اتهم ناشطون سوريون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المرتبط بتنظيم القاعدة، بارتكاب ما وصفها بالمجزرة مساء أمس الاثنين. وقال الناشطون إن عناصر تنظيم الدولة أعدموا خمسين شخصا -بينهم ناشطون في مجال الإعلام والإغاثة والإسعاف ونساء- كانوا معتقلين لدى التنظيم قرب دوار قاضي عسكر في مدينة حلب شمالي البلاد. وقالت رابطة الصحفيين السوريين المعارضة للنظام في بيان لها إن أحد أعضائها في حلب عرف أربعة أسماء من بين الجثث حتى اللحظة لإعلاميين خُطفوا من مكتب قناة "شذا الحرية" المعارضة في حي الكلاسة بحلب أواخر الشهر الماضي. وأشارت الرابطة إلى أن جميع القتلى تعرضوا لإعدام جماعي في مشفى العيون التخصصي الذي اتخذه تنظيم الدولة الإسلامية مقر له في حي قاضي عسكر.
وقد خلفت المواجهات المسلحة بين كتائب المعارضة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام شمالي البلاد خلال ثلاثة أيام نحو 120 قتيلا، في حين واصل النظام السوري قصفه للقرى والمدن السورية، مخلفا قتلى وجرحى وتدميرا للمباني خصوصا في حلب ودمشق وريفيهما.
من جهته، أكد القيادي في جيش المجاهدين توفيق شهاب الدين أن معارك عنيفة بدأت من حماة إلى دير الزور ضد تنظيم الدولة الإسلامية, وقال في لقاء مع الجزيرة إن مقاتلي المعارضة لن يسمحوا أبداً بعودة التنظيم.
وفي أحدث التطورات سيطرت جبهة النصرة على مواقع لتنظيم الدولة في محافظة الرقة السورية وأطلقت سراح معتقلين.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 29 مدنيا و20 من كتائب المعارضة و71 من تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا خلال ثلاثة أيام من الاشتباكات بين كتائب المعارضة وتنظيم الدولة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن كتائب إسلامية وكتائب مقاتلة تحاصر منذ الأحد المقر الرئيسي لتنظيم الدولة في مبنى محافظة الرقة، مركز المحافظة الوحيد الخارج عن سيطرة النظام السوري.
وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة حرروا خمسين معتقلا في سجن تنظيم الدولة بمبنى إدارة المركبات في المدينة بعد السيطرة عليه.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن السجناء هم مقاتلون معارضون وناشطون احتجزهم تنظيم الدولة.
ومنذ سيطرة مقاتلي المعارضة على الرقة في مارس/آذار الماضي، يتهم ناشطون تنظيم الدولة بفرض سطوته ومعاييره المتشددة على المدينة، وارتكاب عمليات خطف وقتل. وبحسب المرصد، يحتجز هذا التنظيم مئات الناشطين المعارضين للنظام ومقاتلين ومدنيين.
وكان تنظيم الدولة يثير حفيظة السكان ومقاتلي المعارضة في مناطق تواجده، إذ يتهمونه بفرض معايير صارمة، والقيام بأعمال "مسيئة للثورة السورية"، منها خطف الصحفيين الأجانب، والسعي لطرد خصومه.
من جهته أفاد مراسل الجزيرة في الرقة معن خضر بأن تنظيم الدولة اضطر للانسحاب من مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا والتي تتبع محافظة الرقة، وذلك جراء الضغط الواقع عليه من قبل المناوئين له من المعارضة السورية المسلحة.
وفي وقت لاحق أمس الاثنين فجر عناصر من تنظيم الدولة سيارة مفخخة في حاجز تابع للواء مقاتل في بلدة دركوش بمحافظة إدلب (شمالي غربي البلاد)، بحسب المرصد الذي تحدث عن "خسائر بشرية" غير محددة في صفوف المقاتلين.
استمرار القصف من جهة أخرى واصل النظام السوري أمس الاثنين قصفه العديد من المدن والقرى السورية، خصوصا في حلب ودمشق وريفيهما.
فقد قتل عشرة أشخاص على الأقل -بينهم ثلاثة أطفال- في قصف جوي على بلدة بزاعة بالريف الشرقي لمدينة حلب، كما قتل ثلاثة أشخاص في قصف مماثل استهدف بلدة يلدا جنوب العاصمة دمشق، بحسب المرصد السوري.
وفي ريف دمشق قالت الهيئة العامة للثورة إن بلدتي يلدا ووبيلا تعرضتا للقصف بالبراميل المتفجرة، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص.
هذا ولا يزال مصير مئات الأشخاص مجهولا بعدما اعتقلتهم قوات النظام ومليشيات عراقية تقاتل إلى جانبها جنوبي العاصمة دمشق.
وكان المركز الإعلامي السوري أفاد بأن قوات النظام اعتقلت الأحد مئات الرجال الذين كانوا بصحبة عائلاتهم أثناء محاولتهم النزوح من جنوبدمشق المحاصر عبر حاجز بلدتي يلدا وحجيرة.
وأوضح المركز أن تلك القوات صادرت الأوراق الثبوتية للعائلات واعتقلت الرجال، بينما عاد النساء والأطفال إلى المناطق المحاصرة.
وقد فشلت منظمات الإغاثة الدولية بدخول الأحياء المحاصرة بسبب منعها من قوات النظام أكثر من مرة.
حمص وفي محافظة حمص (وسط البلاد) تعرضت مدن وبلدات الرستن والدار الكبيرة وحي الوعر لقصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ من قبل قوات النظام.
وقالت لجان التنسيق المحلية إن القصف أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص وتدمير مبان. وأفادت اللجان بأن كتائب المعارضة فجرت سيارة ملغومة في حاجز لقوات النظام قرب بلدة الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي.
إنسانيا، تعيش بلدة قلعة الحصن في حمص أوضاعا مأساوية في ظل الحصار المفروض عليها من جانب الجيش النظامي.
وقد حذرت تنسيقية البلدة من حدوث وفيات جراء سوء التغذية والمرض إذا استمر الحصار المطبق عليها من كافة الجهات. وتقول التنسيقية إن البلدة تتعرض للقصف بشكل متكرر، وهو ما أسفر عن أزمة جديدة تتمثل في عجز الأهالي عن معالجة الجرحى.
يشار إلى أن أحياء حمص القديمة تتعرض لحصار مماثل منذ أكثر من سنة ونصف. ولم تتمكن المنظمات الإنسانية من دخول هذه المناطق بسبب منعها من قوات النظام.