ما تزال رحى المواجهات بين جماعة الحوثيين المسلحة ومسلحين سلفيين في بلدة دماج بشمال اليمن مستمرة مع فشل لجنة وساطة كلفها الرئيس اليمني لإيقاف المواجهات. وتدور الاشتباكات في بلدة دماج الواقعة في وادٍ زراعي جنوب شرق مدينة صعدة، وتحتضن مركز تعليم ديني سلفي منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
وتحاول جماعة الحوثيين المسلحة، منذ نحو عامين، فرض سيطرتها على دماج لتضمها إلى معظم مساحات محافظة صعدة والمديريات المجاورة التي تسيطر عليها وتحكمها بشكل فعلي.
وبدأت الاشتباكات بين الحوثيين والسلفيين في دماج في نهاية 2011، لكن وساطة قبلية نجحت في إبرام اتفاق هدنة بين الطرفين آنذاك، لكن الهدنة انهارت قبل نحو ثلاثة أشهر وتجددت الاشتباكات بين الجانبين اللذان يوصفان ب«غير المتكافئين».
ويمتلك الحوثيون أسلحة ثقيلة كالدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات صواريخ الغراد، بينما يقول السلفيون إنهم لا يملكون سوى أسلحة خفيفة ومتوسطة «للدفاع عن أراضيهم».
وانسحبت لجنة الوساطة الرئاسية ولجان المراقبين من دماج، وقالت إنها تستعد لتسليم تقرير إلى الرئيس عبدربه منصور هادي لاطلاعه على مستجدات الأوضاع هناك.
وتستمر الاشتباكات في دماج بشكل شبه يومي بين الجانبين. ويقول السلفيون إن الحوثيين يحاولون اقتحام البلدة لكنهم يصدون تلك الهجمات.
وقال المتحدث باسم السلفيين سرور الوادعي ل«المصدر أونلاين» عبر الهاتف إن الحوثيين شنوا هجوماً عنيفاً على دماج ابتداءً من الساعة الخامسة مساء اليوم الثلاثاء مستخدمين الدبابات وعربات مدرعة.
وأضاف بينما كانت أصوات إطلاق النار تُسمع في الخلفية «يشنون هجوماً على دماج كأنه حرب بين دول.. دماج تشتعل بعد استهداف المنازل بقصف عشوائي جنوني».
وقال بيان نشر على صفحة دار الحديث السلفي بموقع «فيسبوك» ان ثلاثة على الأقل من دماج قتلوا في هجوم الحوثيين.
ويلتزم الحوثيون الصمت إزاء ما يحدث في دماج، أو تصريحات صادرة عن لجنة الوساطة الرئاسية والتي تحمل جماعتهم المسؤولية الأكبر وراء عدم تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكانت صحيفة «الثورة» الحكومية نقلت عن رئيس لجنة المراقبة أمين الحميري قوله إن اللجنة ستسلم الرئيس تقريرها حول أحداث دماج متضمناً الخروقات والعراقيل التي رصدها المراقبون وواجهت أعضاء اللجنة، مشيراً إلى ان لجنتين رئاسية وبرلمانية انتظرت عشرة أيام لمقابلة عبدالملك الحوثي دون فائدة.
ويقول الحوثيون إنهم يسعون إلى إخراج «مسلحين أجانب» يتحصنون في بلدة دماج، لكن السلفيين يقولون إنهم «طلاب علم» جاءوا لدراسة العلوم الشرعية في دار الحديث السلفي.
واشتدت المواجهات مع استدعاء الجانب المذهبي بين السلفيين السنة والحوثيين الشيعة، حيث قام مسلحون سلفيون باستحداث حواجز تفتيش على الطرق المؤدية إلى صعدة في مديرية حرض بمحافظة حجة ومديرية حوث بمحافظة عمران.
وتجددت الاشتباكات بين الحوثيين والسلفيين في منطقة «كتاف» الواقعة في الشرق من مدينة صعدة، وبها الطريق الذي يصل بين محافظتي الجوف وصعدة.
وتقول مصادر محلية إن ضحايا الصراع وصل إلى مئات القتلى والجرحى من الجانبين.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بشأن ارتكاب انتهاكات، فبينما يتهم السلفيون خصومهم الحوثيين بحصار دماج ومنع إدخال المؤن الغذائية والطبية إليها، وقصف البلدة دون تفريق بين منازل المدنيين، يقول الحوثيون إن مسلحين سلفيين قطعوا رؤوس مقاتلين من جماعتهم.
وأقر رجل الدين يحيى الحجوري، الذي يدير مركز دار الحديث، بالحادثة، لكنه استنكرها. ونقل موقع سلفي عنه قوله «قطع رؤوس بعض الحوثيين فعله بعض الأولاد بما لا نرضاه، وقد أنكرنا عليهم ذلك».