منذ اندلاع ثورة الحادي عشر من فبراير الخالدة وعجلة التغيير في بلادنا مستمرة في دورانها رغم كل الصعوبات حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة تقسيم الأقاليم التي تعتبر نقطة البداية الجوهرية في بناء اليمن الجديد. فالنظام الإقليمي سيضمن توزيعاً عادلاً للثروة والسلطة على حد سواء، ويتيح الفرصة خصوصاً للمناطق التي عانت النسيان والتهميش في عهد النظام البائد لتحسين أوضاعها المعيشية والخدمية والصحية، لكن وللأسف الشديد يبدو أن لجنة تقسيم الأقاليم مصرة على ألا تنال مديريتا وصابين أدنى فائدة من ثورة 2011 كما كان الحال مع ثورة 1962 وأن تظل وصاب تلك المنطقة النائية الصائمة عن مشاريع الدولة وخدماتها. عانت وصاب من عملية تهميش منهجية من قبل النظام البائد على مدى الثلاثة العقود العجاف، فلم تقدم لها الدولة آنذاك أدنى خدمة حكومية سواءً صحية أو تعليمية أو مواصلات أو ماء أو كهرباء، وكل هذا الإقصاء الذي تكبده أبناء المنطقة كان بسبب إلحاقهم إدارياً بمحافظة ذمار التي يحتاج المواطن الوصابي أن يقطع عشرات الكيلومترات على ظهر حماره حتى يصل إلى طريق السيارات ومن ثم مئات الكيلومترات من جديد حتى يصل إلى مركز المحافظة من أجل إجراء معاملة صغيرة في الدوائر الحكومية هناك.
واليوم ومن جديد يبدو أن لجنة تحديد الأقاليم مصرة على إلحاق مديريتي وصاب بإقليم آزال، وإني أتعجب من المعايير التي تتخذها اللجنة في تحديد الأقاليم، فكيف يريدون إلحاق وصاب التي تعرف بأناسها السلميين ثقافة والسنة مذهباً والتهاميين أصلاً بإقليم يختلف أبناؤه عنهم تمام الاختلاف ثقافة ومذهباً ولهجة وأصلاً.
وبدلاً من الاستمرار في عملية التهميش التي تطال المنطقة كان من الأولى بالجهات المعنية الالتفات لحال هذه المنطقة الجبلية والاهتمام بها وتقديم الخدمات لمزارعيها الذين تجود بلادهم بشتى أنواع المنتجات الزراعية من حبوب وفواكه وغيرها.
إن الدولة تعني الخدمات والرعاية والاهتمام بالمواطنين وتأهيلهم لذلك كان يجب عليها الاعتذار ل600 ألف مواطن من أبناء وصاب عن غيابها التام عنهم طيلة السنين الماضية وتثبت لهم وجودها بتلبية مطالبهم العادلة والعمل على تقديم الخدمات الأساسية لهم من صحة وتعليم ومواصلات، لا أن تزيد الطين بلة بتجاهل قضيتهم وإلحاقهم بإقليم هم للانضمام له كارهون.
أعتقد أنه في حال إصرار لجنة تحديد الأقاليم على موقفها غير العادل بإلحاق مديريتي وصاب إلى إقليم آزال فإنها تؤسس لشرخ واسع في جدار المواطنة الاجتماعية وهدم ما جددته ثورة الشباب من ثقة للدولة في نفوس أكثر من 600 ألف نسمة من أبناء هذه المنطقة، والتسبب في مشاكل مستقبلية قد تكبد الدولة خسائر تورث الندم فالمظلوم يصبر ولكنه في أي وقت يكمن أن يثور.
أبناء وصاب ينادون بأعلى أصواتهم برفض إلحاقهم بإقليم آزال واستنكارهم على الجهات المعنية عدم النزول عند رغبتهم في الانضمام لإقليم تهامة الذي يعتبر الأمثل لهم من شتى النواحي الجغرافية والاجتماعية والخدمية، فيا لجنة تحديد الأقاليم حذارِ أن تكونوا حجر عثرة أمام آمال هذه الآلاف في العيش الكريم والعدالة والمساواة.