تباكى الحوثيون كثيراً؛ استأجروا أصواتاً للنياح على قتلاهم، قاموا بالمهمة، وأوهموا كثيرين أنهم مظلومون، وقلّدوا أدوارَ الضحايا. وقف كثيرون إلى جانب حق الحوثيين في العيش الكريم، ومساعدتهم في الخروج من حالة العزلة التي يعيشونها إلى مربّع العمل السياسي، فاستجاب الناس لهذا، وأشركوهم في الحوار الوطني وفي حكومة الوفاق بوزراء محسوبين على الحوثي، لعلّ وعسى أن تتعظ الجماعة من ماضيها الدموي، وتدع السلاح جانباً.
عادت المليشيا إلى عادتها، فهجّرت أهل دماج تحت مبرر التكفيريين والأجانب المسلّحين؛ وواصلت المسيرة حتى وصلت حاشد، فجّرت بيوت المواطنين، وتمكّنت، بقوة الحديد والنار، من تأدية الصرخة فوق ركام بيت حسين الأحمر. والحرب على "الحمران" كان مبرر الحوثي الرئيس في مهاجمة حاشد، ساندته آنذاك بعض وسائل الإعلام، للأسف الشديد، حتى ممن يقولون عن أنفسهم "مستقلون"، نكايةً ب"آل الأحمر" حتى ليخيّل للقارئ غير اليمني أن "آل الأحمر" هؤلاء قدموا من كازاخستان لقتال الحوثي في حاشد! حققت المسيرة فتحاً يتلوه فتح، والمصطلح الأخير كان لصحيفة يومية تصف دخول الحوثي إلى قرى همدان ب"آخر فتوحات الحوثي"؛ يممت المليشيا صوب عمران، وخاضت هجوماً شرساً قُتل خلاله مجندون ومواطنون كُثُر، هذه المرة مبرره "تغيير محافظ عمران الإصلاحي، وقائد اللواء القشيبي" الموالي للواء علي محسن! الحرب -حسب إعلام مليشيا الحوثيين- هي ضد الإصلاح، وأولاد الأحمر، وبعض القيادات العسكرية، والقوى التقليدية، لكنها في حقيقة الأمر كانت ضد اليمنيين جميعاً بلا استثناء.
باتت المليشيا على مشارف العاصمة، بعد أن هدمت كل ما في طريقها، دون تفريق بين مسجد أو مدرسة أو منازل المواطنين.
قالت المليشيا إن مسيرتها "قرآنية" فقال الناس: لا يمكن لمسيرة قرآنية أن تهدم دور تحفيظ القرآن الكريم، إلا إذا كان للحوثيين قرآن غير قرآن المسلمين! ندد كُتاب وصحفيون بممارسات الحوثي بعد أن غض الطرف بعضهم عن ممارساته في حاشد ودماج نكايةً بأطراف بعينها، فكتبت صحيفة حوثية أن هؤلاء عبارة عن "لقطاء" الليبرالية، وأن دافعهم إلى الكتابة هو "الغيرة من خطاب السيّد" وما اسمتها "الشعبية الجارفة للحوثي"! مجرد استشعار خطر مليشيا الحوثيين على مستقبل اليمنيين سيكون هو آخر مسمار يُدق في نعش المليشيا، يعقبه اصطفاف شعبي ووطني لوقف انتشار سرطان الطائفية الخطير.