الرجل الذي يتقلد مهام رئيس مجلس الوزراء في اليمن إما ان يكون مجرد دمية يحركه رئيس الجمهورية أو يظل منقوص الصلاحية يعاني من تمرد الوزراء المحسوبين على الرئاسة والقبيلة ذات النفوذ المالي والعسكري. وقد تعاقب على هذا المنصب رجال كثر وعلق في الذاكرة عدد يسير منهم بسبب سلبيتهم أو ايجابياتهم أو قوة شخصيتهم أو ضعفها صانعي قرار او منفذين له فقط . والسبب في ضعف هذا المركز المهم في هرم السلطة يعود في الأساس إلى التوافقية السياسية في تسمية رئيس الوزراء بحسب توازن القوى المعتمدة على نتائج الانتخابات البرلمانية وماأدراك ما الانتخابات البرلمانية في بلادنا، بهذا يعد رئيس الوزراء معيناً سياسيا رغم صلته الأساسية بالجماهير العريضة نراه ملتزماً أخلاقيا تجاهها لانها لم تقم بانتخابه بمعنى ان ولاءه لن يكون إلاّ للكتلة السياسية الممثلة في البرلمان والتي توافقت -دون استئذان الجماهير- على تسميته.
وفي ظل هذه الآلية يجد رئيس الوزراء نفسه أمام ايديولوجيات سياسية مؤتلفة ومختلفة في آن معا يقولون كلاما على طاولة الاجتماعات الحكومية ويضمرون كلاما آخر فتنشب الخلافات أثناء التنفيذ فيها فيعاد تعديل بعض بنود القرارات لإعادة تصديره إلى المجتمع وقواه المتنفذة .
موقع رئيس الوزراء أكثر المواقع صعوبة في العالم في اليمن , ولا غرابة ان يبكي دولة رئيس الوزراء الاستاذ محمد سالم باسندوة وهو المخضرم سياسيا , الغرابة تكمن في عدم بكائه على هذا الواقع اليوم . واقع ثوري ينفذ بآليات غير ثورية عبر أحزاب تقليدية راديكالية .رئيس الوزراء مهد نفسه ملتزما سياسيا بمناهضة رئيس الجمهورية المنتخب إذن كيف لايبكي وهو يستمد شرعية قراراته من قوى سياسية مرجعيتها المصالح والمناكفات .
ان الذي لايبكي وهو في هذا الموقف لايمكن أن يكون طبيعيا أو قارئا عميقا لتفاصيل الواقع السياسي في اليمن . حماية لهذا الموقع من الانتهاك لابد من التفكير الثوري لتعديل دستور يشرعن لانتخاب رئيس الوزراء حتى تجف الدموع..