خرجت مظاهرات في عدة محافظات مصرية اليوم الجمعة استجابة لدعوات التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب إلى التظاهر تحت شعار «الوفاء لدماء الشهداء». وأظهرت لقطات مباشرة بثتها قنوات فضائية خروج حشود في محافظات القاهرةوالاسكندرية والفيوم والمنوفية والدقهلية وأسيوط وبني سويف. ورفع المشاركون شعار رابعة العدوية وصورا لضحايا فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر في 14 أغسطس الماضي، وكذلك صور الرئيس المعزول محمد مرسي الذي أطاح به الجيش المصري.
وردد المشاركون في المظاهرات هتافات «عبدالفتاح هو السفاح»، في إشارة إلى وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، و«الداخلية بلطجية» تنديدا بمجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين.
وكان عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة -المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين- قد دعا في تسجيل صوتي للاحتشاد في الشوارع للتظاهر اليوم وغدا، قائلا «التظاهر وفاء لشهداء الحرية والكرامة الإنسانية».
وفي العاصمة المصرية انطلقت مسيرات في أحياء مدينة نصر والمعادي والزيتون وحلون والهرم والمهندسين فور انتهاء صلاة الجمعة، وجدد المتظاهرون رفضهم لكل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية المؤقتة بعد إطاحة الجيش بالرئيس المعزول محمد مرسي.
وشهدت محافظة الأسكندرية الساحلية ثلاث مظاهرات حاشدة نظمها الرافضون للانقلاب العسكري أمام مسجد التوحيد بمنطقة محطة الرمل، ومسجد القائد إبراهيم وسط الإسكندرية، ومسجد سيدى بشر.
وشارك في المسيرات عدد من علماء الأزهر على خلفية اعتقال عدد من الأئمة والمشايخ بالمحافظة، رافعين شارة رابعة العدوية وصور مرسي ولافتات تندد بالانقلاب العسكري.
ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين وعدد من الأهالي بمحيط مسجد القائد إبراهيم، لكنها لم تدم طويلا ولم تسجل أي إصابات، وفقد ما ذكر أحد الصحفيين للجزيرة. وترافقت هذه المظاهرات مع إجراءات أمنية مكثفة أمام مقار الشرطة والمؤسسات الحيوية في المدينة.
كما حاولت قوات الأمن في محافظتي الاسكندرية والغربية تفريق المتظاهرين في أحياء المحافظة بواسطة القنابل المدمعة، ولم ترد أي أنباء عن وقوع إصابات.
وفي سياق متصل، بث ناشطون لقطات فيديو مباشرة تظهر خروج من مسيرات ومظاهرات في محافظات دمياط وقنا والبحيرة وبورسعيد والمنوفية والشرقية والقليوبية والدقهلية وبني سويف. وطغى شعار رابعة المميز بلونه الأصفر على أغلب هذه الفاعليات.
وتركزت الهتافات على التنديد بالانقلاب العسكري الذي عزل مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، ومطالبتهم بمحاسبة المتورطين في جرائم فض اعتصامي رابعة والنهضة، معلنين رفضهم لمد حالة الطوارئ وحظر التجول، وكذلك استمرار الملاحقات الأمنية لمعارضي الانقلاب.
يشار إلى أن مظاهرات اليوم تأتي بعد شهر من فض قوات الأمن للاعتصامين الرئيسيين المؤيدين لمرسي، مما أسفر عن سقوط أكثر من ألفين و500 قتيل بحسب التحالف الوطني لدعم الشرعية.
حالة الطوارئ إلى ذلك، دعت الولاياتالمتحدة والبرلمان الأوروبي الحكومة المصرية المؤقتة إلى الرفع الفوري لحالة الطوارئ التي فرضتها في 14 أغسطس الماضي ومددتها أمس الخميس لمدة شهرين.
فقد قالت ماري هارف مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية "ما زلنا نعارض فرض حالة الطوارئ وكما كنا منذ البداية. ونحث الحكومة الانتقالية على وضع حد لها فورا".
وطلبت من القاهرة إيجاد "مناخ يمكن من خلاله لجميع المصريين من جميع الاتجاهات ممارسة حقهم في حرية التجمع والتعبير بسلام".
وحثت المسؤولة الأميركية أيضا "الحكومة الانتقالية والجيش على إحالة المواطنين الذين اعتقلتهم الشرطة أو الجيش أمام المحاكم المدنية فقط".
وكانت السلطات المصرية فرضت حالة الطوارئ في 14 أغسطس/آب الماضي لمدة شهر، في أعقاب فض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة، بالقوة، مما أدى إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إيهاب بدوي في بيان إنه "ارتباطا بتطورات الأوضاع الأمنية في البلاد، وبعد موافقة مجلس الوزراء، قرر الرئيس عدلي منصور مدَّ حالة الطوارئ في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية لمدة شهرين، اعتبارا من الساعة الرابعة عصرا من يوم الخميس الموافق 12 سبتمبر 2013".
ويأتي قرار تمديد حالة الطوارئ مخالفا لما جاء في الكلمة الأخيرة للرئيس المؤقت عدلي منصور والذي توقع فيها رفع حالة الطوارئ في البلاد في ظل ما وصفه ب"تحسن الأوضاع الأمنية".
ولا تزال القاهرة و13 محافظة مصرية أخرى تخضع لحظر تجوال ليلي منذ فض اعتصام مؤيدي مرسي، الأمر الذي قوبل بتنديد دولي وحقوقي واسع.
من جهته دعا البرلمان الأوروبي في قرار أصدره الخميس عقب اجتماع في بروكسل إلى وضع حد لجميع أعمال العنف والإرهاب، وكذلك التحريض على العنف والكراهية فيمصر، من أجل مصلحة البلد.
ودعا النواب الأوروبيون السلطات المؤقتة لإنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، وذلك لإيجاد الظروف اللازمة لعملية سياسية شاملة.
وأدان البرلمان في قراره ما اعتبره استخداما غير متناسب للقوة من قبل الأجهزة الأمنية خلال تفكيك الاعتصامات في ساحتي رابعة العدوية والنهضة، وكذلك عدم قدرة جماعة الإخوان المسلمين على منع "العنف المنفذ" من قبل قاعدتها السياسية، وفق ما جاء في البيان.
وقال البيان إن السلطات المؤقتة والجيش المصري يتحملان واجب ضمان سلامة جميع المواطنين بغض النظر عن وجهات نظرهم أو انتماءاتهم السياسية، وطالب أعضاء البرلمان الأوروبي أيضا بإجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل التي حدثت حتى الآن.
وقالت النائبة فيرونيك دوكايزر للجزيرة نت، إنها تشعر "بالقلق من التطورات السياسية التي شهدتها مصر منذ أكثر من شهرين بعد الانقلاب العسكري"، خاصة أن مصر تعد لاعبا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.
ودعت إلى دعم هذا البلد لكي لا يعود مرة أخرى إلى الدكتاتورية، و"يجب علينا أن نساعد مصر لتجد توازنها الديمقراطي عبر التشديد على ضرورة دعوة جميع المكونات السياسية المصرية إلى طاولة المفاوضات من أجل صياغة الدستور المقبل".