعي الفلسطيني، رئيس دائرة القدس في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رئيس مؤسسة القدس الدولية في غزة، واستطلع آراءه عن قرب عن التطورات في المنطقة وموقف الحركة منها. وتحدث عن أوضاع الحكومة المقالة في قطاع غزة والأوضاع الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية حماس إلى نص الحوار. حاوره: عدنان الشهاب
• في كلمة له قبل أيام قال خالد مشعل إن الحركة تمر بضائقة مالية.. هل لك أن تُطلعنا على هذا الوضع؟ - في الحقيقة حركة المقاومة الإسلامية حماس لها التزاماتها على نطاق كبير، تتمثل في ما تحتاجه من نفقات على مستوى مكاتبها، ونشاطاتها وفعالياتها الخاصة، أيضا هذه الحكومة تحتاج لدعم رواتب الموظفين والمشاريع التي تقوم بها الحكومة، إضافة إلى ما تقوم به الحركة من إعداد لمواجهة العدو الصهيوني، من خلال كتائب القسام، ودعم بعض الفصائل الفلسطينية في مجال المقاومة.
• هل الحركة تدعم بعض الفصائل الأخرى؟ - نعم تدعم بعض الفصائل أحياناً بحسب ما يحتاجه الأمر في جانب معيّن، في الجانب العسكري بالذات.
• هل هي المرة الأولى التي تعلن الحركة عن الضائقة المالية؟ - أعلنت قبل ذلك أكثر من مرة، لكن هذه المرة يبدو أن الضغط أكثر من السابق، بالإضافة أن بعض الدول التي كانت تدعم حماس والحكومة في غزة يبدو أنها توقفت عن ذلك الدعم لسبب أو لآخر.
• لأسباب سياسية؟ - قد يكون سياسياً أو فنياً معيناً، لكن ما زالت قيادة الحركة ممثلة بالأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة يقومون بالدور المطلوب لإمكانية إيجاد فرص مناسبة - إن شاء الله - لحل هذه الأزمة.
• الوضع المادي هل سيؤثر على الجناح العسكري للحركة؟ - الكتائب لديها بنية تحتية قوية سواء في مجال التصنيع والتجهيز والطاقة البشرية، وعندنا استعدادات جيّدة، الاستعدادات عند الشباب إضافة إلى أن الشباب في الكتائب معتمدين بعد الله سبحانه وتعالى على أنفسهم وعقولهم وإدارتهم. فهم مجهزون بوسائل قتالية ضد الطائرات والدبابات الصهيونية والجنود، ومن ثم إذا توفر الدعم المادي بالتأكيد سيقوي من العزائم أكثر.
إذا ضعف هذا الدعم أو انقطع في مرحلة من المراحل لا سمح الله أعتقد بأننا لن نعجز عن توفير البدائل لاستمرار الكتائب في مواجهة العدو الصهيوني.
• ما موقف الدول الداعمة للحركة من الوضع المادي للحركة.. على سبيل المثال قطر؟ قطر لها دور كبير في موضع إعادة إعمار غزة، حيث تبر ع أميرها في زيارته المشهورة للقطاع ب 255 مليون دولار، وعند ما كان في القطاع رفع المبلغ إلى 400 مليون دولار، وقطر مستمرة في دعم مالي للمشاريع من خلال مؤسسات خيرية عاملة في قطر.
• كم الميزانية التي تحتاجها الحكومة لتفي بالتزاماتها؟ - صعب تقديرها بدقة، الأمور تحتاج إلى ما لا يقل عن نصف مليار دولار سنويا حتى تفي بكل التزاماتها التي ذكرتها في بداية حديثي.
• علاقة حركة حماس الخارجية هل تأثرت مع ثورات الربيع العربي؟ - علاقتنا في حماس جيّدة والحمد لله مع كل الدول العربية والإسلامية، لأننا لا نتدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة، حتى مع دول الربيع العربي نعتبر ما تقوم به الشعوب لأي دولة أمراً داخلياً لهذه الدولة لا نتدخل، نحن حركة مقاومة ويجب أن تكون علاقتنا دائما معنية بالجميع دون استثناء، نحن معنيون بالحفاظ على علاقة جيدة وطيدة وقوية مع كل الدول والأحزاب والتيارات.
• كيف تنظر لثورات الربيع العربي؟ وما مدى تأثيرها على القضية الفلسطينية؟ - كنا فرحين في حماس والشعب الفلسطيني عند قيام ثورات الربيع العربي بدءاً بتونس، ومصر، واليمن، وليبيا، وسوريا، هذه الثورات تعبّر عن حاجة الشعوب للتغيير للأصلح والأفضل لرعاية مصالحها ذات الأهمية الإستراتيجية في المكان، سواء السياسي أو الاقتصادي، العسكري، الثقافي، الحضاري، ثانياً نحن نقدر طبيعة الثورات بالوصول إلى الحكم، قد يأخذ ذلك وقتاً لترتيب البيت وسيكون هناك بعض المعاناة، ونحن حريصون على أن تكون علاقتنا قوية مع هذه البلدان، ومع كل الأحزاب الموجودة.
• كيف هي علاقتكم بإيران حاليا؟ - علاقتنا مع إيران علاقة جيّدة لا تشوبها إلا بعض الاختلافات في وجهات النظر في بعض المسائل، لكن في نهاية المطاف إيران لها فترة طويلة لم تقصر في دعم الحركة مالياً، وتدريب كوادر داخل إيران من خلال دورات وغيرها، ونعتبر العلاقة جيّدة ولا بأس بها نأمل أن تتطور لمصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
• هل تأثرت علاقتكم بإيران بسبب موقفكم من الثورة السورية؟ - بالتأكيد، قد يكون هناك نوع من التأثر باعتبار إيران داعماً قوياً للنظام السوري، ونحن - رغم أن الحركة ممثلة بقياد خالد مشعل الذي كان له دور في نصح النظام السوري أكثر من مرة وضرورة التعامل بإيجابية مع مطالب شعبه وبإصلاحات داخل سوريا لكن يبدو أن النظام له سياسته وأسلوبه في كيفية التعامل مع شعبه - لن نتدخل بالداخل السوري، وفي الثورة السورية، ولم ندعم أي طرف على حساب آخر، يبدو أن إيران والنظام السوري كانا يريدان من الحركة أن يكون لها موقف داعم مباشر وصريح للنظام، ونحن لا نستطيع أن نقف هذا الموقف.
• كيف هي علاقة حماس مع مصر خاصة مع القيادة الجديدة؟ - علاقتنا مع مصر علاقة إيجابية وقويّة بهذه المرحلة بالذات، حتى في أيام حُسني مبارك كان هناك غض الطرف عن الأنفاق التي كان من خلالها فضل بعد الله تعالى في كسر الحصار الاقتصادي عن الشعب الفلسطيني، على مستوى إدخال البضائع ومواد البناء وغير ذلك أو على مستوى القوافل والوفود قبل أن يسمح لهم بالدخول رسمياً عبر معبر رفح، موقف مصر جيّد ولن ننسى لهم مواقفهم في دعم القضية الفلسطينية.
وهي سياسة عامة في الحركة, أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وحريصون على الأمن القومي لمصر؛ لأن الأمن القومي لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لفلسطين عامة وغزة خاصة، وكذلك الأمة العربية والإسلامية، علاقتنا إيجابية مع كل الجانب المصري، والعلاقة تتطور، لكن نقدر الظروف التي تمر بها القيادة المصرية ممثلة بالدكتور محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب في هذا العصر، والواقع الصعب الذي يدور داخل مصر من خلال المؤامرة لمواجهة حكم الإسلاميين والعمل على إفشال تجربتهم في الحكم وقيادة الشعب المصري كذلك في دول الربيع العربي.
نأمل أن تتطور العلاقة أكثر فأكثر، مصر تاريخها مشرف مع القضية الفلسطينية، الشعب المصري قدم آلاف الشهداء من أجل القضية الفلسطينية, سواء في حرب 48، أو من خلال ما قدّمته جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن البنا، وفي العدوان الثلاثي في 56، وفي حرب 67، ودور الجيش المصري في الدفاع عن القطاع، وفي حرب 73، وغير ذلك من المواقف، أيضا تقديرنا للوقع الموجود داخل مصر.
• في الشأن الداخلي الفلسطيني.. أين وصلت المصالحة؟ - أولاً، أود أن أذكر أن الحركة أكدت أكثر من مرة على لسان قيادتها, سواء في الداخل أو في الخارج على أننا معنيون في الحركة على إتمام المصالحة وإعادة الوفاق الوطني وإنهاء الانقسام الذي فرض علينا في قطاع غزة بسبب الانفلات الأمني، لكن هذا التجاوب إلى الآن لم يقابل بإيجابية من الطرف الآخر ممثل ب «محمود عباس» والسلطة الفلسطينية وقيادة فتح في رام الله والضفة رغم لقاءات عديدة على أعلى مستويات تمت بين خالد مشعل ومحمود عباس في أكثر من مكان سواء في القاهرة أو في الدوحة، وقبل ذلك في مكة، لكن - للأسف الشديد - إلى الآن يبدو أن الأمور لم تسر في الطريق الصحيح السليم خاصة في الجانب الأمني في الضفة الفلسطينية، هناك ملاحقة واضحة للعشرات بل للمئات لقيادات الحركة الإسلامية حماس وملاحقة المقاومة وشباب المقاومة الذين يقاومون الاحتلال الذين يقومون بعمليات في العمق الفلسطيني انتصاراً للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية.
• كيف هي أوضاع غزة مع الحصار؟ - الحصار على غزة أقسام منه حصار سياسي تحاصر من خلاله الحكومة بحيث لا تدعى الحكومة برئاسة إسماعيل هنية لا على مستوى رئيسها ولا وزرائها،وكذلك اجتماع مؤتمرات القمة العربية، ولا مؤتمرات الوزراء المعنيين سواء الخارجية، الداخلية، ولا على مستويات الزيارات المتبادلة ما بين الوزراء في الدول العربية والإسلامية، والمجلس التشريعي والبرلمانات العربية والإسلامية , إلا من بعض الجهود الفردية التي نقوم بها للتواصل مع جهات معينة.
القسم الثاني هو الحصار الاقتصادي وموقف العدو الصهيوني من منع المواد الضرورية والأساسية كالملابس والأغذية وحليب الأطفال ومواد البناء أو منعها من قبل الأخوة المصريين لاعتبارات معينة، وهذا أتعبنا كثيرا، لكننا استطعنا أن نعيش عيشة السعداء وعيش الكرام، لا نتذلل لأحد ونعمل جاهدين لفك الحصار بشتى الوسائل.
الأمر الآخر هو ما تقوم به الوفود والقوافل التي تساهم في فك الحصار، من تلك الزيارات الهامة التي ساهمت في كسر الحصار هي زيارة أمير قطر ووزير الخارجية التونسي، ووفد من وزراء الخارجية برئاسة نبيل العربي، وهناك محاولات قوية لفك الحصار عن القطاع حتى نكون مثل بقية الشعوب نتمتع بحريتنا وكرامتنا.
• الاعتذار الصهيوني لتركيا عن عدوانه على السفينة «مرمرة» كيف تقيمون ذلك؟ الحقيقة يبدوا أن العدو الصهيوني حاول أن يتمرد على العلاقة مع تركيا خاصة حينما اعتدى عدوانا همجيا على السفينة التركية «مرمرة» التي كانت قادمة لفك الحصار البحري عن غزة وكان العدو الصهيوني حريصا في البداية على عدم الاعتذار لكن يبدوا أن إصرار رئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» والقيادة التركية على الاعتذار أولا وفك الحصار ثانيا، يبدوا أن الصهاينة حاولوا استرضاء الجانب التركي، ويبدوا أن سياسة العدو الهمجية والعدوان المتواصل خسر عددا من حلفائه وأصدقائه، كأنه يريد إعادة ترتيب علاقته مع بعض الدول منها تركيا، لكن اعتقد أن إعادة العلاقة مع تركيا لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، والعلاقة التركية مع الحكومة في غزة وطيدة.
• بعد الثورة السورية وخروج الحركة من مقرها في دمشق... إلى أين تتجه أنظار حماس الآن؟ إلى الآن لم تحدد الحركة مكانا معينا بالضبط لقيادتها، ما زالت الخيارات تدرس لتحديد المكان المناسب لقيادة الحركة، القيادة موجودة بصورة مؤقتة في قطر باعتبار أبو الوليد خالد مشعل رئيس المكتب مقيم هناك حاليا ومن ثم القيادة موجودة هناك مؤقتا إلى أن يتم التفاوض مع قطر أو غيرها حسب المناسب على إيجاد مقر دائم للحركة في الوقت المناسب.
• إعادة انتخاب خالد مشعل لرئاسة المكتب..هل كان بالضرورة أن يبقى على رأس قيادة الحركة؟ الحقيقة موضوع إعادة انتخاب أو تكليف بمعنى آخر من خلال انتخاب مشعل لقيادة الحركة لأربع سنوات جديدة لم يأت جزافا وإنما من دراسة معمقة في الحركة سواء في الداخل أو في الخارج، المرحلة صعبة ويتوجب وجود مثل مشعل على قيادة الحركة وخاصة أن مشعل له علاقة قوية وقدرة على التوسع الأفقي في العلاقة، فالحركة لها علاقة دولية مع روسيا، والصين، وحتى في أوروبا، ودول افريقية وأسيوية، بالإضافة إلى وجوده خارج فلسطين، لأن مجال استهداف القيادة في الداخل سيكون سهلا للعدو الصهيوني، الأمر الثالث الحركة تحرص في الحفاظ على وحدة الصف التي قد يختلف بعض الأخوة في مؤسسات الحركة بالتصويت لآراء مختلفة، لكن في نهاية المطاف حينما يتم حسم الأمر بالتصويت نصبح جميعا الكبير قبل الصغير مع اتخاذ الأمر المناسب نسمع ونطيع ونلتزم بالقرارات التي تتخذها الحركة.
• ما سبب زيارتك لليمن؟ وجهت لنا دعوة من إخواننا في مؤسسة القدس الدولية في اليمن بصفتي رئيس المؤسسة في غزة، ولأنني حريص كغيري من القيادة الحمساوية في غزة وفي الشعب الفلسطيني وكذلك قيادة المجلس التشريعي برئاسة لجنة القدس والأقصى على أن نساهم مع إخواننا في المؤسسة في اليمن لإيصال رسالة مهمة للشعب اليمني في أن يكون له دور في دعم الشعب الفلسطيني ودعم إخواننا في القدس وتثبيتهم أمام المخططات الصهيونية الهادفة للاستيلاء على المدينة وطمس هوية المقدسات الإسلامية والمسيحية واستحداث التاريخ المزيف وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، جئت من أجل إيصال الرسالة إلى أي بلد أزوره على أن أحمل ملف القدس ودعم أهلنا هناك في مقاومة الاحتلال الصهيوني.