بوادر أزمة طافحة على السطح لمكون اللقاء المشترك تبدو من مواقف الأحزاب من بعضها على أعلى المستويات القيادية والوسطى والقاعدية، سبق ذلك حملات إعلامية متبادلة دالة على وجود أزمة حادة تكتنف التحالف التاريخي وقد تفرض تفككه فعليا، حملات الأزمة البارزة إعلاميا لم تخل حتى من تدخلات صحف الطرف الثالث والحريصة جدا على تسعيرها وإشعال فتيلها. قبل قيام ثورة 11 فبراير كان قيام تحالف اللقاء المشترك ضرورة وطنية صرفة، لكن مع إطاحة الثورة بالرئيس السابق على عبد الله صالح وعائلته المتسلطة زال المبرر الواقعي للتحالف المشتركي وبالتالي يفترض انتهاء التحالف بانتهاء المبرر لقيامة، إلا أن الظروف الواقعية والمخاطر التي مازالت تتهدد أمن واستقرار اليمن وبروز ثورة مضادة جد خطيرة، تقاد من بقايا النظام السابق، وبعض القوى المتعاونة معه، والذي يستخدم لأجل إعادة عجلة التاريخ إلى ما قبل ثورة 11 فبراير، كل ما يمتلك من قوة مادية وإعلامية وبشرية، كل ذلك يفرض ليس بقاء المشترك وفقط بل وقيام التحالفات الوطنية العريضة إلى جانبه ليعمل الجميع لأجل مستقبل الوطن.
أعتقد موقنا أن فشل الثورة مرهون بفشل المشترك والعكس بالعكس، لذا كان على أحزاب المشترك مراجعة تصرفاتها اللاحقة لقيام حكومة الوفاق وانتخابات 21فبراير2011م وتجاوز الأزمة الناشبة، فالمرحلة حرجة وحساسة، والإبقاء على اللقاء المشترك متماسكاً حتى إنجاح المهام الثورية في قادمات الأيام ضرورة ملحة، إذ عليهم العودة إلى الذات الوطنية بعيدا عن الأنانية الطافحة، فالوطن يعيش في هذه الأثناء أخطر وأدق من مرحلة الثورة وما قبلها، فانتخابات 2014 قادمة وتحالفات الثورة المضادة تعمل وتتكتل فيما بالمقابل تكاد عرى المشترك تتفكك وتتآكل لمجرد تعرضها لأول هزة وبالونه اختبار مما يسمى بالمحاصصة والتوظيف.
كان اللقاء المشترك عظيما ومدركا وهو يقود الثورة كحامل سياسي إلى بر الأمان ويجب عليه أن يبقى كذلك، فالوطن بأمس ما تكون حاجته إليه اليوم من أي وقت مضى، ولقد راهنا كثيرا على تحطم قوى الظلام على جداره الصلد وكنا نعتقد ونؤمن أن قادة المشترك أكبر من أن ينصاعوا لخلافات بينية وهم يدركون أبعاد كل نقطة خلاف وآثارها على مستقبل الشعب والوطن فهم كبار كبر الوطن، ومازلنا نأمل أن يبقى المشترك كذلك، إذ حتى العشر السنوات المفترضة لبقائه في ظل شراسة قوى التمزيق المحدق من هنا وهناك غير كافية خاصة وأن القوى المتربصة تستقوي يوما عن يوم وباتت من القوة ما يجعلها تكشر عن أنيابها جهارا نهارا في تحد سافر للقيم الوطنية الكبرى.
سبق وكتبت موضوعا استباقيا بهذا الشأن عن أهمية بقاء المشترك بعنوان اللقاء المشترك كتجربة رائدة راهنت فيه على صلابة المشترك وفشل الخصوم في هزه فما بالك في تفكيكه، وبقاءه للحفاظ على وطن ما بعد الثورة معتبرا إياه تجربة يجب أن يحتذى بها في الوطن العربي المتصارع فكريا وإيديولوجيا، أنا لن استقى هنا منه شيئا وأحيل القارئ وكل مشتركي لقراءته ليدرك مدى قداسته وأهميته بالنسبة لنا كمواطنين نرى فيه حبل الله الذي يجب الالتفاف حوله.
لا نريد للمشترك السقوط أخلاقيا بنظرنا، فقد قام لتحقيق أهداف وطنية كبيرة وأحلام أمة ترى فيه الخلاص، فإن تحلل منها اليوم وهو مازال في بداية الطريق لأجل الفتات فإنه بذلك يكون قد سقط أخلاقيا ولا فرق بينه وبين سابقيه ممن رأوا في السلطة فيدا ومغنما لا مغرما.