منذ نهاية العام الماضي، والتجار في محافظة لحج وخصوصاً أولئك الذين ينتمون إلى المحافظات الشمالية يدفعون ثمناً باهظاً، ويتكبدون الملايين كخسائر جراء ما تتعرض له محلاتهم التجارية من أعمال إحراق ونهب من قبل عناصر مسلحة، بينما يضطر البعض الآخر إلى إغلاقها خوفاً من التعرض لمثل هذه الاعتداءات. ومع خفوت التواجد الأمني، تفاقمت المشكلة بشكل أكبر من أي وقت مضى، فمنذ مطلع هذا الشهر فقط وحتى اليوم تعرض أكثر 15 محلاً تجارياً يمتلكها شماليين للاعتداءات المختلفة وتكبد أصحابها ملايين الريالات جراء تلك الاعتداءات المتصاعدة يوماً عن آخر، فضلاً عما يتعرض له أصحاب البسطات والباعة المتجولون من اعتداءات مماثلة. وأدى هذا الأمر إلى نزوح العشرات من هؤلاء التجار إلى مناطقهم الشمالية تاركين ورائهم محلاتهم الموصدة أبوابها.
أما السلطات المحلية والأمنية فما برحت أن تتوعد (إعلامياً) أولئك الذين تصفهم بالخارجين عن القانون، مع كل حادثة اعتداء يتعرض لها تجار لحج ويدفع ثمنها أولئك الأبرياء وحدهم. وغالباً ما ينتهي دور هذه الأجهزة الأمنية عند هذا الحد، وإن زاد قليلاً تعلن القبض على 7 متورطين أو أكثر بالضلوع في ارتكاب هذه الحوادث وتكتفي.
وطيلة هذه المدة التي يكابدون فيها المرارة، لجأ التجار إلى كل الوسائل والطرق تقريباً واستنجدوا بالسلطات المحلية في بادئ الأمر، ثم ناشدوا وزير الداخلية، لكن دون جدوى.
الآن وبعد نفاد ما في جعبتهم من وسائل متاحة لمحاولة إيقاف العنف المتزايد ضدهم، لجأ التجار إلى "سلاح" القبيلة علها تكون القادرة على منع ما يتعرضون له.
ومطلع هذا الأسبوع التقى العشرات من تجار لحج الذين ينتمون إلى المحافظات الشمالية بالشيخ حمود سعيد المخلافي أحد أبرز مشائخ تعز في منزله وذلك لعرض قضيتهم عليه عسى أن يتخذ حلاً لهذه المعضلة.
ونقل مراسل "المصدر أونلاين" الزميل رياض الأديب عن مصادر محلية قولها إن لجؤ التجار إلى الشيخ المخلافي جاء محاولة لحل قضيتهم، بعدما فشلت السلطات المحلية في حماية محلاتهم أو تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم.
علي قائد يوسف أحد المتضررين من أبناء شرعب أوضح ل"المصدر أونلاين" أن محله الذي تقدر بضاعته بأكثر من 80 مليون ريال تعرض للإحراق والإتلاف من قبل "عناصر خارجة عن النظام والقانون". وأضاف "جئنا اليوم نستنجد بالشيخ حمود سعيد وببقية مشائخ تعز لإنصافنا كون السلطة المحلية في محافظة لحج أغلقت أبوابها في وجوهنا ولم تستمع لشكوانا".
أما عبدالله هاشم - صاحب كشك- فقال :"نحن بصراحة نتهم السلطة المحلية بمحافظة لحج بالتقصير حيث أدى عدم تطبيقها للنظام والقانون إلى إنعدام الاستقرار في المحافظة وظهور هذه الأعمال التخريبية".
وأكد هاشم أن تعامل السلطة المحلية بالمحافظة مع قضيتهم لم تكن بالمستوى المطلوب حيث تجاهلت شكاوي المتضررين ولم تعرها أي اهتمام "بل بالغت في الإساءة إلينا كلما قصدناها للإنصاف والعدالة" حسبما قال.
وحاول المصدر أونلاين التواصل مع الشيخ المخلافي لاستفساره عن الخطوات التي يمكنه أن يتخذها إزاء ذلك، لكنه لم يرد على هاتفه النقال.
من جهتها قال مصدر حضر لقاء التجار بالشيخ المخلافي إن الأخير عبر عن إدانته لمثل هذه الأساليب وما وصفها ب"الأعمال التخريبية التي تسيء إلى سمعة الوطن الواحد". معتبراً "التساهل في حسم هذه القضايا والتغاضي عن محاسبة المعتدين وإعادة الحقوق إلي أهلها سيكون له الأثر السيئ وسيعمل على تغذية الصراعات بين أبناء الوطن الواحد والتي لن يستفيد منها سوى تجار الفتن ومشعلو الحرائق. حسبما أفاد المصدر.
ولفت المخلافي إلى ضرورة أن تقوم السلطة المحلية بواجبها في حماية المواطنين. وحملها في الوقت ذاته مسئولية تداعي مثل هذه الظواهر التي تضر بمصالح الوطن وتهدد أمنه واستقراره. كما تعهد بإيجاد حل لمشكلتهم.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت محافظة لحج الكثير من أعمال النهب والاعتداءات التي طالت أبرياء لا علاقة لهم بالسلطة – كما يتذرع المعتدون- لكنهم يحملون ذنب انتمائهم إلى الشمال بنظر تلك العناصر التي اعتدت عليهم.
وإلى جانب جريمة العسكرية التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص في يوليو 2009 ، فإن جريمة قطع أذن أحد المواطنين الذي ينتمي إلى محافظة تعز بتهمة التجسس من قبل مجهولين في 27 ديسمبر 2009 كانت أبرز تلك الاعتداءات التي دفع ثمنها هؤلاء الأبرياء.
وتوالت الاعتداءات، ففي 10 ديسمبر 2009 قام مسلحون بإحراق عدد من المتاجر والبسطات في الحوطة، وكانت الخسائر بالملايين، وتعود ملكيتها ل "سعيد أحمد الشرعبي، قاسم دبوان الشرعبي، ومجيب عبد الله عبده". بينما أغلق محتجون المتاجر بالقوة في مدينة الحوطة مع بداية هذا العام، كما نهبت عدد من المحلات التجارية الأخرى.
وفي منتصف يناير الماضي أحرق مسلحون أكبر محل تجاري في الحوطة لمالكه أمين العامري من أبناء محافظة تعز، وقدرت خسائره ب21 مليون ريال. وتلا ذلك إحراق سيارة "محمد راجح" أحد أبناء العدين إب، في وقت نظم تجار الحوطة اعتصاماً احتجاجياً على مسلسل الاستهداف، وطالبوا السلطات بحمايتهم وتعويض المتضررين، لكن السلطات كالعادة لم تقم بدورها كما ينبغي.
في حين تواصل ارتفاع منسوب الاعتداءات، ليطال هذه المرة إحراق محلات تجارية في لحج منها محلات الأصبحي ومحل أمين العامري في تاريخ 21 يناير الفائت، وكذلك إحراق جزء من متجر يعود لشخص يدعى "عبدالرحمن أحمد سيف" ، وإحراق سيارة ومتجر تابعان لشخص آخر هو أحمد محمد الأصبحي والاعتداء على أحد عاملي متجره.
أما يوم ال24 من الشهر نفسه، فقد غادر الحوطة عدد من التجار بعد فشل السلطات في حمايتهم، حيث نقلوا كامل بضاعتهم خوفاً من إحراقها، بينما كان البعض منهم قد تعرض للضرب المبرح والمهين.