عقب انتهاء ثلاث جلسات متتالية من استجواب البرلمان للحكومة، وافق النواب في جلسة أمس الأربعاء على منح الحكومة فرصة لوضع حلول للمشاكل العاجلة وتقديمها في جلسة الاثنين القادم، وفي حال عجزت عن ذلك تُسحب الثقة منها نهاية الأسبوع. رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة كان قد ألغى الاجتماع الأسبوعي الذي يعقد كل أربعاء لحكومته لعدم استكمال مجلس النواب استجوابها. وتقدم باسندوة حضور جلسة المجلس مع عدد من أعضاء حكومته.
استجواب البرلمان الحكومة يتمخض عنه تخييرها بين وضع حل لأزمة المشتقات والانفلات الأمني أو سحب الثقة منها وملأ الضجيج والضوضاء قاعة مجلس النواب حين نهض باسندوة من مقعده في الصف الأمامي محاولاً الانسحاب من الجلسة بعد مهاجمة النائب محمد البرعي حكومته وخاطبه بالقول «استحلفك بالله أن تقدّم استقالتك لكي تخرج وأنت مرفوع الرأس لا أن يكون رأسك بين قدميك».
ونجح نواب وأعضاء في الحكومة في إقناع رئيس الحكومة بعدم المغادرة، كما أجبر رئيس المجلس يحيى الراعي النائب البرعي بالاعتذار لباسندوة، وقبِل الأخير اعتذاره معبّراً عن ذلك بمصافحته وعناقه البرعي.
والنائب البرعي عضو في كتلة المؤتمر الشعبي العام درج على مهاجمة خصوم حزبه أكثر مرة، أبرزها مهاجمته في إحدى جلسات المجلس المبعوث الأممي جمال بنعمر ووصمه ب«الصهيوني والأمريكي وخريج سجون».
نواب لم يكونوا تحدثوا في جلستي الاستجواب ليومي الاثنين والثلاثاء الماضيين كرروا رفضهم أجوبة أعضاء الحكومة على أسئلة الاستجواب ووجهوا انتقادات لاذعة للوزراء ولرئيس الوزراء.
لجنة مشتركة من البرلمان والحكومة تتولّى اقتراح حلول للمشاكل العاجلة وتقديمها للبرلمان الاثنين القادم وافتتحت جلسة الأربعاء بقراءة نائب رئيس المجلس محمد الشدادي برقية تهنئة وجهها المجلس للرئيس عبدربه منصور هادي بمناسبة الذكرى ال24 للعيد الوطني 21 مايو، الذي يصادف اليوم الخميس.
ونصت برقية المجلس على مباركته الانتصارات التي وصفتها ب«العظيمة» ضد عناصر تنظيم القاعدة، ودعت كل الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى التكاتف ورص الصفوف والمساهمة الفاعلة للحد من الاختلالات الأمنية.
وعودة إلى ردود النواب على الحكومة، فإن أبرز المتحدثين في جلسة الأربعاء محسن البحر والدكتور منصور الزنداني وسلطان البركاني وزيد الشامي.
وتحدث محسن البحر، وهو رئيس لجنة الخدمات في المجلس، عن إخفاقات الحكومة في عدد من المجالات الخدمية والاقتصادية، مقدماً أرقاماً وإحصائيات من مصادر مختلفة.
وشكك النائب الزنداني في الطريقة القانونية لرد الحكومة على الاستجواب، وقال إنه كان من المفترض أن يتقدّم رئيس الوزراء أو من ينوب عنه بإجابة واحدة على كل الأسئلة التي حواها الاستجواب.
وخلال مداخلته، لم يقتصر الزنداني على انتقاد الحكومة الحالية فقط، وقال إن كل الحكومات السابقة والحالية أخفقت في تحقيق المهمتين الأساسيتين لكل حكومات العالم، والمتمثلتين في تحقيق الأمن والاستقرار وتحقيق الرفاهية الاقتصادية.
رئيس كتلة الإصلاح: حكومة الوفاق لم تكن على مستوى المأمول منها ونحن بحاجة إلى مسؤولين استثنائيين كالوضع الاستثنائي الذي نعيشه وفي الجانب الأمني، قال إن أكثر من 150 ضابطاً قُتلوا في الشوارع دون أن يقدّم مجرم واحد للمحاكمة، كما أن أكثر من 25% من الجمهورية اليمنية لا تسيطر عليها الدولة.
وقال الزنداني مخاطباً وزير الدّفاع: تحقيق الأمن مطلوب في صعدة وعمران وحجة والمحويت وكل المحافظات وليس في أبين وشبوة فقط.
وتساءل عن حديث وزير الدّفاع الخاص بوجود نشاط معادٍ من قبل قوى فقدت مصالحها من التغيير، مطالباً إياه بتوضيح وكشف هذه الحقيقة للشعب.
وفي جانب تحقيق الرفاهية الاقتصادية، قال إن المواطنين هم من يعولوا على أنفسهم وإن 15 مليون مواطن لا يتناولون إلا وجبة واحدة في اليوم، أضف إلى تلك المعاناة محاصرة الحكومة لهم من المشتقات النفطية وحرمانهم من المنح التعليمية التي تباع لأصحاب الوساطات ولرؤوس الأموال.
النائب محمد الشايف طالب بتوقيف الحرب على «القاعدة»، لكي لا تندم السلطات القادمة عليها مثل ندمها عن حروبها على صعدة، على حد قوله.
سلطان البركاني: المؤتمر وحلفاؤه والمشترك وشركاؤه أخطأوا التقدير حين اختاروا الوزراء الحاليين واعتبر كلٌ من رئيسي كتلة التجمع اليمني للإصلاح زيد الشامي ورئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني استجواب البرلمان الحكومة موقفاً إيجابياً لم يتحقق لمجلس النواب منذ تأسيسه.
وقال الشامي: «إنه لولا الاتفاق والتوافق لما تم ذلك».
وعبر النائب الشامي عن خيبة أمله من أداء حكومة الوفاق التي كان يعوّل عليها اليمنيون الكثير، مستدركاً: «صحيح أنكم ورثتم تركة ثقيلة لكن هذا لا يبرر الإخفاق».
وانتقد الشامي رمي كل وزارة لها دور في توفير المشتقات النفطية المسؤولية على الوزارة الأخرى، فوزارة النفط تقول إن وزارة المالية لم تُسلم الدعم الحكومي، والأخيرة تحمل وزارة الدّفاع مشاكل الاعتداءات على أنابيب النفط.
النائب الزنداني: تحقيق الأمن مطلوب في محافظات صعدة وحجة والجوف والمحويت وليس في أبين وشبوة فقط وقال الشامي إنه إذا ما تم استبعاد البُعد السياسي وراء أزمة المشتقات فإن السّوء الإداري هو السبب في تواجدها في السوق السوداء وشحتها في المحطات الرسمية.
وتساءل: «أين القوات المسلحة تجاه أعمال التخريب؟ وأين إجراءاتها تجاه جرائم الاغتيالات والاستهداف المستمر لأبناء الجيش والأمن؟».
وذكّر الشامي أعضاء الحكومة وزملاءه بذكرى مجزرة السبعين التي أودت بحياة العشرات من الجنود وصادفت نفس تاريخ جلسة أمس، منتقداً الحكم الصادر ضد المتهمين والذي يقضي بسجنهم لست سنوات فقط.
وتحدث عن دور الحكومة في تقليص القوى النافذة في البلد، والحد من فسادها المتمثل في احتكارها عشرات الوظائف والمرافقين, طالباً من أعضاء المجلس ضرب نموذج في ذلك والتخفيف من مظاهر المواكب المسلحة التي ترافقهم.
وتساءل الشامي الذي كان يتحدث وسط إصغاء غير مسبوق في قاعة البرلمان، عمّن يقف وراء عرقلة تطبيق نظام البصمة بهدف إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف المُزدوجة والوهمية التي ستوفِّر من ميزانية الدولة.
وقال رئيس كتلة الإصلاح إن الحكومة الحالية والحكومات السابقة لم تتمكّن من وضع مشروعات تستوعب القروض والمساعدات، أبرزها مشروع خط عمران – عدن.
النائب الشايف يطالب بتوقيف الحرب على القاعدة لكي لا تندم السلطات عليها مثل ندمها على حروب صعدة واختتم الشامي بقوله: «إن البلد يعيش في وضع استثنائي ويحتاج إلى مسؤولين استثنائيين وإن السيل قد بلغ الزبى، ولا بد من وقفة جادة تذهب معاناة المواطن وحزنه».
رئيس كتلة المؤتمر النائب البركاني لم يختلف مع ما طرحه الشامي والنواب من قبله، فقد وافقهم حول إخفاقها وخالفهم في ضرورة تخيير الحكومة بين «أن تصوِّب مسارها أو يتم تغييرها».
وقال إن المشترك وشركاءه والمؤتمر وحلفاءه أخطأوا التقدير في اختيار الوزراء، الذين لم يحركوا ساكناً تجاه أزمة المشتقات لأكثر من خمسة أشهر مضت، وغابوا –حسب البركاني- في وقت تزداد فيه أعمال التخريب والاعتداءات والقتل.
ووافق غالبية النواب على مقترح رئيس المجلس يحيى الراعي بتشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة، بحيث تتكون من رئاسة البرلمان وأعضاء اللجان ورؤساء الكتل فيه، مع رئيس الحكومة ووزراء معنيين يختارهم بنفسه، لتلتئم اللجنة يوم السبت القادم وتضع جُملة من الحلول للمشاكل العاجلة كأزمة المشتقات ومعالجة الاختلالات الأمنية.
وحدد المجلس جلسة الاثنين القادم موعداً لعرض تلك الحلول على أعضاء البرلمان، وتقديم إجابات شافية من قبل الوزراء غير التي قُدموها قبل يومين على أسئلة الاستجواب.
وهدد البرلمان الحكومة في حال تنصلها عن ذلك بسحب الثقة منها في جلسة الخميس، وفقاً للائحة الداخلية التي تمنحهم الحق في ذلك بعد مرور أسبوع من استجوابها.