المشهد المصري اليوم يبدوا أكثر حدة مما مضى، ويثبت مع كل منعطف فيه أن اللاعبين الأساسيين فيه يفتقدون إلى كثير من المهارة السياسية، سواء كانو سلطة و معارضة ، او الجيش الحالم بالسلطة. ويبدوا ذلك طبيعياً ونتاجاً لثلاث وثلاثين سنة من التغيب والتهميش وانعدام الهامش الديموقراطي ، واكتفاء النظام القديم بمعارضة شكليه ، كان يعلم الجميع أنها الحديقة الخلفية لحزب الحاكم حينها “الحزب الوطني“.
وشواهد المراهقة السياسية واضح لدى جميع الأطراف ، حيث انك تجد ان جميعها لم تجعل لها خط رجعه أمام الأخر في خضم معركة متقدة وحامية ، حيث بدأ الإنقلابيون معركتهم باستفزاز واضح لكل قواعد ومناصري الإخوان ، بتحميلهم المسئولية الكاملة عن عرقلة الجهود السابقة للمصالحة ، ثم يتبعه كلمة للبابا تواضرس راعي الكنيسة القبطية في مصر ، الذي يشكل رعاياها 8% فقط من الشعب المصري ليقول انتصرت إرادة الشعب ....ويأتي بعده إمام الأزهر الذي يمثل 92%من الشعب المصري ليقول قبلنا بأخف الأمرين ، معطياً انطباعا ان الإرادة التي انتصرت هي إرادة شعب الكنيسة ، وأن الأغلبية قبلت بها على مضض لاعتبارات يراها شيخ الأزهر ، ثم يتكلم اكثر أثنين معبئ الطرف الأخر اتجاههما ممثل تمرد والبرادعي .
ثم يتوالى سيل التصريحات العنترية في الصحافة والاعلام من نصب المشانق للمعارضين ، وتهيئة السجون لهم، والتهديد الصريح ، وغلق القنوات واعتقال القيادات والمجازر المتكررة ..في حين ان المشهد كان بالإمكان ان يخرج بأفضل من هذا التخبط والمراهقة السياسية بكثير وكان يجب ان تسود فيه روح رسائل التطمين المتكررة والمتواصلة للطرف الأخر أقلها من باب سحب البساط الشعبي من تحت اقدامه واستباق ذريعة المظلومية التي سيتدثر بها لامحالة وسيتعاطف معه اناس كثيرين بلا شك، في المقابل ..نجد الإخوان وان كانت الشرعية معهم. ، فان قفل قنوات التواصل السياسي مع الأخر المناوئ خطأ سياسي بإمتياز ..وتهديد الأخر بالمحاكمات والنفي والإعدام وإن كان مبررا في الساحات الثورية لرفع سقف المطالب وزيادة حماس الجماهير فانه يجب ان توازيه قنوات سياسية مع الطرف الأخر لها نفس تفاوضي عالي وسقوف أهداف منطقية .
المتابع للمشهد يرى جليا ان العسكر ومن ورائهم المعارضة الصورية جاهدين ان يشدوا مصر الى السيناريو الجزائري عندما أتى خالد نزار والعماري وبقية قادة الجيش المتفرنسيين بأبو ضياف كرئيس مدني صوري وبقى الجيش يحكم الجزائر وتسود الاستئصاليين المشهد وخاضوها حرب على الاسلاميين أكلت الأخضر واليابس، ويريدها الإخوان مشهدا أقرب للمشهد الفنزولي عندما تأمر اصحاب رؤوس الاموال مع بعض قادة الجيش لإزاحة الرئيس المنتخب تشافيز وأخرجوا اربعين مليون من انصارهم للشوارع لتبرير الانقلاب ، ولكن بعدها بأيام خرج أنصار تشافيز بما يقارب التسعين مليون الى الشوارع وانحازت القوات الخاصة التي كانت متحفظة على شافيز للشعب وأعادته للرئاسة وحاكمت كل اذرع المحاولة الانقلابية .
ما لا يدركه الطرفين للأسف ..أن تجارب الشعوب ليست نسخ ولصق، وان مصر ليست مقبله على اي من السيناريوهات السابقة ، وإنما ستصنع لها سيناريو بالوسط او بعيد عن ذلك كله (اسمه السيناريو المصري).