اختطف مسلحون قبليون ظهر اليوم الثلاثاء قاضياً في محافظة حجة شمال غرب اليمن بعد أن أصدر حكمه في قضية معتقلين على ذمة مصادمات حدثت خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011 وقتل على إثرها طفل وضابط شرطة، فيما ذكرت مصادر ان قوات الأمن انسحبت فجأة لتفسح المجال للمسلحين الذين اقتحموا المحكمة الجزائية المتخصصة. وقالت مصادر ل«المصدر أونلاين» إن القاضي محمد عبدالعليم السروري أصدر حكمه في القضية المتهم فيها 23 من أبناء محافظة حجة بالبراءة لعشرة منهم، وإدانة 13 آخرين والحكم عليهم بدفع الدية والسجن لفترات تمتد من خمس إلى عشر سنوات.
وأصدر القاضي الحكم في القضية على 19 معتقلاً حضورياً إضافة إلى 4 مفرج عنهم.
ولم يحضر المتهمون جلسة النطق بالحكم خشية تعرضهم لهجوم من المسلحين.
وتعود القضية إلى عام 22 ابريل 2011 عندما أطلقت قوات الأمن النار على متظاهرين ما أدى إلى مقتل الطفل عبدالحميد الحزيف الذي كان على متن سيارة خلال المسيرة. وفي مساء اليوم ذاته تدخلت وساطة قبلية لتهدئة الوضع تحرك مدير الأمن في تلك المنطقة الضابط حمود الأدبعي لاستلام الجندي الذي أطلق النار قبل يطلق مسلحون النار على الموكب في عقبة «الأمان» في كمين أدى لمقتل الأدبعي ومدير مكتب التربية والتعليم في مديرية عبس «علي ناصر محمد حمزة» الذي كان على متن السيارة ذاتها.
قوات الأمن التي كانت تحمي المحكمة انسحبت بعد إصدار الحكم ما أفسح المجال للمسلحين لاقتحامها وذكر مصدر محلي ل«المصدر أونلاين» ان قوات الأمن التي كانت تحمي المحكمة اليوم الثلاثاء انسحبت فجأة قبل أن يقتحم المسلحون الذين ينتمون إلى أسرة الضابط الأدبعي ويختطفون القاضي بالقوة.
وقال شاهد حضر جلسة المحاكمة إنه بينما كان القاضي السروري يتحضر للنظر في قضية أخرى، دخل إليه المسلحون وقال له أحدهم: «نريدك أن تكون ضيفاً لدينا»، وعندما حاول حراسة القاضي وهم ثلاثة جنود التدخل أمرهم السروري بالهدوء وسلم نفسه للمسلحين الذين اقتادوه إلى جهة مجهولة.
وأضاف الشاهد ان القاضي كان قد أجل النطق في القضية الأسبوع الماضي بعد أن طلب حماية أمنية للمحكمة، وهو ما وفرته إدارة الأمن، لكن تلك القوات انسحبت بعد النطق بالحكم رغم احتشاد مسلحين من ذوي القتلى.
وقالت مصادر محلية ل«المصدر أونلاين» إن المسلحين فرضوا طوقاً على السجن المركزي في حجة، وان الحصار مايزال مستمراً حتى كتابة هذا الخبر (6 مساء الثلاثاء).
ويقول نشطاء إن القضية سياسية، وانه لا توجد دلائل حقيقية تشير إلى وقوف المتهمين من شباب الانتفاضة وراء عملية اغتيال مدير الأمن، مشيرين إلى ان النيابة العامة لم تفتح قضية مقتل الطفل «الحزيف» منذ الحادثة ولم تحاسب المتهمين بالقتل.
المسلحون وصلوا إلى القاضي وقالوا له: «نريدك أن تكون ضيفاً لدينا» فسلم نفسه على الفور من جهته، أدان «مجلس المنسقية العليا للثورة اليمنية (شباب) في محافظة حجة» الحكم الصادر بحق المعتقلين والذي وصفه ب«الجائر»، مطالباً الرئيس هادي ومجلس القضاء الأعلى «بإلغاء مضمون هذا الحكم الذي صدر ضد معتقلي شباب الثورة واعتبار تلك الاجراءات غير قانونية وتفتقر لأبسط معايير العدالة».
كما طالب في بيان –حصل «المصدر أونلاين» على نسخة منه- «بفتح تحقيق عادل في قضية الطفل عبدالحميد الحزيف ومن تبعه من القتلى في ظروف غامضة والجرحى والمعتقلين والرهائن المعذبين وكافة المتضررين في ومن الحادثة كونها قضية واحدة لا تتجزأ»، مستنكراً في الوقت ذاته اختطاف مجاميع مسلحة للقاضي عقب إصداره الحكم.
وقال البيان إن المعتقلين واجهوا «حملة ظالمة وأصنافا عديدة من الانتهاكات التي طالت حقوقهم وألغت حريتهم وتعدى ذلك إلى أهليهم وذويهم في مختلف المراحل المتعلقة بالاعتقال والمحاكمة».
من جهته، عبر المجلس العام لمعتقلي الثورة عن إدانته للحكم الصادر بحق المعتقلين في حجة، معتبراً أن القضية «سياسية بحتة».
منسقية الثورة في حجة وصفت الحكم ب«الجائر» وقال إن «الاجراءات غير قانونية وتفتقر لأبسط معايير العدالة» وقال رئيس المجلس عبدالكريم ثعيل ل«المصدر أونلاين»: «نطالب بالإفراج عن شباب الثورة في حجة جميعهم، وإحالة «قضيتهم إلى لجنة التحقيق المستقلة لكي ينالوا التعويض العادل، ولكي يتم الكشف عن المتهمين بالجريمة المرتبطين بالنظام السابق».
وأضاف أنه يجب فتح تحقيق في حادثة مقتل الطفل الحزيف ومحاسبة المتسببين في قتله، مبدياً خشيته من تصفية المعتقلين جسدياً بعد تكرار عملية محاصرة المسلحين للسجن المركزي.
واستنكر عبدالكريم ثعيل اختطاف القاضي، وقال إن «الطرف الآخر يمارس الإرهاب بعد أن كان يتغنى بعدالة هذا القاضي، وقال انه يقبل بما سيصدره من حكم».
وحمل الرئيس عبدربه منصور هادي المسؤولية «لأنه من أمر باستمرار المحاكمة رغم انها قضية سياسية».