أكد الباحث السياسي عبدالله غلي صبري أن أن هناك علاقة طردية إيجابية بين المواقف السياسية للتجمع اليمني للإصلاح وبين الديمقراطية في الجمهورية اليمنية. وقال صبري في رسالته التي عنونها ب "التجمع اليمني للإصلاح وقضية الديمقراطية في الجمهورية اليمنية" وحصل بها على درجة الماجستير في العلوم السياسية بتقدير جيد جداً، إن الإصلاح يذهب إلى أن التداول السلمي للسلطة هو جوهر الشورى والديمقراطية، ولن يكون النظام السياسي شوروياً ديمقراطياً ما لم يتضمن الآليات التي تتيح للجماعات السياسية التي تحظى بتأييد الأغلبية الشعبية، تولي السلطة لتنفيذ البرنامج الذي كانت تدعو إليه وذلك من خلال اقتراع دوري يحتكم الجميع إليه، لافتاً إلى أن طرح الإصلاح يتسق مع مفهوم الديمقراطية. ولاحظ أن الرؤى والمنطلقات الفكرية الصادرة عن الهيئات الرسمية للإصلاح، منحازة للديمقراطية كآلية للحكم، لكنه قال أنها ليست جلية بالقدر نفسه، فيما يتعلق بمنظومة الحريات العامة. وعلى صعيد الممارسة العملية أوضح أنه يحسب للتجمع اليمني للإصلاح أنه انخرط في التجربة الديمقراطية الوليدة باليمن، وتمكن من التفاعل مع مستجدات ومتغيرات الحياة السياسية بواقعية مكنته من لعب دور محوري ومؤثر في الدفاع عن الديمقراطية اليمنية، ومحاولة تصحيح مسار الانحراف الذي أصابها بفعل تفرد حزب واحد واستئثاره بالسلطة منذ عام 1997، مشيراً أنه ساعد الإصلاح على ذلك انتقاله بشكل سلس ومتدرج، من شريك في السلطة، وحليف لها، خلال الفترة( 1993 – 2001)، إلى أن غدا الحزب الأبرز في تكتل اللقاء المشترك المعارض، ما أكسبه مرونة سياسية في التعامل مع التطورات والمستجدات. وتابع "ويحسب للإصلاح، أنه الحزب الوحيد حتى الآن، الذي شارك في الحكم من خلال الآلية الديمقراطية، وخرج إلى المعارضة، احتراماً لهذه الآلية، ما يتعارض مع مقولة أن الإسلاميين، إنما يقبلون بالديمقراطية النيابية، ليصلوا من خلاها إلى السلطة، ثم ينقلبون عليها". وأشارت الرسالة إلى حرص قيادات الإصلاح على التواجد في مختلف الفعاليات والأنشطة السياسية والحقوقية، دفاعاً عن حقوق المواطن اليمني وكرامته، على الصعيد العملي، من خلال المشترك، وأردفت "ساعد على ذلك اتساع البنية التنظيمية للإصلاح الممتدة إلى مختلف أنحاء محافظات ومديريات الجمهورية، الأمر الذي مكن أعضاء الحزب من التفاعل الايجابي مع مطالب الناس وقضاياهم الحقوقية، ودفعهم للعمل المدني السلمي في سبيل انتزاع هذه الحقوق". ونوه صبري أن الإصلاح غدا اليوم على رأس الأحزاب التي تدعو إلى الديمقراطية، وتدافع عنها، وبمختلف وسائل النضال السلمي المدني، وأن ذلك انعكس على رؤية ومواقف الإصلاح تجاه الديمقراطية، على الحياة الداخلية للحزب، وعلى إدارة التنوع والاختلاف بآلية حوارية ديمقراطية، تحترم المؤسسة الحزبية والرأي الغالب فيها، الأمر الذي ساعد الحزب على تجاوز أفكار ورؤى بعض قياداته المحافظة وخاصة ما يتعلق بالحقوق السياسية للمرأة. وأضاف: إن الإصلاح مؤهل للمزيد من الواقعية، والاستفادة من تجارب الحركات السياسية الإسلامية، وخصوصاً تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وهي التجربة التي تؤكد أن بإمكان الإسلاميين الوصول إلى السلطة عبر الآلية الديمقراطية". وخلص إلى الباحث إلى أن مواقف حزب الإصلاح قد تطورت سياسيا وديمقراطيا بشكل تصاعدي خلال عقدين من الزمن، وتوصل إلى أن القائلين من المفكرين الإسلاميين المعاصرين بوجوب الشورى وإلزامية الأخذ بنتيجتها هم الأقرب إلى تأييد آليات الديمقراطية، دونما تفريط في الهوية الإسلامية. وجوهر الديمقراطية في نظر هذا الفريق أن يختار الناس من يحكمهم ويسوس أمرهم، وألا يفرض عليهم حاكم يكرهونه، أو نظام يكرهونه، وأن يكون لهم حق محاسبة الحاكم إذا أخطأ، وحق عزله إذا انحرف، مستطرداً "هذه الخلاصة، نجدها مستقرة في أدبيات حزب الإصلاح وبرامجه السياسية والانتخابية، منذ نشأته في سبتمبر 1990 وحتى الآن، فقد نص الحزب في برنامجه السياسي على "الديمقراطية الشوروية". متابعاً "بهذا المزج يؤكد الإصلاح تمسكه بالمفهوم الإسلامي للحكم، دونما حرج من إقحام الديمقراطية كآلية عصرية تجسد الشورى من الناحية العملية". وأشار صبري في دراسته التي امتد نطاقها الزني من عام 1990 وهو العام الذي تأس فيه الإصلاح، إلى العام 2010، قبيل اندلاع الثورة الشبابية، إلى العوائق التي صادفها الإصلاح وأحزاب المعارضة في سبيل تعزيز التجربة السياسية، مردفاً "ويحسب للإصلاح والمشترك انخراطهم الفاعل والمؤثر في التنافس على السلطة ديمقراطياً عبر الانتخابات النيابية والمحلية، ثم التنافس الجاد على رأس السلطة عبر الانتخابات الرئاسية في 2006" لافتاً إلى أن العبث بالانتخابات من قبل الحزب الحاكم الذي استغل أجهزة الدولة وإمكاناتها المالية والأمنية والإعلامية في سبيل إعادة إنتاج الأغلبية ذاتها، فرض على الإصلاح والمشترك، رفض مجاراة السلطة وحزبها، والضغط باتجاه تسوية الملعب سياسياً، وإصلاح المنظومة الانتخابية ما أدى في الأخير إلى توافق بين الأحزاب الممثلة في البرلمان على تأجيل الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في 2009، حتى تتمكن الأحزاب من التفاهم على صيغة جديدة للإصلاحات السياسية والانتخابية. ولفت الدراسة إلى أنه وبموجب التزام الحزب بالديمقراطية فإنه شارك الحزب في جميع الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية التي عرفتها البلاد خلال العقدين الماضيين، وأهمها الانتخابات الرئاسية في سبتمبر2006، كما انتظم خلال هذه الفترة، في عقد مؤتمراته العامة، حيث عقد أربعة مؤتمرات كان آخرها المؤتمر العام الرابع في فبراير 2007، و فيما كان يستعد لعقد مؤتمره العام الخامس في فبراير 2011، قامت الثورة الشبابية الشعبية فقرر تأجيل المؤتمر إلى وقت لاحق. ورغم أن الصبري تطرق إلى بعض الملاحظات والمآخذ في أداء الإصلاح تحت تأثير الثقافة السائدة، لكنه أوصى بضرورة الاعتراف بالشراكة السياسية الوطنية، وترجمة مبدأ التداول السلمي للسلطة إلى حقيقة معاشة، تجلب لليمن المزيد من الأمن والاستقرار والتنمية، وتحول دون تشظي الوحدة، أو انهيار الدولة. وضمت الدراسة التي تقدم بها الصبري لنيل درجة الماجستير ثلاثة فصول رئيسة بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة، تناول الفصل الأول الحركات السياسية الإسلامية وقضية الديمقراطية، ضمن ثلاثة مباحث، وعدة مطالب، فيما تناول الفصل الثاني: التحولات السياسية في اليمن ونشأة التجمع اليمني للإصلاح، وتناول الفصل الثالث الديمقراطية في الممارسة العملية للتجمع اليمني للإصلاح.