تفتك الكلاب المسعورة بالسكان في مديرية المحابشة بمحافظة حجة دون أن يجد المواطنون جهة رسمية تتحمّل مسؤوليتها تجاه هذه الكارثة. عشرات الإصابات تم تسجيلها دون أن يتم علاجها، بينما تم تسجيل حالة وفاة واحدة على الأقل حتى كتابة هذا التقرير.
حيث لقي الطفل إبراهيم محمد ناصر هبة(10سنوات) حتفه بعد أن هاجمه كلب مسعور وعضّه في رأسه ما تسبب بإصابته بضرر بالغ أوصله لفقدان الوعي والإصابة بحالة هذيان مستمرة.
استمرت حالة إبراهيم في التدهور بينما كانت أسرته تنتقل به من مستشفى لآخر لينتهي به المطاف في العاصمة صنعاء بعد أن رفضت كافة مستشفيات محافظة حجة استقباله بسبب أن حالته ميئوس منها.
كان والدا وأقارب إبراهيم ينظرون إلى وجهه وهو يقترب من الموت يوماً بعد آخر ويشعرون بقلة الحيلة تجاه الفتى المتفوق دراسياً والمحبوب من أهله وجيرانه، حتى وافته المنية في العاصمة صنعاء وسط ذهول وحُزن ذويه وأصدقائه.
في المنطقة الهادئة لم يكن يخطر ببال أحد من الأهالي أن الكلاب المسالمة ستتحول إلى حيوانات مفترسة تصنع لهم كل يوم فجيعة.. مطلع الأسبوع الماضي كان الطفل محمد نبيل هبة، في الثالثة من عُمره، يلعب في حوش منزله، وبينما كانت والدته تؤدي أعمالها المنزلية إذا بها تسمع صراخ طفلها، هبت مسرعة لتجد بأن الكلب قد التهم نصف وجه طفلها، حاولت الأم مع حماتها إنقاذ الطفل لكن إصابته كانت بليغة.
تم نقل الطفل محمد بسرعة الى المستشفى الرئيسي في محافظة حجة بعد أن عجز مستشفى المحابشة عن علاجه ولا يزال يرقد في المستشفى حتى اللحظة، مع مخاوف أسرته من تدهور حالته التي لا يرون أنها قد تحسنت كثيراً.
عبدالجليل ردمان فتى في الخامسة عشرة من عُمره يقول بينما كان ماراً باتجاه منزله تفاجأ بكلب مسعور ينقض عليه محاولاً عضه في وجهه ثم دخل في عراك مع الكلب واستطاع الفكاك منه.
هرب الكلب لكنه ذهب باتجاه شخص آخر ليواصل ذات المهمّة، حيث انقض على شخص مختل عقلياً يسكن عمارة تحت الإنشاء أنقذه بعض المارة، لكن بعد أن أصيب، ولا يزال يتلقى العلاج على نفقة فاعلي الخير.
يروي الأهالي أن كلباً هاجم عائلة أحمد علي الملحاني داخل المنزل وتمكن من عض الأم التي كانت تدافع عن أبنائها وأصيب ربّ الأسرة بعضة في اليد قبل أن يتمكن من طعن الكلب بجنبيته ليرديه قتيلاً. ولا يزال الملحاني وزوجته يتلقيان العلاج بعد إصابتهما.
كما تعرض لعضة كلب مسعور كلٌ من: يحيى محمد الأشول - تاجر – إصابة في القدم اليسرى. بشير علي مربيش - 14 سنة. إبراهيم يحيى الغيلي - مزارع - 35 سنة مصاب بعضة في القدم. محمد عبدالله عبدالرحمن الغيلي – 14 سنة.
يرى عدنان الغيلي أحد النشطاء الإعلاميين في المديرية أن موضوع الكلاب المسعورة ووجودها بكثافة وكثرة بمديرية المحابشة أصبح يشكل الهم الكبير لأبناء المديرية، خصوصاً مع تقاعس الجهات المختصة التي يفترض منها أن تسارع لإيجاد الحلول لهذه المشكلة.
ويقول الغيلي في حديثه ل"المصدر أونلاين": "كل يوم ضحايا جُدد، وتزايد كبير في عدد الحالات التي تتعرّض للعضّ وتصديرها إلى مناطق خارج المديرية، وإدارة مكتب الصحة في المحافظة ترمي باللوم على مكتب الصحة بالمديرية الذي استجاب مؤخراً وقام بترشيح مختص مع ممرضة أخرى، ونتمنى أن ترى هذه التوجيهات النور وفي أسرع وقت ممكن حتى نتدارك الخطر".
وشدد الغيلي على ضرورة التحرّك السريع، كما طالب الجهات المعنية باتخاذ تدابير للتخلص من هذه الكلاب التي باتت تشكل خطراً على المجتمع - على حد قوله. تتزايد الإصابات بينما ينعدم المصل المضاد لداء الكلب، ويناشد المواطنون مكتب الصحة بالمحافظة والمجلس المحلي بالمديرية التحرك السريع حتى لا تتفاقم حالة الضحايا ويجد الناس أنفسهم كل يوم أمام إصابات جديدة.
من جانبه، يرى مدير مكتب الصحة في المحافظة الدكتور أيمن مذكور أن الحل يكمن في المكافحة والقضاء على الكلاب المسعورة والضالة، وأضاف مذكور في حديثه ل"المصدر أونلاين": "وهذا من مهام المجلس المحلي في المديرية ومكتب الاشغال والتحسين".
كما أكد أن على مكتب الزراعة أن يوفّر السم "وليس الحل في فتح مراكز معالجة؛ لأن العلاج غالٍ جداً، وكلفة علاج مريض واحد أكثر من القضاء على 100 كلب، ومع ذلك لدينا ثلاثة مراكز لمعالجة داء الكلب في المحافظة واحد في المستشفى الجمهوري وآخر في السعودي وثالث في مستشفى عبس".
وقال مذكور إن مكتب الصحة في المحافظة وافق على فتح مركز رابع في المحابشة قبل سنة و"طلبنا من مكتب الصحة في المحابشة أن يرشح طبيباً وممرضاً لتدريبهم على آلية التشخيص والمعالجة، وبعدها سيتم تزويدهم بالأمصال المستخدمة في المعالجة".
كما التقى "المصدر أونلاين" أمين عام المجلس المحلي في مديرية المحابشة، ناصر هبة، حيث أكد أنه وجّه مكتبي الإسكان والصحة بسرعة التواصل مع الجهات المعنية لإنهاء مشكلة الكلاب المسعورة، كما أكد أنهم يعتزمون إقامة حملة توعوية تتزامن مع حملة شعبية للتخلص من هذا الداء ومن كافة الكلاب المسعورة وذلك من خلال تسميمها.
ونفى الأمين العام ما يُشاع أن بعضاً من مواطني المديرية ربّما يتحفظ على قتل الكلاب؛ كون البعض منها تقوم بحراسة مزارع القات، مؤكداً أنه لا يتم تربية الكلاب أو الاهتمام بها مطلقاً، وجميعها كلاب شاردة وضالة وغير مستقرة في مزرعة أو مكان بعينه.