ماذا أريد كمواطنة يمنية قد لا تعي معنى الفيدرالية او الاتحادية او تقسيم الكعكة.. ماذا أريد من مخرجات الحوار الوطني بغض النظر عما يريده بن عمر او بن صالح او بن هادي او حتى "بن تن" الخارق، ماذا أريد كمواطنة تنتمي لأغلب المكونات الكسيحة لهذا الحوار، فأنا من مكوّن المرأة الأقل حظاً في هذا الوطن والأكثر تخبطاً وعشوائية في المطالب المشروعة وغير المشروعة والأكثر حرماناً من أبسط الحقوق الإنسانية وهو حق التعليم او تقرير المصير. وأنا من مكون الشباب الذي سيداهمه الهرم والشيخوخة دون ان يحصل على ما يصبو اليه في وطن مشظى أصلاً وقابل للمزيد من التشظي برعاية أممية ودولية، في تمهيد عجيب لمزيد من الفرقة والأقلمة مع الانفصال الناعم، حقاً نحن ضد الوحدة او الموت ولكننا لسنا مع الانفصال المبطن والتدريجي.
وأنا أيضاً من شريحة الطبقة الكادحة التي تناضل من أجل حياة كريمة صارت أكثر استحالة كل يوم في ظل غياب تام للاهتمام بشؤون هذه الفئة ومتطلباتها الحياتية وما تعانيه من غربة داخل الوطن وخارجه، تظل عرضة للبيع والشراء في المزايدات السياسية وتخرج من كل "موْلد" بإحباط جديد.
كما أني أيضاً من شريحة المثقفين الحالمين الذين يحاولون رسم وجه جميل للوطن تفسده قرارات السياسة وتمحو جماله الأطماع والرغبات المدفونة في عقول الساسة والأحزاب، حتى أصبح الهم الأوحد لهذه الشريحة هو نفض غبار الاستحمار عن عقول هذه الشعوب.
هل أصبحت مخرجات الحوار مجرد أمانٍ نطلقها في الهواء ام ان انتظام العقد في التوقيع على هذه المخرجات سيضمن لهذه الأمنيات ان تتحقق فصار لنا الحق ان نسرد أمانينا حتى لأنفسنا.. أتمنى ان يحظى وطني بالأمان بعيداً عن النزاع المسلح والجماعات الإرهابية والطوائف المذهبية والعمليات "الفدائية". (ورغم ان هذه الأمنية الخيالية يشترك فيها جميع البشر الحقيقيين على ارض الوطن وهم كثر الا انها تبدو الأكثر بعداً منا في الوقت الحالي نظراً لموجة عداء تشمل الوطن العربي بأكمله).
اتمنى ان أجوب أرض الوطن من البحر الى اللحد (السعودية) لا يوقفني متقطّع مسلح او طريق متعثر، او أُحرم من شواطئه بتهمة "الدحبشة" او لثأرات قبلية من ايام حرب البسوس.
أتمنى كمواطن كادح ان يغادرني شبح المجاعة وغول الغلاء واختفاء السلع وانعدام الوقود وانقطاع الكهرباء.
كمرأة تمنيت ان تمثلني امرأة واعية فعلاً بما تعانيه الفتاة والمرأة اليمنية من مشكلات متجذرة تحتاج الى جهود كي تتغير وليس ببعض المطالب الإنشائية البعيدة عن الواقع المعاش. لذا لا أتمنى سن قانون يجرم الزواج المبكر بقدر ما أتمنى قلوباً رحيمة وآذاناً صاغية لحق التعليم والصحة والتكريم للمرأة المناضلة في الحقل والبيت والعمل.. أتمنى ان يسود الوعي بحق المرأة المشروع في كل جوانب الحياة.
أياً كانت مخرجات هذا الحوار او ضمانات تنفيذها فهي قد لا تعني المواطن العادي والبسيط. او رجل الشارع كما يطلق عليه الا اذا لامست همومه اليومية ومعاناته الدائمة وأحلامه وتطلعاته الشخصية الوطنية، والا فالحوار خاص بالكبار ومخرجاته تعنيهم هم واليمن وأهله بريئون منها.