تقف "منظمة أطباء بلا حدود" بجدارة في صدارة المنظمات الإنسانية في العالم. ومنذ تأسيسها، مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وحتى الآن ومنظمة "أطباء بلا حدود" تعمل بدأب، كمنظمة طبية إنسانية عالمية، على تقديم المساعدات الطبية للمتضررين من ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية في شتى بقاع العالم، بغض النظر عن العرق والدين والمعتقدات السياسية.
نالت أعمالها اهتمام وتقدير الحكومات والمؤسسات الدولية المختلفة، وكانت محل ثقة جماهير وشرائح اجتماعية واسعة حول العالم.
في العام 1999م حصلت المنظمة على جائزة نوبل للسلام تقديراً لعملها في المجال الإنساني.
حالياً تعمل منظمة أطباء بلا حدود في 80 بلداً في قارات العالم الخمس، ولها فرعان رئيسيان: الفرع الأسباني، والفرع الفرنسي.
في اليمن يعمل القسم الأسباني منذ العام 2007م، وفق اتفاقية مع وزارتي التخطيط والصحة لتنفيذ مشروع لاستقبال اللاجئين الصوماليين الواصلين إلى السواحل الجنوبية لليمن، وذلك بإنشاء مركز لهذا الغرض بمدينة أحور بمحافظة أبين.
في مركز استقبال اللاجئين في أحور التقينا السيد "أوسكار جارسيا" مدير المشروع -وهو طبيب من نيكاراجوى- وأجرينا معه هذا الحوار عن أهداف هذا المشروع والأنشطة الطبية والإنسانية التي تقدمها "منظمة أطباء بلا حدود" في اليمن والعالم:
* ما هي طبيعة الأنشطة التي تقوم بها منظمة أطباء بلا حدود الأسبانية في أحور، وأوجه الدعم الذي تقدمونه للاجئين الصوماليين؟ - كما تعلم فإن رحلة اللجوء البحرية من القرن الأفريقي إلى اليمن تتم في ظروف غير طبيعية وغير إنسانية حيث يحمل اللاجئون مكتظين في قوارب صغيرة لا تستوعب أعدادهم الكبيرة جداً ويتعرضون أثناء الرحلة لمعاملة قاسية من تجار البشر، وقد يجبرون قرب الساحل اليمني على القفز في المياه ومواصلة الرحلة سباحة وبعضهم يصيرون عرضة للغرق وطعاماً للأسماك. ناهيك عن أنهم قادمون أصلاً من بؤر صراع وحروب ولذا فإنهم عندما يطأون اليابسة يكونون في أمس الحاجة لتقديم الرعاية الطبية الطارئة وتقديم الاستشارات النفسية والمساعدات الإنسانية العاجلة كتقديم الأغذية والملابس والأغطية لأنهم يصلون شبه عرايا وبالطبع فإنهم يحتاجون ملابس وأدوية. نحن نقدم لكل شخص ما يناسبه من الملابس سواء أكانوا رجالاً وأطفالاً ونساءً.
ولذا فإن أطباء بلا حدود الأسبانية (الإمسف- MSF) تقوم بدور هام جداً. كونها الجهة الوحيدة التي تقوم باستقبال هؤلاء اللاجئين وتقديم المساعدات والمعونات اللازمة.
* ما هي الآلية التي تتبعها المنظمة للقيام بهذا الدور؟ - لدينا فرق مختلفة: طبية، وفريق من المترجمين: مترجمين صوماليين وأثيوبيين لمواجهة احتمالات أن يكون اللاجئون صوماليين أو أثيوبيين ونقوم بالعمل على مجموعتين: مجموعة مركز استقبال اللاجئين في أحور، ومجموعة استقبال النازحين في الساحل. بالإضافة إلى سائقين ومستشارين نفسيين. ولدينا مخبرون في الساحل يخبروننا عن وصول أي فوج من اللاجئين، حيث تكون إحدى هذه المجموعات على أهبة الاستعداد طوال أربعة وعشرين ساعة للذهاب إلى الساحل واستقبال أي فوج من اللاجئين في أي ساعة من ساعات اليوم. تتكون كل مجموعة من طبيب وممرضين اثنين ومترجمين ومستشار نفسي.
* بما أنكم الجهة أو المنظمة الوحيدة التي تقوم بهذا الدور، أليس لديكم تنسيق مع جهات أو منظمات أخرى؟ * نحن الجهة الوحيدة التي تقوم باستقبال اللاجئين عند وصولهم السواحل اليمنية في أبينوشبوة ولا تشاركنا هذه الجهود أي منظمة إنسانية أو جهة رسمية، لكننا نعمل بالتنسيق مع منظمة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين (المفوضية السامية)، كما أن مستشارية اللاجئين الدنمركية (DRC) تقوم بدورها بتسجيل اللاجئين في مركز تسجيل اللاجئين بأحور. وأيضاً تقوم (DRC) بالتنسيق معنا بتوفير السيارات والشاحنات والذهاب إلى أماكن النزول وأخذ الناس النازلين (بالساحل) إلى مراكز الاستقبال. وبعد استكمال تسجيل اللاجئين في مراكز الاستقبال بأحور هي من تتكفل بعملية نقلهم من أحور إلى مخيمات اللاجئين في خرز.
* وماذا عن التنسيق مع الجهات الحكومية والأمنية؟ - من المهم أن تعرف بأن عملنا في أي بلد كان لا يتم إلا بالاتفاق والتنسيق مع السلطات. كما أن عملنا ينحصر في النطاق الإنساني البحت ونحن لا نتدخل في سياسة الدول أو الحكومات لأننا نحرص كل الحرص على أن يكون عملنا منحصراً في النطاق الإنساني الصرف. ونقدم مساعدتنا للمنكوبين أو الناس الذين يعانون من الحروب والمحاصرين بالحروب، والمتضررين من ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية بغض النظر عن العرق والدين والمعتقدات السياسية.
كما أن مسؤوليتنا عن اللاجئين تنتهي بتسجليهم وانتقالهم من مركز أحور إلى خرز.
ومن المهم أن تعرف أيضاً أن القسم الأسباني من منظمة أطباء بلا حدود (إمسف) يعمل في اليمن منذ العام 2007 وفق اتفاقية مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الصحة العامة والسكان. ونحن نعمل في محافظتي أبينوشبوة لتقديم المساعدات الطبية الطارئة للواصلين إلى السواحل الجنوبية لليمن. وكما قلت فإن المنظمة تكرس جهودها في هذه المجالات فقط سواء في اليمن أو في بقية دول العالم.
* هل مركز اللاجئين بأحور يستقبل اللاجئين بشكل دائم؟ - لا هو عبارة عن مركز استقبال مؤقت ريثما تتم عملية التسجيل.
* ما هي مناطق النزول الرئيسية؟ - تمتد مناطق النزول الرئيسية من شقرة في محافظة أبين إلى المشيمة في شبوة وهذه المناطق هي ضمن اختصاص مركز أحور كمركز وحيد لهذه المنطقة الساحلية الممتدة.
* إذن كم يمكث اللاجئون في مركز الاستقبال هنا بأحور؟ وهل يكونون تحت مسؤوليتكم؟ - تتوقف مدة بقاء اللاجئين في مركز اللاجئين بأحور بحسب المدة التي تستغرقها عملية التسجيل، وهذا أمر ليس بأيدينا ولكن كما قلت لك هي من مسؤولية مستشارية اللاجئين الدنمركية (DRC) وقد يستغرق الأمر من 3-5 أيام وقد تمتد الفترة إلى أكثر من أسبوع بحسب عدد اللاجئين وحالتهم الصحية. بعدها تنتهي مسؤولتنا عنهم وتصبح من مسؤولية منظمة اللاجئين (المفوضية السامية لشؤون اللاجئين). حيث يتم نقلهم إلى المخيم في حرز. مسؤوليتنا تقتصر على استقبال اللاجئين الجدد فقط.
* كيف تتعاملون مع الحالات المرضية في أوساط اللاجئين النازلين في السواحل أو الذين تعرضوا للإصابات أثناء رحلتهم البحرية؟ - عندما تكون الحالات طبيعية نقدم المساعدات اللازمة، وإذا وجد لاجئون مرضى أو مصابون فإننا نقوم بدورنا في معالجتهم بمستشفى أحور العام الذي ندعمه بفرقة طوارئ وبعض الأدوية والمعدات ونوفر فيه طبيب وممرضان يتواجدون في المستشفى بشكل دائم لخدمة اللاجئين والسكان المحليين. أما إذا كانت الحالة تستدعي عناية أكبر، فإننا نقوم بنقل المرضى إلى عدن لتلقي العلاج والأدوية على نفقة المنظمة. * هل لنا أن نعرف كم عدد اللاجئين الذين قامت منظمة أطباء بلا حدود باستقبالهم خلال العام الماضي 2009م.
- من الصعب أن أعطيك الآن إحصائيات دقيقة لأننا ننقل كل المعلومات إلى السلطات اليمنية المحلية. حيث تسلم كل الوثائق كل ثلاثة أشهر إلى السلطات المحلية بالمحافظة، كما أننا نرفع الكشوفات إلى مركز المنظمة الرئيسي بصنعاء وبإمكانك أن تحصل على هذه المعلومات من هناك من الأستاذة سمية زلعاط لأن لديها كل الإحصائيات المطلوبة وهي المسؤولة المختصة بالتنسيق مع الجهات الحكومية اليمنية وتبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال لتذليل الصعوبات التي تعترض أنشطة المنظمة.
* قبل نحو شهر أنشأتم مركزاً في مخيم المزرق بحرض لتقديم الرعاية للنازحين جراء الحرب في صعدة لماذا تأخرتم عن تقديم يد العون للنازحين رغم أن الحرب مستعرة منذ خمسة أشهر؟ - في الفترة السابقة كنا نقوم بعملية تقيمية لأوضاع النازحين وتأكد لنا أوضاعهم المأساوية وأن تقديم يد العون أصبح من الأولويات، ولذا فقد أقمنا مؤخراً مركزاً في مخيم المرزق لتقديم المساعدات اللازمة من أدوية ورعاية طبية ومواد غذائية بالتنسيق مع وزارة الصحة.
* وهل لكم أنشطة أخرى في اليمن؟ - كنا وما زلنا نسعى إلى توسيع أنشطتنا في اليمن. ومنذ 2007 ونحن نريد أن نفتتح مركزاً لمكافحة الإيدز في صنعاء وما زلنا في طور المناقشة، ونريد أن نفتتح مركزاً صحياً بمحافظة الجوف ولكن لا تتوافر لنا الضمانات الأمنية اللازمة.
* نشاطاتكم تمتد إلى مناطق واسعة من العالم، كيف تحصلون على الدعم اللازم لمواجهة هذه الأنشطة؟ - منظمة أطباء بلا حدود العالمية تتميز بسمعة جيدة في العالم ولدينا شركاء(متبرعون) من الذين يتابعون أنشطتنا وتنال إعجابهم يقدمون لنا الدعم والمساعدات. ونحن نتلقى التبرعات الشخصية من أناس عاديين في أنحاء العالم المختلفة ولا نتلقى أي دعم ولا نطلبه من حكومات أو مؤسسات مالية وغيرها، بل الداعم الرئيس لنا هو المواطن الأممي: أناس يثقون بأعمالنا ولا يسألون ماذا نعمل بالمبالغ التي يتبرعون بها لأنهم يدركون بالطبع أين تذهب.
نحن نحصل على دعم الإنسان البسيط وقد لا يتجاوز دعمه من 10-5 دولارات، لكن هذا المبلغ لا يستهان به لأننا إذا تلقينا دعماً من 100.000 شخص بمتوسط خمسة دولارات مثلاً، فإن المبلغ يصبح 500.000 دولار وهو مبلغ معقول.
* هل منظمة أطباء بلا حدود أسبانية المنشأ؟ - لا هي نشأت أولاً في فرنسا وانتشرت إلى معظم دول أوروبا وأمريكا وبقية دول العالم. ويوجد لها الآن فرعان رئيسيان: القسم الأسباني الذي نمثله نحن، والقسم الفرنسي.