الوية العمالقة تعلق عل ذكرى نكبة 21 سبتمبر وسيطرة الحوثي على صنعاء    مليشيا الكهنوت تختطف سادس قيادي مؤتمري بسبب الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر    بالأسماء.. قناة العربية تكشف قيادات قوة الرضوان بحزب الله الذين قُتلوا بغارة الضاحية الجنوبية    انتقاماً من مسقط رأس الثائر علي عبدالمغني.. الحوثيون يواصلون حملات القمع في السدة    طالب عبقري يمني يحرم من المشاركة في أولمبياد عالمي للرياضيات    التلال يقلب النتيجة على الشعلة ويتوج بلقب كأس العاصمة عدن بنسختها الثانية    استشاري إماراتي: مشروب شهير يدمر البنكرياس لدى الأطفال ويسبب لهم الإصابة بالسكري بعد بلوغهم    نيوكاسل يونايتد يحصّن مهاجمه من ليفربول    مدافع يوفنتوس مرشح لخلافة فان دايك في ليفربول    بالوتيلي يريد العودة للكالتشيو    في يوم واحد.. المياحي مختطف وصفحته محذوفة! هل بدأت حملة قمع حوثية جديدة؟    الجنوب لن يدفع ثمن مواءمات الإقليم    رابط مشاهدة مباراة النصر والاتفاق بجودة عالية بدون تقطيع HD في منافسات دوري روشن للمحترفين    أمريكا ترفض إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية    تزامنا مع الذكرى ال34 للتأسيس.. اصلاح سيئون ينظم برنامجا تدريبيا للقيادات الطلابية    بمناسبة ذكرى التأسيس.. إصلاح غيل باوزير يقيم أمسية احتفالية فنية وخطابية    متظاهرون في مارب وتعز ينددون باستمرار جرائم الإرهاب الصهيوني بحق سكان قطاع غزة    بالوثائق .. هذه حقيقة الصراع للسيطرة على حوش سوق القات الكائن بالممدارة (الهناجر) بعدن    اديبة يمنية تفوز بجائزة دولية    أقوى تحرك حوثي ردًا على إدخال خدمة ''ستارلينك'' إلى اليمن    وفاة الإمام أحمد في تعز ودفنه في صنعاء    اتهام رسمي أمريكي: وسائل التواصل الاجتماعي تتجسس على المستخدمين    الوزير الحوثي يرفض تسليم أموال صندوق المعلم والذي يحصل منه سنويا على 27 مليار (تفاصيل)    موناكو يقلب النتيجة على برشلونة ويتغلب عليه بدوري أبطال أوروبا    شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند)    قيادي إنتقالي: التسوية المقبلة تضع المجلس أمام تحديات كبرى    معارك وقصف مدفعي شمالي محافظة لحج    فرحة الزفاف تنقلب إلى مأساة في الحديدة    البنك المركزي اليمني بعدن يجمد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    في مشهد صادم: شاب من تعز ينهي حياته والسبب ما زال لغزاً!    الهجري: مأرب وقبائلها أفشلت المشروع الكهنوتي وأعادت الاعتبار للجمهورية    بداية جديدة: الكهرباء تستعيد هيبتها وتعيد النظام إلى الشبكة في لحج    بنك يمني يحصد جائزة عالمية ويؤكد ريادته في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في اليمن    الانترنت الفضائي يدخل ضمن ادوات الحرب الاقتصادية في اليمن    بالصور: تفاصيل اتهام داعية شهير بالتحرش ب 3 فتيات وإرساله صوراً إباحية لاستدراجهن    جيشها قتل 653 ألف ثائر مسلم: سلفية الهند تحرّم الخروج على وليّة الأمر ملكة بريطانيا    حرب التجويع.. مؤامرات الأعداء تتعرض لها المحافظات الجنوبية    منظمة الصحة العالمي تكرم الوكيل الدكتور الشبحي    الصين: ندعم بحزم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه المشروعة    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة بعد خفض أسعار الفائدة    بعد توقفها لسنوات.. مطار عدن الدولي يستقبل أولى رحلات شركة افريكان أكسبرس    البنك المركزي يجمّد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    نمبر وان ملك الأزمات... سيدة تقاضي محمد رمضان بعد تعديه على نجلها بالضرب    رئيس كاك بنك يبحث فرص التعاون المشترك مع البنك الزراعي الروسي في بطرسبورغ    منتخب شباب اليمن يحدد موعد سفره إلى إندونيسيا    خطط لتأهيل عشرات الطرق في عدن بتمويل محلي وخارجي    صنعاء تعاني تصحر ثقافي وفني .. عرض اخر قاعة للعروض الفنية والثقافية للبيع    3 اعمال لو عملتها تساوي «أفضل عبادة لك عند الله».. اغتنمها في الليل    أأضحك عليه أم أبكيه؟!    شجرة العشر: بها سم قاتل وتعالج 50 مرضا ويصنع منها الباروت (صور)    بالصور .. نعجة تضع مولود على هيئة طفل بشري في لحج    سيدي رسول الله محمد .. وُجوبُ تعزيرِه وتوقيرِه وتعظيمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم    14 قطعة في المباراة.. لماذا يحرص أنشيلوتي على مضغ العلكة؟    مؤسسة ايوب طارش توضح حول ما نشر عن ملكية النشيد الوطني    السلطة عقدة بعض سياسيِ الجنوب.    يسار الاشتراكي وأمن الدولة يمنعون بناء أكثر من 10 أدوار ل"فندق عدن"    في هاي ماركيت بخورمكسر: رأيت 180 نوعاً من البهارات كلها مغلفة بطريقة انيقة.. هل لا زالت؟؟    لم يحفظ أبناء اليمن العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة تبحث علاقة التجمع اليمني الإصلاح بالديمقراطية (ملخص)
نشر في المصدر يوم 11 - 12 - 2013

نال الباحث عبدالله علي صبري درجة الماجستير من قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء عن رسالته التي قدمت دراسة عن علاقة حزب الإصلاح بالديموقراطية وتتبع مختلف المراحل التي مر بها الحزب منذ التأسيس.

وتناول البحث علاقة شائكة تثير على الدوام الجدل والاختلاف على الصعيد النظري أو على مستوى الممارسة في الواقع، فإذا كان من المُهم دراسة واقع الانتقال الديمقراطي في المجتمع اليمني وتسليط الضوء على الدور الذي تضطلع به الأحزاب السياسية باتجاه تعزيز الديمقراطية الناشئة في البلاد، فإن الدراسة تكتسب أهمية مضافة عندما يكون أحد طرفيها حزباً ذا مرجعية دينية قرر خوض غمار السياسة والعمل الحزبي وفق الشروط المتاحة في دولة نامية ومجتمع قريب عهد بالاستبداد والشمولية.

وإذا كان البحث قد خلص إلى أن مواقف حزب الإصلاح – محل الدراسة- قد تطوّرت سياسياً وديمقراطياً بشكل تصاعدي خلال عقدين من الزمن، فإن هذه النتيجة غير منفصلة عن نتائج أشمل تتعلق بالانفتاح الذي سجلته الحركات السياسية الإسلامية في المنطقة العربية منذ تسعينات القرن الماضي، في ظل انفتاح سياسي ومجتمعي على الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومتطلبات الحياة الحُرة والكريمة للمواطنين.

لقد حاولت الدراسة أن تجيب عن سؤال رئيس يتعلق بموقف التجمّع اليمني للإصلاح من الديمقراطية، حيث عمل الباحث على إثبات فرضية أن هناك علاقة طردية إيجابية بين المواقف السياسية للتجمع اليمني للإصلاح وبين الديمقراطية في الجمهورية اليمنية.

ولأن الإصلاح من الأحزاب التي تنضوي في إطار الحركات السياسية الإسلامية، فقد عمد الباحث إلى تأصيل الموقف الفكري للإصلاح من الديمقراطية في إطار خلفية النقاش الإسلامي إزاء الشورى والديمقراطية، ومفاهيم أخرى كالحاكمية، والحُرية، وحقوق الإنسان.

توصلت الدراسة هنا إلى أن القائلين من المفكِّرين الإسلاميين المعاصرين بوجوب الشورى وإلزامية الأخذ بنتيجتها هم الأقرب إلى تأييد آليات الديمقراطية، دونما تفريط في الهوية الإسلامية. وجوهر الديمقراطية في نظر هذا الفريق أن يختار الناس من يحكمهم ويسوس أمرهم، وألاّ يُفرض عليهم حاكم يكرهونه، أو نظام يكرهونه، وأن يكون لهم حق محاسبة الحاكم إذا أخطأ، وحق عزله إذا انحرف.

هذه الخلاصة نجدها مستقرة في أدبيات حزب الإصلاح وبرامجه السياسية والانتخابية، منذ نشأته في سبتمبر 1990 وحتى الآن، فقد نص الحزب في برنامجه السياسي على "الديمقراطية الشوروية". وبهذا المزج يؤكد الإصلاح تمسكه بالمفهوم الإسلامي للحكم، دونما حرج من إقحام الديمقراطية كآلية عصرية تجسّد الشورى من الناحية العملية.

كما يذهب الإصلاح إلى أن التداول السلمي للسلطة هو جوهر الشورى والديمقراطية، ولن يكون النظام السياسي شوروياً ديمقراطياً ما لم يتضمّن الآليات التي تتيح للجماعات السياسية التي تحظى بتأييد الأغلبية الشعبية تولي السلطة لتنفيذ البرنامج الذي كانت تدعو إليه، وذلك من خلال اقتراع دوري يحتكم الجميع إليه.

وإذ يتسق طرح الإصلاح هنا مع مفهوم الديمقراطية والإجراءات التي استقرت عليها وفقاً للمبادئ التي وضعها روبرت دال للديمقراطية الليبرالية، واعتمد عليها الباحث في دراسته، فإن الموقف العام من الديمقراطية الغربية بمرجعيتها العلمانية ما يزال مشوشاً لدى الحركات السياسية الإسلامية، ومن ضمنها الإصلاح، حيث نلحظ تمسكاً بالشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريعات، وهو ما يصطدم بالمبدأ الديمقراطي القائم على حاكمية الشعب.

غير أن الحركات السياسية الإسلامية لا تعترف بهذا التناقض من منطلق أن المناداة بالديمقراطية لا تعني لديهم رفض حاكمية الله للبشر بالضرورة، وإنما تعني رفض الديكتاتورية المتسلّطة، وأن يختار الشعب حكامه كما يريد، وأن يحاسبهم على تصرفاتهم، كما أن الديمقراطية لديهم تعني التعايش السلمي بين الجماعات والفصل بين السلطات الثلاث في الدولة، وتداول السلطة بشكل سلمي، والشورى والانتخابات، وإعطاء الناس حقهم في إبراز الرأي، والأخذ بنظام الأكثرية وما أشبه، كل ذلك بشرط ألاً يتعارض مع أصل من أصول الشريعة الإسلامية ولا مقاصدها.

وفقاً لهذا المفهوم، نلحظ أن الرؤى والمنطلقات الفكرية الصادرة عن الهيئات الرسمية للإصلاح منحازة للديمقراطية كآلية للحكم، لكنها ليست جلية بالقدر نفسه فيما يتعلق بمنظومة الحريات العامة، كالحرية الدينية وحرية الإبداع وحرية المرأة، وأدى ذلك إلى بروز تيار محافظ داخل الحزب يعكس الوجه الدعوي للإصلاح، ما جلب للحزب خصومات خارج مربع السياسة، وخاصة مع المثقفين أو المختلفين مذهبياً.

على صعيد الممارسة العملية، يُحسب للتجمع اليمني للإصلاح محل الدراسة أنه انخرط في التجربة الديمقراطية الوليدة باليمن وتمكن من التفاعل مع مستجدات ومتغيرات الحياة السياسية بواقعية مكنته من لعب دور محوري ومؤثر في الدفاع عن الديمقراطية اليمنية ومحاولة تصحيح مسار الانحراف الذي أصابها بفعل تفرد حزب واحد واستئثاره بالسلطة منذ عام 1997.

ساعد على ذلك أن الإصلاح انتقل بشكل سلس ومتدرج من شريك في السلطة وحليف لها، خلال الفترة 1993 – 2001، ثم غدا من حينها الحزب الأبرز في تكتل اللقاء المشترك المعارض، ما أكسبه مرونة سياسية في التعامل مع التطورات والمستجدات.

ويُحسب للإصلاح أنه الحزب الوحيد حتى الآن الذي شارك في الحكم من خلال الآلية الديمقراطية، وخرج إلى المعارضة، احتراماً لهذه الآلية، ما يتعارض مع مقولة إن الإسلاميين إنما يقبلون بالديمقراطية النيابية ليصلوا من خلاها إلى السلطة ثم ينقلبون عليها.

إنما الصحيح أن هذه المقولة تنطبق بالفعل على الأحزاب السياسية الحاكمة في أكثر من قطر عربي، فهي تقبل بالديمقراطية التي تؤدي إلى تأبيد الحاكم وتحول دون التداول السلمي للسلطة، ولا تشذ اليمن عن هذا الواقع.

الأهم من ذلك أن تزايد الواقعية السياسية لدى المعارضة اليمنية على رأس العوامل التي أدت إلى شراكة كانت تبدو بعيدة الاحتمال بين حزب الإصلاح (الإسلامي) والحزب الاشتراكي (العلماني) خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حرب صيف 1994 التي كان الإصلاح بالاشتراك مع المؤتمر الشعبي العام طرفاً فيها ضد الحزب الاشتراكي.

ومن خلال المشترك وعلى الصعيد العملي حرصت قيادات الإصلاح على التواجد في مختلف الفعاليات والأنشطة السياسية والحقوقية، دفاعاً عن حقوق المواطن اليمني وكرامته.

ساعد على ذلك اتساع البنية التنظيمية للإصلاح الممتدة إلى مختلف أنحاء محافظات ومديريات الجمهورية، الأمر الذي مكن أعضاء الحزب من التفاعل الايجابي مع مطالب الناس وقضاياهم الحقوقية، ودفعهم للعمل المدني السلمي في سبيل انتزاع هذه الحقوق.

هذا يعني أن الإصلاح، الذي اكتنفت مواقفه بعض الغموض فيما يتعلق بالوحدة وبالدستور وبالديمقراطية، في الأشهر الأولى لتأسيسه، غدا اليوم على رأس الأحزاب التي تدعو إلى الديمقراطية وتدافع عنها وبمختلف وسائل النضال السلمي المدني.

وانعكست رؤية ومواقف الإصلاح تجاه الديمقراطية على الحياة الداخلية للحزب وعلى إدارة التنوع والاختلاف بآلية حوارية ديمقراطية تحترم المؤسسة الحزبية والرأي الغالب فيها، الأمر الذي ساعد الحزب على تجاوز أفكار ورؤى بعض قياداته المحافظة وخاصة ما يتعلق بالحقوق السياسية للمرأة.

وإذ يشكل حضور التيار المحافظ داخل الإصلاح عقبة كأداء في ترسيخ التجربة الديمقراطية للحزب فإن تعاظم حضور التيار المنفتح وقدرته في التأثير على القرار يعني أن الإصلاح مؤهل للمزيد من الواقعية والاستفادة من تجارب الحركات السياسية الإسلامية، وخصوصاً تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وهي التجربة التي تؤكد أن بإمكان الإسلاميين الوصول إلى السلطة عبر الآلية الديمقراطية بمرجعيتها العلمانية دون أن ينقلبوا عليها بالضرورة.

من جهة أخرى، فإن الدراسة -وقد اعتمدت في تحليل المعلومات على منهج الثقافة السياسية- لم تغرق في نقد مواقف حزب الإصلاح ورؤيته للديمقراطية من منطلق أن الانتقال إلى الديمقراطية في اليمن كان وليداً لقيام الجمهورية اليمنية التي لم يمضِ عليها أكثر من عقدين، وهذه فترة قصيرة جدا، في حياة الدول والشعوب.

زد على ذلك أن نظم الحكم العربية -وإن تدثرت باللباس الديمقراطي- عمدت إلى توريث السلطة، واليمن من الدول التي عمل نظامها الحاكم في هذا الإطار، وهو ما يعني أن التراجع الذي شهدته التجربة الديمقراطية الوليدة كان بفعل سياسات الحزب الحاكم المتفرد بالسلطة قبل غيره من الأحزاب، وهذا يعني أيضاً أن تعزيز الديمقراطية وترسيخها في الواقع المعاش ليس رهن موقف قوة سياسية بعينها، فالمسؤولية مشتركة، ويقع العبء الأكبر على عاتق الحزب الذي يصل إلى السلطة.

وقد أخذت الدراسة بعين الاعتبار العوائق التي صادفها حزب الإصلاح وأحزاب المعارضة في سبيل تعزيز التجربة السياسية. ويُحسب للإصلاح والمشترك انخراطهم الفاعل والمؤثر في التنافس على السلطة ديمقراطياً عبر الانتخابات النيابية والمحلية، ثم التنافس الجاد على رأس السلطة عبر الانتخابات الرئاسية في 2006.

غير أن العبث بالانتخابات من قبل الحزب الحاكم الذي استغل أجهزة الدولة وإمكاناتها المالية والأمنية والإعلامية في سبيل إعادة إنتاج الأغلبية ذاتها فرض على الإصلاح والمشترك رفض مجاراة السلطة وحزبها والضغط باتجاه تسوية الملعب سياسياً وإصلاح المنظومة الانتخابية، ما أدى في الأخير إلى توافق بين الأحزاب الممثلة في البرلمان على تأجيل الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في 2009، حتى تتمكن الأحزاب من التفاهم على صيغة جديدة للإصلاحات السياسية والانتخابية.

وإذ لم تفضِ التجربة الديمقراطية الوليدة إلى تداول سلمي للسلطة حتى الآن، فإن الثقافة السياسية المتعصبة دينياً وقبلياً، تضافرت مع مشروع الاستبداد بالسلطة وتوريثها للوصول إلى هذه النتيجة، وساعدها على ذلك أن المسألة الأمنية في علاقات اليمن بالغرب والدول المانحة وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية احتلت سلم الأولويات منذ أحداث سبتمبر 2001 ولا تزال.

ولا شك أن مواقف الإصلاح وعموم الأحزاب السياسية اليمنية من الديمقراطية متأثرة بالثقافة الشمولية السائدة المناهضة للحريات بشكل عام، وتتضاعف مشكلة الإصلاح بسبب تداخل التكوين التنظيمي للحزب مع المشيخة القبلية، وكذا المشيخة الدينية اللتين شكلتا ما أطلقت عليه الدراسة بالتيار المحافظ داخل حزب الإصلاح.

لقد أكدت الدراسة أن التجربة الديمقراطية اليمنية وما يشوبها من تعثرات متلاحقة هي رهن سياسات سلطوية خاطئة، تستثمر الثقافة العامة المجافية للحرية والتسامح والقيم الديمقراطية، وهي ثقافة تختلط فيها الأعراف والتقاليد ببعض الرؤى الدينية المنتجة للاستبداد السياسي المهيمن على الحياة العامة في اليمن كما في المنطقة العربية ككل.

ولأن المتغيّر الثقافي عامل حاسم في المسألة الديمقراطية، فقد أوصى الباحث التجمّع اليمني للإصلاح -محل الدراسة- مراجعة برامج وأدبيات ومواقف الحزب وقياداته التي تتسلل منها الرؤى المستأنسة للشمولية والعنف والاستبداد، والتعاون مع مختلف القوى السياسية والاتجاهات الفكرية من أجل ترسيخ الحرية والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة، لتغدو الديمقراطية ثقافة مجتمعية لا يجرؤ حزب أو قوة ما على تمييعها أو الانقلاب عليها.

كما أوصى الباحث الحزب الحاكم سابقاً أو مستقبلاً مغادرة ثقافة التفرّد بالسلطة إلى ما لا نهاية والاعتراف بالشراكة السياسية الوطنية وترجمة مبدأ التداول السلمي للسلطة إلى حقيقة معاشة تجلب لليمن مزيداً من الأمن والاستقرار والتنمية وتحول دون تشظي الوحدة أو انهيار الدولة.

كما أكد الباحث في ختام دراسته أن الديمقراطية صمام أمان الوحدة والدولة اليمنية، ولن يجد اليمنيون اليوم حلولاً لأزماتهم والتحديات الخطيرة المحدقة بمستقبلهم إلا بقيام الدولة المدنية الديمقراطية كإطار عام يستوعب مختلف الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي لا "مندوحة" عنها باتجاه الإنقاذ والتغيير المنشود.

وإذ أسلفت أن الباحث اعتمد على منهج الثقافة السياسية في دراسته، فإنه استعان أيضاً بالمنهج المؤسسي ومن اقتراب العلاقة بين الإسلام والديمقراطية، كما استفاد أيضا من مقولات " فقه الواقع".

وقد اعتبر الباحث البيانات والمواقف الرسمية المعبِّرة عن حزب الإصلاح بمختلف مؤسساته المرجعية الأساسية في تقييم رؤى ومواقف حزب الإصلاح السياسية ذات العلاقة بالديمقراطية، بيد أنه استعان كذلك بمقولات لباحثين مهتمين بشأن الحركات السياسية الإسلامية، واستفاد منها في نقد أداء حزب الإصلاح، على اعتبار أن مواقف الحزب المعلنة لا تقدم نقدا ذاتياً يمكن الركون إليه في دراسة علمية كهذه.

كما أن الباحث قد تعرّض لبعض المواقف التي عبّرت عنها قيادات في الحزب، وإن لم تصدر عن الهيئات الرسمية للإصلاح، وذلك للتأثير الكبير لمثل هذه القيادات داخل وخارج حزب الإصلاح كالشيخ عبد المجيد الزنداني.

وامتد النطاق الزمني للدراسة إلى عام 2010، ابتداءً من عام 1990 الذي كان شاهداً على جُملة من المتغيِّرات السياسية، وأهمها إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية والسماح بالتعددية الحزبية وحُرية الصحافة.

كما جرى في هذه الفترة الإعلان عن قيام التجمع اليمني للإصلاح ( 13 سبتمبر 1990)، كحركة سياسية إسلامية، تعترف بالديمقراطية وبالتعددية وتلتزم الوسائل السلمية والديمقراطية في التغيير.

وبموجب هذا الالتزام، شارك الحزب في جميع الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية التي عرفتها البلاد خلال العقدين الماضيين، أهمها الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006.

خلال هذه الفترة، انتظم الإصلاح في عقد مؤتمراته العامة، حيث عقد أربعة مؤتمرات كان آخرها المؤتمر العام الرابع في فبراير 2007، و فيما كان يستعد لعقد مؤتمره العام الخامس في فبراير 2011، قامت الثورة الشبابية الشعبية فقرر تأجيل المؤتمر إلى وقت لاحق.

ومع أن فترة نطاق الدراسة كانت عند إقرار خطة البحث تشمل الفترة من 1990- 2007، إلا أنها امتدت إلى نهاية عام 2010، حيث رأى الباحث أهمية تناول بعض المستجدات ذات العلاقة خلال فترة إعداد الرسالة.

وتوقف الباحث عند العام 2010، لأن أحداث 2011 دلفت باليمن إلى منعطف جديد ما زلنا نعيش مخاضه العسير، على أمل أن يكون القادم هو الأفضل والأجمل.

ضمت الدراسة ثلاثة فصول رئيسة، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة، تناول الفصل الأول: الحركات السياسية الإسلامية وقضية الديمقراطية، ضمن ثلاثة مباحث، وعدّة مطالب، فيما تناول الفصل الثاني: التحولات السياسية في اليمن ونشأة التجمع اليمني للإصلاح، وتناول الفصل الثالث: الديمقراطية في الممارسة العملية للتجمع اليمني للإصلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.