علم "المصدر أونلاين" أن عمالاً غاضبين قاموا، يوم السبت، باقتحام مبنى الشركة اليمنية للخدمات الأرضية (تابعة للخطوط الجوية اليمنية)، والاعتداء على مديرها التنفيذي، وتحطيم سيارته، على خلفية خلافات سابقة بين الإدارة وعمال تتهم مصادر نقابية في الشركة بأنهم يتبعون المدير التنفيذي السابق للشركة، والذي تمت الإطاحة به إبان الثورة الشعبية الشبابية الأخيرة على خلفية قضايا فساد. فيما يتهم المقتحمون الإدارة الحالية للشركة ب"التجاوزات"، وأنهم قاموا، اليوم السبت، بتنفيذ وقفة احتجاجية ضد ممارساتها الفاسدة والمناطقية، إلا أن تدخل قوات من الأمن اضطرهم لاقتحام مبنى الشركة وطرد مديرها.
والشركة اليمنية للخدمات الأرضية تتبع شركة الخطوط الجوية اليمنية بنسبة 99%، وتقوم بتقديم كافة الخدمات الأرضية للمطارات والطائرات في مختلف أنحاء الجمهورية، بما في ذلك خدمات الشحن وتجهيز وصيانة الباصات وسلالم الطائرات وبقية المُعدات والتجهيزات الأرضية المختلفة. وتتحصل لقاء ذلك رسوم مالية ضخمة. وفي العام 2009، استقلت مالياً وإدارياً عن الخطوط الجوية اليمنية، وكان الغرض من ذلك محاولة لخصصتها لمصلحة نافذين وتجار في شركة الخطوط الجوية اليمنية.
وعلم "المصدر أونلاين" أن الشركة خضعت في السابق لتقييم وإعادة هيكلة قامت بها ثلاث شركات غربية لقاء مبالغ كبيرة.
وقالت مصادر في النقابة الشرعية لعمال وموظفي الشركة ل"المصدر أونلاين" إن حوالي عشرين شخصاً وصلوا، يوم السبت، إلى مقر النقابة الواقع في حي الروضة (المطار) "مرتبين ومخططين مسبقاً لهذه العملية، بحيث أنهم أحضروا معهم قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي، وقاموا باقتحام مقر الشركة بالقوّة، والاعتداء على مديرها التنفيذي عدنان الشرجبي بالضرب والشتم والطرد.."، مستدركة "إلا أن أمن الشركة، وإلى جانبهم ضباط وجنود من وزارة الداخلية، تمكنوا من صدهم وتفريقهم بعد أن أطلقت بعض الأعيرة النارية في الهواء، فيما لجأ المعتدون إلى محاولة تحطيم سيارة المدير التابعة للشركة محاولين أخذ لابتوب المدير من داخلها، لكن جنود الأمن منعوهم".
وأضافت المصادر أن المدير التنفيذي للشركة، الشرجبي، لم يتمكن من الخروج من مقر الشركة إلا بحراسة أمنية داخل سيارة تابعة للنجدة أوصلته إلى منزله، بعد أن حاول المعتدون منعه من الخروج والاعتداء عليه.
وبحسب المصادر النقابية ذاتها، فإن المعتدين يتبعون المدير التنفيذي السابق للشركة، طه الثور، الذي أطيح به بعد أشهر من قيام الثورة الشعبية الشبابية السلمية الأخيرة في البلاد، مشيرة إلى أن إقالته جاءت بعد ثورة داخلية ضده من قبل الموظفين والعمال على خلفية تورطه في ملفات فساد كبيرة، مازالت بنظر الهيئة العليا لمكافحة الفساد، والذي - وبحسب تأكيدات المصادر أيضا - يعد أحد أذرع رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السابق والمقال عبد الخالق القاضي.
وعلم "المصدر أونلاين" أن الخلافات ترجع إلى مطالب غير شرعية ولا قانونية تطالب بها لجنة نقابة "مفرّخة" شكلها عمّال في الشركة بتحريض من قبل بقايا النظام السابق، على الرغم من وجود نقابة عمالية سابقة معترف بها رسمياً من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وتسعى هذه اللجنة النقابة (التي لم تعترف بها وزارة العمل إلا كلجنة نقابية وليس كنقابة نظراً لوجود نقابة سابقة رسمية معترف بها من الوزارة) إلى إسقاط النقابة الشرعية والحصول على حقوق ومستحقات العمال من الاشتراكات التي تتحصلها النقابة المعترف بها رسمياً.
فيما يرفض المدير التنفيذي للشركة، الشرجبي، تلك المطالب "نظراً لإخطاره من قبل وزارة العمل بمذكرة رسمية بالتعامل مع النقابة الشرعية السابقة دون غيرها"، بحسب تأكيدات مصادر الصحيفة. كما لا تمتلك اللجنة النقابية أوراقاً رسمية وأدبيات ولا حساباً مصرفياً خاصاً بها، كما تقتضي الإجراءات الرسمية لأي نقابة معترف بها.
وأكدت مصادر أخرى في الشركة أن الاعتداء جاء في حين كان مدير الشركة التنفيذي يعقد لقاءً خاصاً مع قيادات تلك اللجنة النقابية للاطلاع على مطالبهم، بحضور كلٍ من "مدير إدارة الأمن في شركة الخطوط الجوية (الشركة الأم)، ومدير الشؤون المالية بالشركة، ومدير الشؤون التجارية. إلا أنه بعد دقائق تفاجأ بحضور قرابة عشرين عاملاً، ومعهم قناة "المسيرة" وأثاروا تلك الفوضى.
ولا يعتبر اعتداء اليوم هو الأول، إذ تتحدث المصادر عن محاولتين سابقتين لاقتحام مقر الشركة خلال الفترة الماضية.
واعتبرت تلك الاعتداءات مدروسة ومخططاً لها "وذات مرجعية سياسية على خلفية مناطقية بحتة"، كون مدير الشركة التنفيذي الحالي من مدينة تعز، فيما أن اللجنة النقابية "المفرّخة" حصرت نفسها على موظفين وعمّال من صنعاء وبشكل خاص من منطقة الروضة "الذين يعتبرون أن الشركة تابعة لهم وإدارتها حق حصري عليهم، ولا يحق لأحد من محافظة أخرى أن يصبح مديراً عليهم" - بحسب وصف المصدر النقابي.
وعلم "المصدر أونلاين" أيضا أن مدير الشركة قام بإبلاغ مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية ووكيل وزارة الداخلية بتلك الحادثة، مطالباً بضرورة تشكيل لجنة للتحقيق مع المعتدين، ومعاقبتهم طبقاً للائحة الداخلية للشركة التي تُوجب فصل أي موظف يعتدي أو يتهجّم على موظف آخر.
وكانت المصادر أبلغت "المصدر أونلاين" أن فروع النقابة في صنعاء وعدن، وتعز، وسيئون، والحديدة، ومحافظات أخرى، كانت تزمع تنفيذ إضراباً عن العمل على خلفية الحادث، إلا أن المدير التنفيذي للشركة رفض ذلك وطالبهم بمواصلة أعمالهم، في الوقت الذي تمضي فيه الإجراءات القانونية في مسارها الطبيعي عبر تشكيل لجنة تحقيق.
رواية أخرى للطرف الآخر لكن مصادر أخرى، ذات صلة بالعمّال المتهمين باقتحام الشركة، اليوم، والتهجم على مديرها التنفيذي، تواصل معها "المصدر أونلاين"، قدمت رواية أخرى تختلف عن رواية المصادر النقابية السابقة. وأوضحت هذه المصادر أن ما حدث، يوم السبت، هو أن عمّال وموظفي الشركة اليمنية للخدمات الأرضية "كانوا ينفذون وقفتهم الاحتجاجية الثانية ضد ما اسموها ممارسات فساد وتجاوزات تقوم بها الإدارة الحالية ضدهم".
وأضافت "إلا أن الإدارة قامت باستدعاء طقمي شرطة لفض الاعتصام بالقوّة، وهو ما أثار العمال فقاموا بالدخول لمبنى الشركة وطرد المدير التنفيذي عدنان الشرجبي".
وأكدت أيضا أن "العمال الغاضبين قاموا بمنع المدير من أخذ السيارة التابعة للشركة باعتبارها من أصول الشركة"، التي وصفتها (أي الشركة) بأنها "موشكة على الانهيار وتعاني إهمالاً كبيراً وتهالكاً لمعداتها في المطارات، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الحوادث و تعريضهم للخطر أثناء تقديم الخدمات الأرضية للطائرات"، منوهة "على الرغم من أن الشركة تعد شركة إيرادية من الدرجة الأولى، وتتحصل على إيراداتها من شركات الطيران التي تصل إلى المطارات اليمنية".
ولفتت المصادر إلى أن العمال يتهمون المدير الحالي "بالانتقائية في تسوية أوضاع بعضهم لأسباب مزاجية، وعرقلة تسوية أوضاع البعض الآخر"، ملمحة إلى وجود "نفس مناطقي" تحكم سلوكه ذاك. وقالت إن الشرجبي "وفور تعيينه مديراً للشركة عمل على تسوية أوضاع العمال والموظفين من مناطق تروق له، بينما آخرون ظل وضعهم معلقاً، منهم موظف عمل في الشركة 11 عاماً، وهو خريج جامعة، وتوفي بالسرطان، وتم اعتماد راتب لأولاده عشرين ألف ريال، فقط لا غير".
كما اتهمت المصادر، أيضا، رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية الكابتن أحمد العلواني بأنه "لم يقم بتحديث معدات الشركة" منذ توليه رئاسة الشركة مطلع يناير 2012. كما اتهمته بتعيين صديقه عدنان الشرجبي بدايةً كقائم بالأعمال، وبعد تسعة أشهر قام بتثبيته مديراً تنفيذياً للشركة.
وكشفت المصادر جانباً مما اعتبرته فساداً في الشركة، بينها أن "معدات الشركة التي تم شراؤها بمبلغ 270 مليون ريال من الشركة الأم اليمنية، صارت متهالكة وتتسبب بعدد كبير من الحوادث في المطارات". واتهمت الشركة بأنها "لم تقم بتحديث تلك المعدات وصيانتها، على الرغم من تحصلها إيرادات كبيرة". إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بإجراءات التوظيف وتبديل مواقع الموظفين بعيداً عن المعايير العلمية والكفاءة، وكذا "رفض الإدارة العليا للشركة والشركة الأم التعاطي مع جميع التقارير الفنية والعلمية التي ترفع إليها من كثير من الإدارات".