ناقش خبراء اليوم الأحد دلالات الهجوم على مجمع وزارة الدفاع في صنعاء من قبل مسلحين يوم الخميس قبل الفائت والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 56 شخصاً بينهم أطباء وممرضين ومرضى في المستشفى العسكري الواقع داخل المجمع. ونظّلم منتدى الدكتور غالب القرشي مساء الأحد ندوة استضاف فيها الخبير العسكري العميد محسن خصروف، والدكتور عبد القوي الشميري أمين عام نقابة الأطباء والصيادلة.
وقال العميد خصروف ان مفاد الرسالة التي حملها الاعتداء «خطير»، بالنظر إلى حساسيّة المكان والتوقيت، وأضاف: «الرسالة تقول للأطراف السياسية: ما تعملونه عبث، وما نريده سيكون، وسنصل إلى كل الأماكن الحساسة، إما أن نمضي بشروطنا أو ندمّر كل شيء».
واعتبر أن تفاصيل كثيرة في مسار الاعتداء تشير إلى «اختراق لمؤسسة الدفاع والأمن وخيانات من الداخل وتفاصيل أخرى يكتنفها الغموض» وتضع عدة تساؤلات. وتابع «هناك أجهزة وكاميرات كان يستخدمها الرئيس السابق تكشف المرْكبات والناقلات على بعد عدة كيلو مترات مع سائقيها ومحتواها، ولا ندري أين ذهبت».
وأشار خصروف إلى أن حساسيّة المكان تأتي من احتواء مجمع العرضي على عدة دوائر عسكرية هي عصب القوات المسلّحة، بالإضافة إلى مكتب القائد الأعلى، الذي هو رئيس الجمهورية.
وفي حين اعتبر خصروف أن مهمته ومهمة أي باحث أو خبير في هذا الشأن ليست الكشف عن الفاعلين وإنما القراءة وتحليل الأبعاد والدلالات، فقد أوضح أن أسس بناء القوات المسلّحة تقوم على عقيدة قتالية واضحة، واستراتيجية مدروسة، ووسائل تحقق الغايات، ومعايير علمية لتعبئة الهيكل، منها احترام الأقدمية ومراعاة الكفاءة والسلوك. «وإلى الآن لا تراعى هذه المعايير ولا غيرها في تعيين القيادات العسكرية».
وأكد على الموقف الشجاع الذي سجّله الرئيس هادي بتواجده في مكان الاعتداء وبقائه إلى أن تمت السيطرة على الموقف، وقال: «لا يمكننا التشكيك في وطنتيه، وقد صبر أكثر من اللازم، وإن كان يتّخذ قراراته ببطء إلا أنه لا يتراجع عنها».
وطالب خصروف الرئيس هادي بقراراتٍ «تُحوّل المعادلة» حدّ وصفه، وتعيد الاعتبار لهيبة الدولة التي استهدفتها منظومة التخريب والإرهاب، لتثبت ضعف الرئيس في إدارة الدولة. وأضاف: «لا أرى أيَّ مبرر لتأخير مثل هذه القرارات وضبط الأمن، ولا أجد كذلك هذا المبرر لرأسَي الدفاع والأمن، فإن لم يكونا قادرين فالبيت أشرف لهما».
من جهته، قال الدكتور عبدالقوي الشميري أمين عام نقابة الأطباء والصيادلة «صمتنا ليس عجزاً وإنما حلم» واعتبر ما حدث في مجمع الدفاع، «ارتفاعاً لكعب الثورة المضادة التي كنا نتوقعها».
وهاجم القيادات السياسية لأحزاب اللقاء المشترك، متهماً إياها بقصر الخيال السياسي والتقليد الأعمى لسياسة النظام السابق. وقال «التاريخ فرص، والمفكرون وحدهم من يعرفون متى يتخذون القرار، ومتى ينزلون من القطار».
وأشار الشميري إلى وجود صيغة سياسية خاطئة، «يجب إعادة النظر فيها، ولا يمكن أن تخرج البلاد من مشاكلها بهذه الصيغة»، مطالباً الرئيس بتعيين نائب له بشكل عاجل، «فإن قدّر الله أمْراً، مَن سيقود البلاد؟».
الدكتور نبيل غانم عضو السلطة المحلية بمحافظة عدن قال في مداخلته: «كل هذه الأعمال سلسلة مترابطة هدفها إيصال البلاد إلى حالة من الدمار والعجز» مؤكداً على الحاجة الملحّة لقرارات شجاعة، وعلى ضرورة كشف الحقيقة للرأي العام «ومن يدري فقد تكون هذه الحادثة الانذار الأخير».
وفي تعقيب للبرلماني الدكتور غالب القرشي رئيس المنتدى، علّق على التقرير التلفزيوني لحادثة الاعتداء بقوله «هذه الكاميرا لم تسجّل إلا جزءً من تفاصيل الوحشية التي مارسها أولئك المعتدون، ونحن بانتظار التقرير الذي سيكشف الفاعلين ومعهم الحقيقة كاملة».
واعتبر القرشي أن التخطيط للاعتداء والتنفيذ داخلي، وأنّ ربطه بجهات خارجية لا يساعد على التحري وكشف الحقائق.
وأضاف: «نعذر رئيس الجمهورية كثيراً، لأنه في أكثر تحركاته وقراراته مُكره لا بطل، والمبادرة الخليجية تقيّده، والقرارات التي اتخذها حتى الآن جريئة وجادة وخاصة قرارات الهيكلة، ولكن بعد هذا الحادث فقد حان الوقت لتخفّف الدولة من حِلْمها وتستبدله بالشدّة الممكنة، وستجد قبولاً وتعاوناً شعبياً كبيراً».
العديد من المداخلات والمشاركات، استنكرت الهجوم وما صاحبه من صور بشعة للقتل بدم بارد، وطالبت الرئيس والحكومة بخطوات حاسمة لتثبيت الامن والحدّ من حالة التخريب والفوضى، كما طالبت بالكشف عمّن يقف وراء هذه الهجمات التي لا تستهدف غير زعزعة السّلم الاجتماعي، وامن واستقرار البلاد.